الخميس، 23 يناير 2020

لهذا السَبب يطعنونك بسكاكينهِم

بقلم:

رافع آدم الهاشميّ

كُلُّنا نحنُ أَصحابُ القُلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ، تعرَّضنا في حياتِنا إِلى طعناتِ سكاكينِ الغادرين، طعنةٌ تلوَ أُخرى، مِنَ الشديدةِ إِلى الأَشدِّ مِنها، وَ ما كانَ يؤلِمُنا كثيراً، ليسَ هُوَ الطعناتُ بحدِّ ذاتِها، فللطَعناتِ آلامُها وَ جِراحُها النازِفَةُ الّتي يُمكِنُها أَن تتعافى يوماً ما، عاجِلاً أَو آجِلاً، وَ لا هُوَ الحَديثُ عنها أَمامَ الباحثينَ عنِ الحقيقةِ، فالحَديثُ عنها يكونُ مناراً يكشِفُ طريقَ الباحثينَ عَنِ الحقيقةِ كي يعتبروا مِمَّا وقعنا فيهِ كَرهاً لا رغبةً مِنَّا في الوقوعِ فيهِ، فلا يُصيبُهُم ما أَصابنا مِن أُولئك الغادرينَ وَ أَمثالَهُم أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا، إِلَّا أَنَّ الّذي لا يُمكِنُ لأَحدٍ علاجهُ وَ جلبِ العافيةَ لَهُ أَبداً، هُوَ أَنَّ الطعناتَ هذهِ قَد أَتتنا مِن أَقربِ النَّاسِ إِلينا، أَو: هكذا ظنناهُم حينها، كُنَّا نظنُّ أَنَّ الّذين أَحببناهُم بصدقٍ، هُم أَيضاً يُحبوننا كذلكَ..
- لكن!
تبيَّنَ لنا لحظةَ طعناتهِم لنا بسكاكينهِم الغادرةِ أَنَّهُم أَلدُّ أَعدائِنا، بل أَنَّهُم أَلدُّ أَعداءِ الإِنسانيَّةِ وَ أَعداءُ الله!
هذهِ الطَعناتُ الّتي أَتتنا في قلوبنا النقيَّةِ الطاهرةِ البريئةِ، كَونها جاءَتنا مِن أَشخاصٍ افترضناهُم أَنَّهُم مقرَّبونَ إِلينا؛ لِمُجرَّدِ أَنَّ الّذي يربطُهِم بنا هُوَ صِلةُ قرابةٍ، نسباً كانَ أَو سَبباً، أَو صِلةُ صداقةٍ حتَّى، أَو أَيُّ صِلةٍ قريبةٍ أُخرى، هُوَ ما سببَ لنا أَشدَّ الآلامِ مُنقطِعةِ النضيرِ، وَ هُوَ الّذي أَبكانا بُكاءً مريراً قاتِلاً!
- كيفَ يطعنُنا مَن أَحببناهُم؟!
- ما الّذي فعلناهُ لَهُم هؤلاءِ الغادرينَ كيَ يطعنوا قلوبنا النقيَّةَ الطاهرةَ بسكاكينِهِم الغادرة؟!
- لماذا يُجازوننا الكَذِبَ وَ الغَدرَ وَ الخيانةَ مُقابلَ الصِدقِ وَ الوفاءِ وَ الأَمانةِ الّتي أَعطيناهُم مِنَّا؟!
هكذا نسأَلُ أَنفُسَنا مِراراً وَ تِكراراً، وَ نحنُ نُقاسي آلامَ طعناتهِم، وَ نُعاني حُرقةَ دموعنا وَ هيَ تجري على كُلِّ جُزءٍ فينا معَ كُلِّ شهقةٍ تشهَقُها أَنفاسُنا الْمُسَجَّاةُ على فِراشِ البؤسِ وَ الأَحزان!
بغضِّ النظرِ عَن درجةِ قُربِ الّذينَ طعنونا، سواءٌ كانَ الطاعنونَ هُما الوالِدانِ أَو أَحدِهما، أَو حتَّى غيرِهما أَيَّاً كانوا، تبقى طعناتُهُم تُبكينا أَلماً وَ مرارةً، وَ تجعلُنا نتساءَلُ باستمرارٍ:
- لماذا طعنونا بسكاكينهِم الغادرة؟!
بعضُنا لا يتحمَّلُ آلامَ هذهِ الطَعناتِ، فيكونُ فريسةَ اليأَسِ مِنَ الحياةِ، لتنتهي قصَّةَ وجودهِ في هذهِ الدُّنيا عبرَ إِحدى طُرقِ الانتحار!
وَ بعضُنا يُحاولُ أَن يُقاوِمَ اليأَسَ حتَّى الرمقِ الأَخيرِ فيهِ، إِلَّا أَنَّ فَقدانهُ الثقةَ بالآخرينَ، هُوَ ما يجعلُهُ يختارَ العُزلةَ عن كُلِّ شيءٍ في الحياةِ، ليكونَ حَبيساً بينَ جُدرانٍ أَربعةٍ، مُختاراً الموتَ لوحدهِ معَ أَحزانهِ وَ آلامهِ؛ إِثرَ انعدامِ الْحُبِّ أَمامَ قلبهِ الْمُحِبِّ الطاهرِ النقيِّ!
وَ هذا بالضبطِ ما يُريدُهُ لنا الطاعنونَ الغادرونَ، أَن نموتَ بأَيِّ وسيلةٍ كانت؛ لتخلو طُرُقاتُهُم مِنَّا، فيتمكّنوا بذلكَ أَن يعيثوا في الأَرضِ فساداً وَ إِفساداً دُونَ رادعٍ لَهُم أَو مُمانعٍ أَيَّاً كان.
- فَهل نُحقِّقُ لَهُم ما يُريدونَ هؤلاءِ الغادرونَ وَ الغادراتُ؟!
