الخميس، 6 فبراير 2020

هذا أَنا فمَن أَنت؟

رافع آدم الهاشميّ

خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ للنَّاسِ كانت فَوَلَّتْ وَ ما مِن أُمَّةٍ بعدَها مثلما كانت تكون! لَقدِ استحالَتِ الدائرَةُ نقاطاً شَتَّى، وَ صارتِ الفوضى نظِاماً بلا نِظام! لقَد ماتَ الْمَلِكُ قبلَ أَن يولَدَ حَتَّى، وَ باتتْ رُقعَةُ الشطرنجِ بلاعبيها تَفرِضُ قوانينها اللعينة!
أُرَدِّدُ باستمرارٍ:
- لو كانَ مُستحيلاً ما صارَ مُمكِناً، إِنَّما هُوَ مِمكنٌ وَ قد ظنناهُ مُستحيلاً، فلمَّا اختبرناهُ عَلِمنا أَنَّهُ ممكنٌ أَسَماهُ الجاهلونَ بهِ مُستحيلاً.
وَ أَسأَلُ نفسيَ مِراراً:
- ما فائِدَةُ التأَليفِ وَ أَنا أُعاني الآلامَ بصمتٍ وَ الآخرونَ صُمٌّ عَميٌ لا يشعرونَ وَ لا يَفقهون؟!!!
- ما فائِدَةُ التأَليفِ وَ أَنا سَجينٌ مُقيَّدٌ بالأَغلالِ في أَرضٍ يَدَّعي جُلُّ حُكّامِها وَ مَحكوميها الإِسلامَ زوراً وَ بُهتاناً وَ الإِسلامُ الأَصيلُ مِنُهم بريءٌ جُملةً وَ تَفصيلاً؟!!!
- ما فائِدَةُ التأَليفِ وَ أَنا في أُمَّةٍ، المسلمونَ جُلُّهم فيها كافِرون، وَ الكافِرونَ كُلُّهم فيها مُسلمون؟!!!
لذا: أُفَكِّرُ جِديَّاً بحَرقِ جَميعِ مؤلّفاتيَ الورقيَّةِ المخطوطَةِ الجاهزةِ للطباعَةِ وَ الّتي تزيدُ أَعدادُها على عَشراتِ الْمُجلّداتِ ذاتِ القَطعِ الكَبير، معَ مَحوِ جَميعِ الحَقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرارِ وَ الكشوفاتِ الرَّبانيَّةِ الّتي تمتلئٌ بها مؤلّفاتيَ الإِلكترونيَّةُ الّتي تزيدُ أَعدادُها على مئاتِ الكُتُبِ الإِلكترونيَّةِ الْمُعَدَّةِ للتنقيحِ وَ التجهيزِ لطباعتها ورقيَّاً!
فأَصرخُ في الآفاقِ قائلاً:
ويلُكُم يا ذوي القُلوبِ الْمَيِّتةِ وَ يا أَصحابَ العُقولِ الغائبة! تتبجَّحونَ بقَصَصِ الأَجانبِ المزعومةِ على أَلسنتِهم هُنا وَ هُناك؛ لِتُظهِرونَ نُبلَ سلوكِهِم لأَفرادٍ مِن أَبناءِ شعبهِم كَما هُم يزعمونَ، فعلى فرضِ صِحَّةِ ِقصَّصِهم تلكَ، إِذا كانَ مُستَحِقُّ الشَيءِ طِفلاً عَربيَّاً مِن أَبناءِ أَفقَرِ عائِلَةٍ عَربيَّةٍ تموتُ جوعاً على قارِعَةِ طريقِ دولَةٍ عَربيَّةٍ بينَ الإِهمالِ وَ العَوَزِ وَ الحِرمانِ مِن جهَةٍ، وَ بينَ الصواريخِ وَ القَذائِفِ وَ الْمُتَفَجِّراتِ مِن جهةٍ أُخرى، فهَل سَلَكَ الأَجانِبُ سلوكَهُم المزعومُ ذاكَ نفسَهُ معَ طِفلِنا العَربيِّ المظلومِ هذا؟!!!