- أَنموتُ نحنُ الأَنقياءُ الأَتقياءُ؛ وَ نتركُ الأَرضَ للمُنافقينَ وَ الْمُنافقاتِ؟!!
- أَم نتماسَكُ معَ أَمثالِنا ذوي القلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ؛ لنكونَ معاً كالبُنيانِ المرصوصِ يشدُّ بعضُنا بعضاً؟
وَ تبقى قلوبُنا البريئةُ تبحثُ عن السببِ الّذي أَدَّى بهؤلاءِ الغادرينَ أَن يطعنوننا بسكاكينهم تلك!
مِمَّا قَد يَغيبُ عنَّا نحنُ الصادقونَ وَ الصادِقاتُ، في فترةِ الجِراحِ إِثرَ تلكَ الطَعناتِ، هُوَ أَنَّ أُولئكَ الغادرينَ إِنَّما طعنوننا لأَنَّنا الأَنقياءُ الأَتقياءُ، وَ لأَنَّهُم ذو قلوبٍ سوداءٍ، فهُم لم وَ لا وَ لن يعرفوا شيئاً غيرَ الجحودِ وَ الحقدِ وَ الحسدِ وَ الكراهيةِ لِكُلِّ شيءٍ طاهرٍ نقيٍّ في هذهِ الحياةِ، فَهُم نجَسٌ بكُلِّ ما تحمِلُهُ الكلِمَةُ مِن معنى، وَ لأَنَّ الدُّنيا دارُ ابتلاءٍ, وَ الآخِرَةُ دارُ استواءٍ، لذا كانتِ النتيجةُ الحتميةُ لنا وَ لأَمثالِنا جميعاً أَن نكونَ في اِبتلاءٍ مُتعدِّدِ الدَرجاتِ!
البلاءُ؛ هُوَ: الغَمُّ وَ الحُزنُ، وَ الجُهدُ الشديدُ في الأَمرِ، وَ هُوَ اختبارٌ يكونُ في الخيرِ أَو الشَرِّ، وَ مِنَ البَلاءِ يكونُ الابتلاءُ؛ الّذي هُوَ اختبارُ الإِنسانِ على الصبرِ عبرَ الْمِحَنِ وَ الشدائدِ أَيَّاً كانت، وَ مِمَّن كانت، وَ لأَنَّنا نحنُ الصادقونَ وَ الصادقاتُ مؤمنونَ وَ مؤمناتٌ، كانَ لا بُدَّ لنا مِنَ الاختبار؛ حتَّى نرتقي سُلَّمَ الارتقاءِ الروحيِّ نحوَ الله، وَ كُلَّما ارتقينا أَكثر، كانَ اقترابُنا إِلى اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَكثرَ فأَكثر..
يقولُ الحَبيبُ الْمُصطفى الصادِقُ الأَمينُ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيار وَ سلَّم تسليماً كثيراً، وَ عليهِ وَ عليهُم السَّلامُ جميعاً وَ روحي لَهُ وَ لَهُم الفِداءُ):
- "مَا يَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَ الْمؤمِنَةِ في نَفسِهِ وَ ولَدِهِ وَ مَالِهِ حَتََّى يَلْقَى اللَّه تَعَالَى وَ مَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ".
[رواهُ الترمذيُّ رحمةُ اللهِ تعالى عليه]
وَ أَمَّا الّذينَ ظلمونا بغدرهِم إِيَّانا، فإِنَّ ما فعلوهُ بنا دَليلٌ أَكيدٌ على حقيقتِهِم الّتي أَخفوها عَنَّا حتَّى لَحظةِ طعناتهِم قلوبنا، وَ الّتي لا زالوا يخفونها عَنِ الآخَرين، ناسينَ أَو مُتناسينَ الآيةَ الشَّريفَةَ الّتي تقولُ صراحةً:
- {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}.
[القُرآن الكريم: سورة الكهف/ الآية (7)]
إِلَّا أَنَّ الّذي يُزيدُنا إِصراراً على التمسُّكِ بنقاءِ قلوبنا، وَ يحثُّنا حثَّاً على الاستمرارِ بتقوانا الله، هُوَ أَنَّ الدُّنيا مهما ضاقَت أَوِ اتَّسَعت فهيَ زائلةٌ لا محالة، وَ أَنَّ الأَعمارَ في حياتنا الأُولى هذهِ مهما طالَت فهيَ قصيرةٌ جدَّاً، بل هيَ لا شيءَ أَمامَ خلودنا في حياتنا الآخِرة، وَ أَنَّ يومَ الحِسابِ آتٍ لا ريبَ فيهِ:
- {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَ الْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ، يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَ لَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ، فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ}.
[القرآن الكريم: سورة الحديد/ الآيات (12 – 15)]
لأَجلِ هذا، كانَ وَ لا يزالُ وَ سيبقى:
- {الْمُنَافِقُونَ وَ الْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَ الْمُنَافِقَاتِ وَ الْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَ لَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ، كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوَالاً وَ أَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَ خُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الآَخِرَةِ وَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
[القرآن الكريم: سورة التوبة/ الآيات (67 – 69)]
إِذاً:
- ما الّذي يَجِبُ عَلينا فعلُهُ نحنُ المطعونونَ بسكاكينِ الغادرين؟
علينا أَن نمسحَ دموعنا بتفويضِ أَمرِنا إِلى الله، بأَن نبدأَ حياةً جديدةً بعيدةً عَن جميعِ أُولئكَ الطاعنينَ أَيَّاً كانوا، إِذ يكفينا فَخراً وَ اعتزازاً أَنَّ اللهَ يُحبُّنا حُبَّاً جَمَّاً حينَ كشفَ لنا الْمُنافقينَ وَ الْمُنافقاتِ على حقائقِ ذواتهِم، وَ كانَ لِزاماً لطعناتِ سكاكينهِم الغادرةِ تلكَ أَن تخترقَ قلوبنا النقيَّةَ الطاهرةَ؛ حتَّى نصحو مِن خِداعِهم لنا طيلةَ الفترةِ السابقةِ لطعناتهِم هذهِ، طالَت تلكَ الفترةُ أَو قصُرَت، المهمُّ هُوَ أَن نصحو مِن خداعِهم، وَ أَن نعلمَ عِلمَ اليقينَ أَنَّهُم قَد استغلّوا طيبةَ قلوبنا، وَ قَد حانَ الأَوانُ لقطعِ هذا الاستغلالَ عَن بكرةِ أَبيهِ جُملةً وَ تفصيلاً، فَمَن يرانا مَطيَّةً لديهِ لِمُجرَّدِ أَنَّنا أَنقياءٌ أَتقياءٌ، لا يستحقُّ مِنَّا أَدنى التضحيةِ وَ الإِيثارِ بالنَّفسِ، مهما كانت درجةَ الوصلِ بينَ الطَرفينِ، وَ إِنَّما الّذينَ يستحقُّونَ مِنَّا كُلَّ التضحيةِ وَ الإِيثارِ بالنَّفسِ هُم أَمثالُنا الأَنقياءُ الأَتقياءُ ذوي القلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ، بغضِّ النظرِ عَن درجةِ قربهِم أَو بُعدِهم عنَّا لا ابتعادهم مِنَّا، وَ بغضِّ النظرِ عن عِرقِهم أَو انتمائهِم أَو عقيدتهم، وَ بغضِّ النظرِ عن جنسهِم حتَّى (ذكوراً كانوا أَو إِناثاً).
- لهذا السَبب يطعنونك بسكاكينهِم!
هُم جاحِدونَ، حاقِدونَ، حاسِدونَ، وَ قَد كشفهُم اللهُ لنا بطعناتهِم تلك، فللهِ الحَمدُ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ على كُلِّ حالٍ مِنَ الأَحوالِ.
لذا: ما خلَقنا اللهُ ليُبكينا، حاشاهُ رَبُّنا القُدُّوسُ السُّبوحُ، إِنَّما الْمُنافِقونَ الْمُخادِعونَ الظالمونَ هُمُ الّذينَ أَبكونا؛ بعدَما جرحوا قلوبنا البريئةِ النقيَّةِ الطاهرةِ بسكاكينِ كذبهِم وَ غدرهِم وَ خيانتهمِ لصِدقِنا وَ وفائنا وَ أَمانتِنا معَهُم وَ معَ الجميعِ على حدٍّ سواءٍ؛ حِقداً مِنهُم على نقائِنا وَ حَسَداً مِنهُم في تقوانا الله، فحَسبُنا اللهُ فيهِم جَميعاً وَ نِعمَ الوكيلِ..
- {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فِيهِ الأبصَارُ}؛..
[القرآن الكريم: سورة إِبراهيم/ آخِر الآية (42)]
- {لِتُجزَى كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت وَ هُم لاَ يُظلَمُونَ}،..
[القرآن الكريم: سورة الجاثية/ آخِر الآية (22)]
- {وَعدَ اللهِ حَقّاً وَ مَن أَصدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً}؟!..
[القرآن الكريم: سورة النِّساء/ آخِر الآية (122)]
- فهَل لنا غيرُ اللهِ مَلاذٌ آمِنٌ نحتمي بحماهُ؟!
إِذاً: فلتصدَحُ نبضاتُ قلوبنا كُلَّ صباحٍ قائلةً دُونَ انقطاعٍ: صَباحُ الأَملِ وَ الثقةِ بالله.
.......
(22/1/2020)