- ما لَكُم كيفَ تحكمون؟!!!!
وَ كأَنَّ سَيِّدَ الكائناتِ جَدِّيَ الْمُصطفى الحَبيب رُوحي لَهُ الفِداءُ ما كانَ يَوماً هُنا على هذهِ الأَرضِ الملعونةِ الّتي اِسمُها أَرضُ الجَربِ لا العَرب! كَي تبحثوا لَكُم عَن قُدوَةٍ سِواهُ لِتقتدوا بهِ دونهُ وَ دونَ أَصحابهِ الغُرِّ الميامينِ عَليهِمُ السَّلامُ جَميعاً وَ روحي لهمُ الفِداءُ.
لا أَزالُ أُكرِّرُ دُونَ انقطاعٍ:
- عارٌ على أُمَّةٍ تَقتُلُ مُبدعيها بالإِهمالِ وَ العَوَزِ وَ الحِرمانِ، وَ تتراكَضُ كالكِلابِ اللاهِثةِ لترجَمةِ وَ ترويجِ مؤلّفاتِ الآخرينَ الغُرباء!
لَيتَني كُنتُ حِماراً كبقيَّةِ الْحَميرِ؛ لا يعلمونَ شيئاً إِلَّا حملَهُم الأَسفارَ دُونَ أَن يفقهون! فما دُمنا نعيشُ في مُجتَمَعٍ غالبيِّتُهُ يَفتَقِدُ الثقةَ باللهِ وَ بنفسهِ أَيضاً، وَ يَضَعُ مقاليدَ آخرتهِ وَ دُنياهُ في أَيدي سُفهاءِ الدِّينِ كهنةُ المعابدِ الْمُتأَسلمينَ لا الْمُسلمينَ، جاعِلاً مِنهُ خروفاً مُطيعاً لَهُم بأَدنى مُستوياتِ الطاعةِ العَمياءِ، فسَنرى المزيدَ مِنَ الاِنحِطاطِ الأَخلاقيِّ الْمُشينِ، وَ سَنشهَدُ المزيدَ مِنَ الفسادِ وَ الإِفسادِ في البلادِ وَ العِبادِ على حَدٍّ سواءٍ!
أَن أَكونَ إِنساناً في أُمَّةٍ جُلُّها المسوخُ، فهُوَ بؤسٍ وَ شَقاءٌ وَ عذاباتٌ تنخرُ بي نخراً بلُبِّ الفُؤاد! وَ أَنا أَنا، لا أَكونُ إِلَّا أَنا، وَ لَن يكونَ غيريَ أَنا؛ لأَنَّني أَنا..
- أَنا الدالُّ على الصِّراطِ في زمنِ الفوضى!
- أَنا الّذي وُلِدتُ فَسُجِنتُ ثُمَّ قُتِلتُ في زمانٍ غيرَ زماني، وَ في مكانٍ غيرَ مكاني!
- أَنا العازِفُ على أَوتارِ الفِطَرةِ الإِنسانيَّةِ النبيلَةِ في صَخَبٍ يزدادُ هَذياً وَ هذياناً بينَ المسوخ!
- أَنا أُمٌّ ثكلى تلدمُ صدرَها؛ حُزناً على فَقيدِها الحَبيب!
- أَنا بحرٌ زاخِرٌ مِنَ الحقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرارِ يتوقُ للجَفافِ سريعاً عاجِلاً دُونَ انتِظار!
- أَنا ثورةُ بُركانٍ يَسيرُ على قَدمينِ بصَمتٍ كَئيب!
- أَنا شجرةٌ باسقةٌ مُعطاءٌ يرميها الجاحدونَ الحاقدونَ الحاسدونَ بأَحجارِهم، فأُواري الدموعَ وَ أُخفي نزيفَ الْجِراحِ وَ أُواصِلُ العَطاءَ ليتفيَّأَ الآخرونَ بظِلاليَ وَ مِن ثماريَ يأَكلون!
- أَنا حَمامَةٌ بيضاءٌ تتراقَصُ أَلماً على سِكِّينِ ذابحيها وَ الدِّماءُ الطاهِراتُ مِنها تسيلُ سيلاً هادِراً دُونَ انقِطاع!