الثلاثاء، 21 يناير 2020

المطرب محمد التونسي والفنانة سماح منير ضيوف برنامج اسرار والنجوم علي قناة مايسترو غدا الجمعة

كتب وليد محمد

تسضيف المطربة والاعلامية اسرار الجمال في حلقة الغد من برنامج اسرار والنجوم المذاع علي قناة مايسترو المطرب الشاب محمد التونسي والفنانة سماح منير في حلقة ملي بالكشف عن المشروعات الفنية المقبلة قصة صعودة في عالم الفن والغناء والانشطة المجتمعية التي يقومون بها ورصد التجارب الصعبة والجميلة التي واجهتم في حياتهم العملية والشخصية برنامج اسرار والنجوم من اعداد وتقديم اسرار الجمال واعداد وسوشيال ميديا وليد محمد وانتاج شركة ستار لاييت مصطفي بدران والوكيل الاعلاني مصطفي السبكي اخراج مصطفي كامل

،،،،،كسر للخاطر،،،،،،،


وسر الوجود..يضيئ لليل نور فيصبح
نهارا قنديل..وللنهار مسكن لكل الموجعين
هو سفينه النجاة كسفينه نوح
تحمل كل زوجين ومعها كل الهموم
فعندما يبكى المظلوم
فأعلم قرب القيامة تقوم
جفاف العين من الدموع
ذنوب قتلت الشجون
هناك دموع تميت القلوب
ودموع تحيئ قلوب
هناك من يولد
ولكن بلا روح
فتحي موافي الجويلي
١٦/١/٢٠٢٠

حديث النفس..


ولا بالحزن يأتينى إنشراح
هموم قد نأت بالفرح عني
وذنب طارد نوما بعيني
كتمت السر بين ضلوع صدري
عسى ربى بقدرته يعني
هل الكلمات أهون إذ تقال؟
أم الكتمان يكفيني بظني؟
سألت النفس. هل يا نفس انت؟
أنت نفسى أنت؟؟
أم ظننت!؟
ولم أسمع بها أبدا تجيبني
برغم إطالتى عذرا أجيبني
ولكن النفوس قد اطمأنت
إليك الرد... أرجو أن تدعني
حديث النفس دوما ليس سوءا
ودفع النفس للشيطان همي
فنفسك عندما تمسك فدعها
فقد فارقت شيطانا وجني
تحين. حين تأتيك الحقوق
علي استعداد دوما أن تؤدي
فإن أحسنت فاهنأ ملء عينيك
أما إن أسأت فليس مني..
فتحى موافي الجويلي.
١٧/١/٢٠٢٠

رباعيات الأحزان (( ياليل )) ( للحزن في قلبي مكان )

ياليل مالوش آخر
حزن القلوب مكتوب
الحمل علي الآخر
غالب ولا مغلوب
عايشين في دوامه
والصبر ماله حدود
في عنينا دموع ياما
باب الحنين مردود
التوها وخدانا
في سكة الترحال
الصرخه جوانا
بخت العليل أهو مال
ياليل ليالينا
ضلمة وسواد مكتوم
أمتي ترسينا
قلبي الحزين مظلوم
ياليل ملامحنا
تعبنا من المشوار
طول عمرنا وأحنا
الشوق كوانا مرار
ياليل مدوبنا
والقلب دايب دوب
لأمتي غربتنا
حكم القدر مكتوب
ياليل أحلامنا
وهم السراب مسجون
سرقانا أيامنا
طعم الحياه بلا لون
ياليل مالوش آخر
حزن القلوب مكتوب
الحمل علي الآخر
والضرب بالمركوب
فارس الليل الحزين
محمد عطية محمد
18/1/2020

طوق نجاة


قلبي مفتورا. يحتاج حياة
مكسورا يحتاج مناجاة
يا حورية أنى أشتاق
فعندما أقول أشتاقك
فأشتاق
خبرينى كيف القاك
وأصدقى قلبي دقاتة
وداوي كل جراجه
واعزفي لحن الغرام
بنبض وشريان
ولا تجرحى الفؤاد
فأنت له دواء
يقولون عنك مجنونة
ليس لك أمان
فكيف بمقتول يصدق
هذا الكلام
وكيف بمجروح يحبك
يتوة عقلة عن الإحساس
وعن شمس تضيئ كالنجوم
كل إرجائي إركاني وجداني
أنا لست بمجنون
ولكني ولدت من
جديد...
فتحي موافي الجويلي
١٨/١/٢٠٢٠

أَحسَنُ خُطوَةٍ وَ أَفضَلُ قَرارٍ

بقلم:

رافع آدم الهاشميّ


حينَ نولَدُ على هذهِ الأَرضِ، فإِنَّنا نكونُ مُجبرينَ لا مُخيَّرينَ..
- فمَن مِنَّا اِختارَ والديهِ؟!
- وَ مَن مِنَّا اِختارَ مكانَ وِلادتهِ؟!
- وَ مَن مِنَّا اِختارَ اِسمَهُ الّذي يُناديهِ بهِ الآخَرونَ مُنذُ لحظةِ الوِلادَة؟!
- وَ مَن مِنَّا اِختارَ أَصلَهُ وَ نسَبَهُ وَ أَقاربَهُ؟!
- وَ مَن مِنَّا اِختارَ الثديينِ الّذينِ يُرضِعانهِ مِن اِمرأَةٍ يُفتَرَضُ بها أَن تكونَ لَهُ أُمَّاً؟!
مُنذُ وُلِدنا وَ نحنُ مُحاطونَ بقيودٍ تُجبرُنا على الرضوخِ إِليها كَرهاً لا طواعيَّةً! حَتَّى المعلوماتَ الّتي كُنَّا نُغذِّي بها عقولَنا مُنذ لحظةِ الوِلادَةِ، كُنَّا مَجبرينَ عليها؛ إِذ أَنَّ الْمُجتمَعَ الّذي وُلِدنا فيهِ قسراً، هُوَ الّذي يختارُ لنا تلكَ المعلوماتَ، وَ هُوَ الّذي يتحكَّمُ فينا تحكُّماً جبريَّاً يجعلُنا لا نُبصِرُ شيئاً مِنَ الحياةِ سِواهُ، وَ إِذا حاولنا يوماً أَن نبحثَ عَنِ الحَقيقةِ، انتفضَ مُجتَمَعُنا ذاكَ اِنتفاضَ الْمُفتَرِسِ الْجَريحِ؛ لينقضَّ علينا اِنقِضاضاً صارِخاً؛ لنرى أَنفُسَنا أَمامَهُ بينَ أَمرينِ اِثنينِ لا ثالثَ لَهُما مُطلَقاً: إِمَّا أَن ننصاعَ لأَمرهِ انصياعَ العَبدِ الذليلِ لأَسيادهِ الْجَبابرةِ الْطُغاةِ الظالمينَ، بأَن نرى ما يُريدَنا أَن نراهُ فقَط، وَ هُوَ أَنَّ الحقَّ معَهُ هُوَ دُونَ غيرهِ مِنَ البشرِ أَيَّاً كانوا، وَ إِمَّا أَن نتعرَّضَ للاضطِهادِ وَ الترهيبِ وَ التنكيلِ وَ التشريدِ وَ القتلِ الْمُتَعَمَّدِ معَ سَبقِ الإِصرارِ مِنهُ وَ الترصُّدِ!
الأَمرُ الّذي يجعلُنا نشعرُ بخيبةِ الأَملِ، وَ يُذيقُنا مَرارَةَ الأَلَمِ إِلى أَقصى درجاتهِ، حينَ نكتشِفُ أَنَّ الّذينَ أَحببناهُم بصدقٍ وَ ظَنَنَّا أَنَّهُم يحبوننا أَيضاً، هُم الّذينَ يضطهِدوننا! هُم الّذينَ يُرهِبوننا! هُم الّذينَ يُنَكِّلونَ بنا! هُم الّذينَ يُجبروننا على أَن نكونَ مُشرَّدين! هُم الّذينَ يُريدونَ قَتلَنا معَ سبقِ الإِصرارِ وَ الترصُّدِ، رَغُمَ أَنَّ الّذي بيننا وَ بينهم صِلَةُ رَحِمٍ، أَو هكذا يُفترَضُ أَن يكونَ!
قبلَ أَن أُولدَ في بغدادَ، وَ لَيتني لَم أَكُن قَد وَلِدتُ فيها، بل لَيتني لَم أَكُن قَد أَتيتُ إِلى هذهِ الدُّنيا مُطلَقاً، قبلَ وِلادتي بدقائقٍ قليلةٍ جدَّاً، كانتِ المرأَةُ الّتي حملَتني ببطنِها هيَ الّتي تُريدُ قتليَ! هيَ الّتي تُريدُ مِنَ الطَبيبةِ الْمُختصَّةِ آنذاكَ أَن تُجهِضَها لتشتري ثمناً قليلاً مُقابلَ قتليَ! وَ شاءَت إِرادَةُ اللهِ أَن أُولدَ، رَغمَ أَنَّ الطَبيبةَ تلكَ قَد وافَقَت والدَتي على قتلي أَيضاً، إِلَّا والدي هُوَ الّذي أَصرَّ إِصراراً على منعهِما اِرتكابَ جريمةَ القتلِ تلك! فجئتُ إِلى الدُّنيا بيدينِ مشلولتينِ تماماً؛ لأُعانيَ مُنذُ لحظةِ ولادتي أَشدَّ الآلامِ قسوةً يُعانيها طِفلٌ صغيرٌ على مدى شهرينِ مُتتالينِ مِن لحظةِ ولادتهِ! حتَّى شاءَ اللهُ أَن يُعجِزَ خَلقَهُ جميعاً، وَ يُثبتُ للعالَمِ أَجمعٍ أَنَّ إِرادتهُ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ فوقَ إِرادةِ الجميعِ، حيثُ أَعادَ إِليَّ يديَّ بلمحِ البصرِ وَ هُما تنعُمانِ بالْمُعافاةِ تماماً، بعدما كانتا عاجزتينِ عنِ الحركةِ برمُتهِما، وَ قَد حدثتِ الْمُعجزَةُ الإِلهيَّةُ هذهِ أَمامَ مئاتٍ مِنَ الشهودِ وَ العَيانِ.