- أَنا طِفلٌ كَبيرٌ يبتَلِعُ الصُراخَ؛ جُرحاً على فَقدِهِ الحَنان!
- أَنا نجمةٌ شعَّت بنورِها في هُدوءٍ بعيداً عنِ الأَضواء، وَ سأَغيبُ قريباً في هُدوءٍ مُماثِلٍ أَيضاً بعيداً عَنِ الأَضواء!
هذا أَنا فمَن أَنت؟

التغذية السليمة ومكافحة مرض السرطان مع الدكتور / أحمد العطار

مرض السرطان من الأمراض الشرسة التي قد تصيب أي فرد من حولنا وللأسف نحن لا نفكر في الاشياء إلا بعد حدوثها ونتعامل معها بمبدأ يحدث للآخرين فقط .
وعملاً بالمثل القائل الوقاية خير من العلاج سوف أقدم لكم بعض الاطعمة البسيطة التي تقي من خطر الاصابة بهذا المرض .
١ - التوت
التوت من الفواكه المحببة للكثيرين والتوت مفيد ايضا لأنه يحتوي على كميات كبيرة من مضادات الأكسدة كما يحتوي على مادة تسمى حمض الايلاجيك والتي لها دور كبير في الوقاية من مرض السرطان وخاصة سرطان الثدي .
٢ - الرمان
الرمان يحتوي على الحديد ومضادات الأكسدة ويمنع تكوين المواد المسببة للسرطان في الجسم
٣ – الأسماك الدهنية
الاسماك الدهنية مثل السلمون والتونة تحتوي على الاحماض الدهنية الغير مشبعة ( الأوميجا 3 ) والتي تقوي من كفاءة جهاز المناعة وتقلل من نمو الاورام وتقلل من الالتهابات .
٤ - البقوليات
سرطان الثدي يصيب السيدات نتيجة خلل في هرمون الاستروجين والبقوليات بأنواعها تحتوي على مادة تنقي الجسم من الاستروجين الضار كما انها تحتوي على الالياف التي تساعد على انتظام حركة الامعاء مما يسهل للجسم التخلص من السموم أول بأول .
٥ – المكسرات
المكسرات لها فوائد لا تنتهي بدءاً بإمداد الجسم بالطاقة واحتوائها على الاحماض الدهنية الغير مشبعة ( الاوميجا 3 ) كما أن لها خواص مضادة للالتهاب .
٦ – الخضراوات والفواكه صفراء اللون
الجزر والفلفل الاصفر والقرع العسلي كل ما هو لونه اصفر يتميز باحتوائه على مادة البيتا كاروتين .
٧ - تناول الألياف العذائية من مصادر الحبوب الكاملة .
وجدت الدراسات أن الألياف الغذائية الموجودة في الحبوب الكاملة قادرة على تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم .
فتناول 90 غرام إضافية عن الحاجة اليومية يقلل خطر الإصابة بنسبة 20%.
٨ - تناول الأسبرين .
وجدت الدراسات أن تناول حبة من الأسبرين يوميا تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 30% وذلك بشرط المداومة على تناولها لمدة تزيد عن تسعة أشهر .
٩ – تناول الكاكاو
أن تناول المنتجات المصنوعة من الكاكاو مثل الشوكولاته تساعد في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم .
١٠ – جذور الزنجبيل
أظهرت دراسة أن تناول 2 غرام من جذور الزنجبيل يوميا قد يكون سببا كافيا لمنع الإصابة بسرطان القولون .
الدكتور / أحمد سعيد العطار
أخصائي الجراحة العامة
وجراحات التجميل والليزر
وعلاج السمنة وشفط الدهون

الاثنين، 3 فبراير 2020

لهذه الأَسباب صفقة القرن صفعة تهدِّد إِسرائيل بالانقراض

رافع آدم الهاشميّ

صفقةُ القرن، ببنودها الْمُعلَنة وَ غير الْمُعلَنة، تطرحُ علينا جميعاً، نحنُ البشرُ أَبناءُ و بناتُ هذهِ الأُسرةِ الإِنسانيَّةِ الواحدة، سؤالاً مُهمَّاً للغايةِ جدَّاً، هُوَ:
- هل تريدُ إِسرائيلُ السّلامَ؟
مِمَّا لا شكَّ فيهِ لدينا نحنُ المؤمنونَ وَ المؤمنات، نحنُ الموحِّدونَ وَ الموحِّداتُ، بغضِّ النظرِ عن عِرقِنا أَو انتمائنا، نعتقدُ اعتقاداً راسِخاً أَنَّ الخالِقَ الإِلهَ المعبودَ واحدٌ قُدّوسٌ سُبُّوحٌ لا شريكَ لَهُ أَبداً، وَ أَنَّ الأَنبياءَ جميعاً (عليهِمُ السَّلامُ وَ روحي لَهُم الفِداءُ) كُلُّهُم يحملونَ الرِّسالةَ ذاتها، الّتي هيَ منهجُ الإِسلامِ الأَصيل، الداعيةُ إِلى عبادةِ الله الواحد القهّارِ، وَ التزام الفِطرة الإِنسانيَّة السّليمة الّتي فطرَ اللهُ تعالى بها البشرَ كافّةً، وَ التأَكيد على نشرِ وَ ترسيخ الْحُبّ وَ الخير وَ السَّلام في ربوع العالم أَجمع؛ إِذ كُلُّنا لآدم وَ آدم مِن تراب، فكلُّنا بالإنسانيَّةِ أُخوةٌ وَ أَخواتٌ، لنا ما لنا مِن حقوقٍ وَ استحقاقاتٍ، وَ علينا ما علينا مِن واجباتٍ وَ التزاماتٍ، وَ هذا ما أَكّدَ عليهِ القُرآنُ صراحةً بقولهِ الشَّريف:
- {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنزِلَ عَلَينَا وَ مَا أُنزِلَ عَلَى إِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ إِسحَاقَ وَ يَعقُوبَ وَ الأسبَاطِ وَ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ النَّبِيُّونَ مِن رَبِّهِم لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُمْ وَ نَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ}.
[القرآن الكريم: سورة آل عمران/ الآية (84)]
- {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلاَئِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قَالُوا سَمِعنَا وَ أَطَعنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَ إِلَيكَ الْمَصِيرُ، لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَ وُسعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَ عَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}.
[القرآن الكريم: سورة البقرة/ الآية (285) و أوّل الآية (286)]
هذا يعني بوضوحٍ لا شكَّ فيهِ مُطلقاً: أَنَّ الإِنسانَ أَينما كانَ وَ كيفما كانَ لَهُ حَقُّ الحياة، وَ مِنَ الإنسان هُم الفلسطينيِّونَ وَ الإِسرائيليِّونَ، بصفتِهم ينتمونَ إِلى دولتينِ مُستقلّتينِ، الدولةُ الفلسطينيَّةُ، وَ الدولةُ الإِسرائيليَّةُ كذلك، وَ حيثُ أَنَّ الشعوبَ تنطوي على أَعراقٍ عديدةٍ تختلِفُ في أُصولها وَ تتباينُ في عقائدها، وَ هذا أَمرٌ طبيعيُّ وَ بديهيٌّ أَيضاً، لذا: فإِنَّ الشعبَ الفلسطينيَّ (باعتبارهِ يحملُ الجنسيَّةَ الفلسطينيَّة لدولة فلسطين المستقلّة ذات السيادة)، وَ الشعبَ الإِسرائيليَّ (باعتباره يحمِلُ الجنسيَّةَ الإِسرائيليَّة لدولة إِسرائيل المستقلّة ذات السيادة)، يتأَلّفُ كُلٌّ مِنهُما من أَعراقٍ مختلفةٍ ذات عقائدٍ متباينةٍ فيما بينها، ففي كُلٍّ مِنهُم يوجَدُ العَربُ وَ اليهودُ (نسَباً)، وَ في كُلٍّ مِنهُما يوجَدُ المسلمونَ وَ اليهودُ وَ المسيحُ (عقيدةً)، بل أَنَّ في كُلٍّ منهُما يوجدُ المؤمنونَ وَ المؤمنات، كما يوجَدُ المنافقونَ وَ المنافقاتِ، وَ في كُلٍّ منهُما كذلكَ يوجَدُ الصَّالحونَ وَ الصَّالحاتُ، كما يوجَدُ الطالحونَ وَ الطالحاتُ، وَ هذا هُوَ حالُ الشعوبِ جميعاً دونَ استثناءٍ!
عليهِ: من حقِّ الجميعِ أَيَّاً كانوا أَن يحصلوا على الاستقرارِ وَ الرّخاء، وَ هذا الحصولُ لن يتأَتّى ما لَم يعيشَ الجميعُ (أَو الأَطرافُ ذاتُ العَلاقةِ) في سلامٍ بعيداً عن أَيِّ فتيلٍ يمكِنُ لَهُ أَن يأُجِّجَ نارَ الحربِ بينهُما لاحِقاً، وَ تحقيقُ السَّلامِ هذا يوجِبُ على الجميعِ أَن يسأَلوا أَنفُسَهُم أَوَّلاً:
- كيفَ يُمكِنُنا أَن نُحقِّقَ السَّلامَ؟
الجوابُ هُوَ: لَن يتحقَّقَ السَّلامُ إِلَّا بانتهاجِ منهجِ الإِنسانيَّةِ أَوَّلاً وَ باعتمادِ ميزانِ العَدالَةِ ثانياً.
- ما الّذي يعنيه هذا؟
يعني: على مَن يُريدُ السَّلامَ (وَ أَعني بالدرجةِ الأُولى إِسرائيل دولةً)، أَن يُحاكِموا أَنفُسَهُم قبلَ أَن يُحاكِموا غيرَهم، هُم لَهُم حقوقٌ وَ استحقاقاتٌ، وَ هذا لا شكَّ فيهِ (باعتبارهم بشرٌ أُسوةٌ بغيرهم من البشر كافّةً)، وَ الفلسطينيِّونَ لَهُم حقوقٌ وَ استحقاقاتُ أَيضاً، وَ كِلا الطرفينِ عليهِم واجباتٌ وَ التزاماتٌ، وَ السؤالُ هُوَ:
- هل مِنَ العدالةِ عند إِسرائيلَ أَن تمتلكَ السلاحَ وَ جارتُها فلسطين تكونُ منزوعةَ السَّلاح؟!
- أَليستِ العدالَةُ تقتضي إِعطاءَ كُلِّ ذي حقٍّ حقّهُ، وَ بالتالي: يوجِبُ على إِسرائيلَ دولةً إِمَّا أَن تكونَ هيَ كجارتها فلسطينَ منزوعة السَّلاح، أَو أَنَّها تُعطي الحقَّ لجارتها هذه أَن تمتلك السَّلاحَ بالدرجةِ ذاتها من القُوَّةِ الّتي تمتلكها إِسرائيل نفسها؟!
ثُمَّ (بضَمِّ الثاءِ لا بفتحها):
- أَين حقوقُ الشهداءُ وَ الجرحى وَ الْمُضطَهدونَ في السجونِ وَ غيرها؟!
- وَ أَين حقوقُ الّذينَ أُغتُصِبَت أَراضيهِم وَ مساكنهم؟!
- وَ أَين حقوقُ الأَراملِ وَ اليتامى وَ المساكين؟!!
- أَين حقوقُ كُلُّ هؤلاءِ وَ غيرُهم مِن كِلا الشعبينِ (الفلسطينيِّ وَ الإِسرائيليِّ معاً)؟!!!
بغَضِّ النظرِ عَن كونِ القُدسِ عاصمةً لإِسرائيلَ أَو لفلسطينَ، فهذهِ قضيَّةٌ أُخرى لا بُدَّ مِن مُعالجتها أَيضاً وِفقَ منهجِ الإِنسانيَّةِ وَ ميزانِ العدالةِ أَيضاً، إِلَّا أَنَّ القضيةَ الأَهَمَّ على الإِطلاقِ هُوَ: الإِنسان.