مُنذُ تلكَ الْمُعجزِةِ، وَ قَد اِزدادَت مُعاناتيَ أَكثرَ فأَكثرَ بكثيرٍ، في بلدِ الشِقاقِ وَ النِّفاقِ وَ مساوئ الأَخلاقِ، في العراقِ الّذي لَم أَجِد فيهِ إِلَّا قلَّةً قليلةً جدَّاً مِمَّن هُم مَغلبونَ على أَمرِهِم، ما بينَ مؤمنٍ وَ مؤمنةٍ ضِعافٍ، وَ ما بينَ غافلٍ وَ غافلةٍ نيامٍ! ليقُدِّرَ اللهُ ليَ أَن تكونَ خالتي (حليمة) هيَ أُمِّيَ الّتي أَرضعتني مِن ثدييها الطاهرتينِ، وَ هيَ الّتي غذَّتني وَ رَعتني وَ ربَّتني، لتبقى والدتي (خديجة) مُجرَّدَ حاضِنةٍ ليسَ إِلَّا! لكن! أَيُّ حاضِنة هذهِ؟!
هيَ كغيرِها مِن نسبةٍ غيرِ قليلةٍ في العراق، ساهمَت باضطهاديَ وَ السعي الحثيثِ إِلى قتليَ، لِمُجرَّدِ أَنَّني قررتُ الاختيارَ، اختيارَ اللهَ معبوداً لي وَ ليسَ أَحداً مِنَ البشرِ أَيَّاً كانَ، حتَّى وَ لو كانَ مِن أَصحاب العَمائمِ وَ اللحى الطويلةِ العَريضةِ! لأَنَّني اخترتُ فطرتي الإِنسانيَّةَ السَّليمةَ الّتي فطرني اللهُ تعالى عليها، فجعلَني وَ كُلَّ البشرِ سواسيةً كأَسنانِ المشطِ، لا فَضلَ لأَحَدٍ فينا على آخَرٍ إِلَّا بتقوى الله، يكَمِّلُ أَحدُنا الآخَرَ، فنكونُ كالبُنيانِ المرصوصِ يشدُّ بعضُنا بعضاً، لِمُجرَّدِ أَنَّني أَعلنتُ نتائجَ بحثيَ عنِ الحقيقةِ، لِمُجرَّدِ أَنَّني اكتشَفتُ خِداعَ ذلكَ الْمُجتمعِ لي وَ للجميعِ قاطبةً دُونَ استثناءٍ، بأَن جعلَ الغالبيَّةَ طوائِفاً وَ أَحزاباً، بأَن صيَّرَهُم مُسيَّرونَ وراءَ ذو عِمَّةٍ (عَمامةٍ) أَيَّاً كانَ صاحِبُ العَمامةِ هذهِ، إِن قالَ، قالوا مَعَهُ أَيضاً، وَ إِن صَمَتَ، صَمَتوا مَعَهُ أَيضاً، دُونَ مُراعاةٍ للفِطرةِ الإِنسانيَّةٍ السَّليمةِ قَطّ!
ما أَن أَعلنتُ فيهِم نتائجَ بحثيَ عَنِ الحقيقةِ قائلاً ما قالَهُ جدِّيَ الْمُصطفى الحَبيبُ رسولُ اللهِ (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ):
- "لا ترجِعوا بَعديَ كُفَّاراً يَضرِبُ بعضُكُم رِقابَ بَعضٍ".
- "أَلا أُخبرُكُم بالمؤمنِ؟ مَن أَمِنهُ النَّاسُ على أَموالِهم وَ أَنفُسِهم، وَ الْمُسلِمُ مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لسانهِ وَ يَدهِ، وَ الْمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نفسَهُ في طاعةِ اللهِ، وَ الْمُهاجِرُ مَن هَجرَ الخطايا وَ الذَّنوب".
ما أَن أَعلنتُ فيهِم هذهِ الحقيقةَ ناصعةَ الجَبينِ، حتَّى بدأَت مرحلةُ مُعاناتيَ تزدادُ شِدَّةً يوماً تلوَ الآخَرِ، وَ ساعةً بعدَ أُخرى، وَ لحظةً إِثرَ أُختِها، حتَّى اضطررتُ مُجبراً أَن أُهاجِرَ هجرةً أَبديَّةً إِلى سوريَّةَ الحَبيبةَ الّتي هيَ إِحدى مواطنِ أَجداديَ الأَطهارِ (عليهمُ السَّلامُ جميعاً وَ روحي لَهُم الفِداءُ)، لتحتضِنني دمشقُ بينَ ثناياها الطاهرة..
- حقَّاً إِنَّنا أُجبـِرنا على ما أُجبـِرنا عليهِ لحظةَ وِلادتِنا، لكنَّنا حينَ أَصبَحنا بالِغينَ نعي الأَشياءَ، صارَ واجباً علينا الاختيارُ، أَن نختارَ الحقَّ وَ الحقيقةَ بعينهِما، وَ لا شيءَ غيرَ الحقِّ وَ الحقيقةِ مُطلَقاً..
- صارَ واجباً علينا أَن نختارَ اللهَ، وَ لا نختارَ غيرَ اللهِ مُطلَقاً؛ لأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَ هُوَ الحَقيقةُ، وَ ما دُونَ اللهِ وَهمٌ زائلٌ ليسَ إِلَّا، إِن لَم يَكُن على صِلةٍ بالحَقِّ وَ الحَقيقةِ اللّذانِ هُما اللهُ الإِلهُ الخاِلقُ الطاهِرُ الْمُنَزَّهُ عَن كُلِّ نقصٍ وَ عَيبٍ.