- ما الّذي تُقدِّمُهُ صفقةُ القرنِ هذهِ للإِنسانِ، سواءٌ كانَ الإِنسانُ هذا إِسرائيليَّاً أَو فلسطينيَّاً حتَّى؟!
إِنَّ وضعَ حلولٍ غير جذريَّةٍ لمشاكلٍ يحاوِلُ الآخرونَ إِظهارُها أَنَّها مشاكلٌ مُعقَّدَةٌ، ليسَ إِلَّا مُشكلةً أُخرى تُزيدُ المشاكلَ السابقةَ تصادُماً فيما بينها، وَ تُعرِقُل مسيرةَ الحلِّ الجذريِّ الصحيحِ!
لا بُدَّ مِن حلٍّ جذريٍّ يضمِنُ للجميعِ قاطبةً، كُلُّ الدولِ (حكومات وَ شعوباً)، أَن يعيشوا في سلامٍ، بأَن ينزِعَ مِنهُم فتيلَ الحربِ لاحقاً، وَ هذا الحلُّ الجذريُّ لَن يتحقَّقَ إِلَّا بإِعطاءِ كُلِّ ذي حقٍّ حقَّهَ، أَمَّا في حالةِ أَن يُريدَ أَحدُ الطرفينِ أَن يأَخذُ كُلَّ الحقَّ لنفسهِ، دونَ أَن يُعطيَ الحقَّ المماثِلَ للطرفِ الآخَرِ، فهذا هُوَ الظُلمُ بعينهِ لا محالة! وَ الظُلمُ هُوَ الّذي يؤجِّجُ نارَ الحربِ عاجِلاً أَم آجِلاً على حدٍّ سواءٍ، لذا: صرَّحَ القُرآنُ قائلاً:
- {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهلِهَا وَ إِذَا حَكَمتُمْ بَينَ النَّاسِ أَنْ تَحكُمُوا بِالْعَدلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}.
[القُرآن الكريم: سورة النِّساء/ الآية (58)]
- فَهل أَدَّتِ الأَطرافُ كُلُّها الأَماناتَ إِلى أَهلها؟!
- وَ هل حكمتِ الأَطرافُ جميعُها بالعدلِ؟!!
إِنَّ صفقةَ القرنِ تُريدُ أَن تضعَ حَّلاً يُحقُّقَ السَّلامَ لجميعِ الأَطرافِ، وَ خاصَّةً إِسرائيل وَ فلسطين (حكومتينِ وَ شعبينِ)، وَ هُوَ هدفٌ نبيلٌ، إِلَّا أَنَّ الهدفَ النبيلَ هذا لَن يؤتي ثمارَهُ أَبداً، بل سيتحوَّلُ إِلى تداعياتٍ تجلبُ الأَسوءَ بكثيرٍ مِمَّا مرَّ سابقاً في التَّاريخِ البشريِّ برُمَّتهِ؛ حيثُ أَنَّ الهدفَ النبيلَ (أَيُّ هدفٍ نبيلٍ كانَ) لن يكونَ نبيلاً بشكلٍ مُتكاملٍ ما لَم يأَخذ بالْحُسبانِ جميعَ أَجزاءِ الصورةِ وَ تفاصيلها، بما فيها الصغيرةُ حتَّى، وَ هذا يتطلّبُ الرجوعُ إِلى أَصلِ المشكلةِ ذاتها، كما يتطلّبُ إِعطاءَ كُلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ دُونَ بخسٍ في هذا الحقِّ قيد أُنملةٍ مُطلقاً.
برأَيك أَنت:
- هل مِنَ المنطقيِّ أَن يسعى أَحدُهم لإِنقاذِ مجموعةٍ مِن البشرِ تموتُ عطشاً، بوضعِ خزَّانٍ كبيرٍ مِنَ الماءِ النقيِّ بينهم، وَ الطلبُ من جميعِ الأَخيارِ أَن يملئوا هذا الخزَّانِ بما يستطيعون ملئهُ مِن الماءِ، وَ في الوقتِ ذاتهِ، هذا الساعي النبيلُ ذو الهدفِ النبيلِ هذا، لا يُعيرُ أَهميَّةً لوجودِ ثقوبٍ عديدةٍ مُتناثرةٍ في جميعِ أَجزاءِ الخزَّان؟!!!