ما زادَني أَلماً، أَن أَكتشِفَ أَنَّ الأَقرباءَ جُلُّهُم مِمَّن انصاعوا لأَوامرِ ذلكَ الْمُجتمعِ الآمرِ الناهي، ضاربينَ عرضَ الحائطِ كُلَّ أَوامرِ وَ وصايا جَدِّيَ الْمُصطفى الصادقِ الأَمينِ (صلَّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهارِ وَ صحبهِ الأَخيارِ، وَ عليهِ وَ عليهِم السَّلامُ جميعاً، وَ روحي لَهُ وَ لَهُم الفِداءُ)، وَ الأَكثرُ أَلماً أَنَّ مِن بينِ الْمُنصاعينَ هؤلاءِ هي والدتي، الّتي لا زالَت تُطارِدُني حتَّى السَّاعَةَ بكُلِّ ما أُوتيَت مِن مَكرٍ وَ خُبثٍ وَ نِفاقٍ؛ تحاوِلُ بذلكَ قتليَ، لتتقرَّبَ بي قُرباناً بخساً لمعبودِها البشريِّ الفاني! دُونَ أَن تكتفي باغتصابها كُلَّ حُقوقيَ وَ استحقاقاتيَ الّتي تزيدُ أَقيامُها الماديَّةُ عَن بضعِ ملايينٍ مِنَ الدولاراتِ!
وَ رَغمَ أَنَّني أَمتلِكُ كُلَّ الوثائقِ القانونيَّةِ وَ الشرعيَّةِ وَ العُرفيَّةِ الّتي تُمكِنُني من استرجاعِ حقوقيَ وَ استحقاقاتيَ تلكَ بالطُرقِ القانونيَّةِ الأَصيلةِ، بكُلِّ شفّافيَّةٍ وَ وضوحٍ، إِلَّا أَنَّني اِخترتُ أَن أُفوِّضَ أَمريَ إِلى اللهِ فيها وَ في أَعوانها الظَلَمةِ جميعاً؛ انصياعاً منِّي للآيةِ الشَّريفةِ الّتي تقولُ:
- {وَ بالوَالِدَينِ إِحسَاناً}.
[القُرآن الكريم: سورة البقرة/ من الآية (83)، وَ: سورة النِّساء/ من الآية (36)، وَ: سورة الأَنعام/ من الآية (151)، وَ: سورة الإِسراء/ من الآية (23)]
إِذ لو سلكتُ طريقَ القانونِ لاسترجاعِ حقوقيَ وَ استحقاقاتيَ، لكانتِ النتيجةُ الحتميةُ المؤكَّدةُ هُوَ إِعدامُها أَو سَجنُها كأَدنى عُقوبةٍ لها؛ بتُهَمٍ مؤكَّدةٍ عَديدةٍ لا محالة، منها (على سبيلِ المثالِ الواقعيّ لا الحصر): السرقةُ وَ التزويرُ وَ خيانةُ الأَمانةِ وَ التغريرُ بالآخَرينَ وَ قتلُ الأَنفسِ البشريَّةِ أَيضاً.
- فَهل يوَجَدُ إِحسانٌ مِنِّي تجاهَ والدتي أَكثرَ مِن هذا الإِحسانِ حَيثُ أَجبرتُ نفسيَ وَ عائلتي على العَوزِ وَ الحرمانِ وَ الغُربةِ وَ الاغترابِ وَ تركتُ حسابَها على اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ بكُلِّ تاريخها وَ حاضرِها الأَسودِ اللعينِ قائلاً فيها وَ في كُلِّ أَعوانها الظالمينَ وَ الظالماتِ: حَسبيَ اللهُ وَ نِعمَ الوكيلِ، {أُفَوِّضُ أَمرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}؟!
ما زادَني أَلماً أَكثر، أَن أَكتشِفَ أَنَّ الكثيرينَ في كُلِّ الْمُجتمَعاتِ قاطبةً دُونَ استثناءٍ، كوالدتي تماماً، يعيثونَ في الأَرضِ فساداً وَ إِفساداً؛ بانصياعِهم الأَعمى لمعبودهِم البشريِّ الفاني أُسوةً بفنائهِم لا محالة، لأُعانيَ الاضطِهادَ مُجَدَّداً وَ بشكلٍ مُستمرٍّ، إِنَّما: على أَيدي آخَرين، وَ في أَزمنةٍ وَ أَماكنٍ أُخرى!
في جُعبتي الكثيرُ مِنَ الوقائعِ الممتلئةِ بالكثيرِ مِنَ الحقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرار، كما في قلبيَ الكثيرُ مِنَ الآلامِ وَ الجِراح، مِمَّا لا أَزالُ أَحتفِظُ بهِ دُون أَن أَبوحَ بشيءٍ منهُ حتَّى يومِنا هذا، آهاتٌ كثيرةٌ تنتفِضُ بداخلي، وَ صرخةٌ كُبرى متوقِّدَةٌ في بُركانٍ خامدٍ يوشِكُ على الانفجارِ، إِلَّا أَنَّني اتِّخذتُ قراراً لا رجعةَ لي عنهُ أَبداً، ليسَ هُوَ الانعِزالُ، إِذ أَنَّ الانعزالَ يعني الابتعادَ كُليَّاً عنِ البشرِ قاطبةً طلباً للراحةِ منهُم، بل: هُوَ الاعتكافُ، الّذي هُوَ الاعتزالُ لا الانعزالُ، وَ الّذي هُوَ لغايةٍ أَسمى، وَ أَجَلَّ وَ أَنبلَ، رُغمَ أَنَّني عانيتُ الكثيرَ مِنَ الصَدماتِ وَ الخَيباتِ في الكثيرين مِمَّن عاشرتُهم في حياتي، بعدَ أَن وجدتُ الكَذِبَ وَ الغدرَ وَ الخيانةَ في كُلِّ سلوكٍ مِن سلوكيِّاتِ تعامُلهِم معي وَ معَ الآخَرينَ أَمثالي، لِمُجرَّدِ أَنَّني وَ أَمثاليَ صادقونَ حتَّى النُخاع! لِمُجرَّدِ أَنَّني وَ أَمثاليَ اخترنا عبادةَ الله، لا عبوديَّةَ مَخلوقٍ مِن مخلوقاتِ الإِله الخالق الحَقّ.
- فَهل جزاءُ صدقيَ مَعُهم أَن أُلاقيَ مِنهُم الخِداعَ تلوَ الخِداع؟!!
لأَجلِ هذا بدأَتُ اعتكافِيَ بتاريخ (4/1/2020م)، هُوَ اعتِكافٌ قَد يدومُ لأَشهرٍ طويلةٍ جدَّاً، وَ رُبَّما يستمرُّ لسنواتٍ عديدةٍ لا يعلَمُ عددُها إِلَّا اللهُ، وَ لعلَّهُ يدومُ حتَّى آخِرَ رمقٍ في حياتي، مِمَّا جعلَني أَقولُ مُردِّداً دُونَ انقِطاعٍ:
الاعتِكافُ أَحسَنُ خُطوَةٍ وَ أَفضَلُ قَرارٍ، لِمَن كانَ يَرجو اللهَ وَ اليومَ الآخَرَ؛ فَنحنُ نموتُ في أُمَّةٍ أَغلبُها مِسخٌ لا يستحِقُّ مِنَّا أَدنى التضحيةِ وَ الإِيثارِ بالنَّفسِ، وَ لا حتَّى النُّصحَ وَ الإِرشادَ أَوِ البوحَ بالخفايا وَ الحَقائقِ وَ الأَسرارِ وَ ما وراءَ الوراء؛ فأَحدُهُم ما بينَ جاحِدٍ وَ حاقِدٍ وَ حاسِدٍ، وَ آخرُهُم آكِلٌ للسُحتِ مُتواكِلٌ عَليهِ، أَو هُوَ مُنافِقٌ أَفَّاقٌ؛ يَكذِبُ وَ يَغدِرُ وَ يَخونُ، فَهُم متأَسلِمونَ لا مُسلِمونَ، الدِّينُ لَعِقٌ على أَلسنتِهِم جُزافاً، دينُهُم دنانيرُهُم، وَ قِبلتُهُم ما تحتَ طيِّ العَكنتينِ، يعبدونَ كهنتَهُم سُفهاءَ الدِّينِ وَ أَدعيائهِ الشياطين، وَ يسعونَ سعياً حَثيثاً لإِرضاءِ بطونهِم وَ فروجهِم على حَدٍّ سواءٍ، لا يؤمِنونَ بيومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ، وَ يَدَّعونَ الإِيمانَ زوراً وَ بُهتاناً وَ تجارةً بالله، لذا: فإِنَّ الصمتَ سِلاحٌ ضارِبٌ، يُعاني مِنهُ الْمُنافِقونَ بمَن فيهِمُ الأَقارِبُ العَقارِبُ.
وَ لا يزالُ لسانيَ وَ قلبيَ يُردِّدانِ معاً في قنوتيَ وَ سجوديَ بصلاةِ الليلِ وَ أَنا خاشِعٌ أَمامَ اللهِ وَ النَّاسُ مِن حوليَ نيامٌ:
- اللهُمَّ احفَظ وَ بارِك جَميعَ المؤمنينَ وَ المؤمناتِ، وَ اهدِ الغافلينَ عنكَ وَ الغافلاتِ إِلى سَبيلِ الرشادِ، وَ انتَقِم أَشَدَّ الاِنتِقامِ سريعاً عاجِلاً مِن كُلِّ الْمُنافقينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الكافرينَ وَ الكافِراتِ، وَ اضِرب الظالمينَ بالظالمينَ وَ الظالِماتَ بالظالِماتِ، وَ أَخرِجنا مِنها نحنُ الْمُوحِّدونَ وَ الموحِّداتُ سالمينَ وَ سالِماتٍ، وَ عَجِّل لوليكَ الفَرجَ؛ ليعلَمَ الّذينَ ظَلموا أَيَّ مُنقَلبٍ يَنقلبونَ، يا قُدُّوسٌ سُبُّوحٌ، يا ذا الجَلالِ وَ الإِكرامِ.
إِن كُنت أَنت مِنَ الواثقينَ أَنَّك مِن المؤمنين، فلتكتُب يدُك في تعليقٍ أَسفلَ هذا المنشورِ كلمةَ (آمين)، وَ إِلَّا: فدُعائيَ إِلى اللهِ شاِهدٌ على ما في نفسك مِمَّا لا يخفى عنِ اللهِ لا محالة، {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَ انقَلَبُوا صَاغِرِينَ}.
[القُرآن الكريم: سورة الأَعراف/ الآيتان (118 و119)].
.......
(20/1/2020)