إِنَّ كُلَّ مظلومٍ هُوَ صاحِبُ حقٍّ، وَ لا بُدَّ للمظلومِ أَن يأخذ حقَّهُ ليستطيعَ المظلومُ هذا أَن يعيشَ في سلامٍ، وَ كُلُّ حقٍّ مسلوبٍ في يدِ الظالمِ هُوَ ثقبٌ كبيرٌ يُهدِّدُ الظالِمَ بهلاكهِ الأَكيدِ لا محالة!
الّذي سيحدثُ في جميعِ الدولِ العربيَّةِ وَ الإِسلاميَّةِ على وجهِ الخصوصِ، هُوَ خروجُ شعوبها في تظاهُراتٍ حاشدةٍ غير مسبوقةٍ مِن قبلُ، تتركُ تداعياتُها الخطيرة على دول العالمِ أَجمعٍ؛ حيثُ تدعو الشعوبُ هذهِ حكوماتَها لمجابهةِ صفقةِ القرنِ هذهِ، وَ بالتالي: فإِنَّ الدولَ ذاتُ الَعلاقةَ بالشعوبِ هذهِ، ستعاني الشللَ في أَغلبِ مفاصلِ حياتها، وَ حيثُ أَنَّ أَطرافاً ثالثةً ستقتنصُ الفرصةَ هذهِ بتأَجيجِ الصراعِ بينَ الطرفينِ، بين الشعوبِ وَ حكوماتها، وَ أَعني بهذهِ الأَطراف كهنة المعابدِ سُفهاء الدِّين الْمُتاجرين بكُلِّ شيءٍ حتَّى بالله، لذا: فإِنَّ التظاهُرات ستأَخذُ شكلاً آخراً بمرورِ قليلٍ مِنَ الوقتِ (وَ ليسَ طويلاً)، لتتحوَّلَ بعدها إِلى مُجابهاتٍ مُباشرةٍ بين الشعوبِ وَ حُماةِ حكوماتها؛ إِثرَ طلبِ الشعوبِ إِسقاطَ حكوماتها تلك، سواءٌ تلكَ التي وافقت على صفقة القرن، أَو حتَّى تلك الّتي اتَّخذت جانب الصمتِ وِفقَ مبدأ عدم الانحياز، وَ بالتالي: ستتحوُّلُ المجابهاتُ إِلى حربٍ أَهليَّةٍ طاحنةٍ تأَكُلُ الأَطرافَ جميعاً (حكومات وَ شعوباً) دونَ استثناءٍ!
- فهل هذا ما تُريدُهُ الحكوماتُ قاطبةً أَيَّاً كانت؟!
إِنِّني أُومِنُ شخصيَّاً، بأَنَّ جميعَ المؤمنينَ وَ المؤمناتِ موجودونَ وَ موجوداتٌ في كُلِّ مكانٍ على هذهِ الأَرضِ، بغضِّ النظرِ عن انتماءاتِهم، فَهُم موجودونَ وَ هُنَّ موجوداتٌ حتَّى داخل الماسونيَّةِ نفسها، وَ هذا يعني: أَنَّ الّذين يتّهمونَ حُكّامَ العالمِ بانتمائهم للماسونيَّةِ، إِنَّما يُسيئونَ الظنَّ بالكثيرينَ وَ الكثيراتِ مِنَ الشُّرفاءِ وَ الشَّريفاتِ، بغضِّ النظرِ عن جنسيِّتهم أَو لُغتِهم حتَّى، إِذ لا دخلَ للماسونيَّةِ بإِيمانِ قلوبِ أَصحابها وَ ما تنطوي عليهِ هذه القلوب، الماسونيَّةُ تعتمدُ على ظواهرِ الأَشياءِ لا على ما وراءِ الوراءِ، حتَّى لو اعتمدَت شياطينَ الجِنَّ وَ عفاريتهم في فهم الأُمورِ، تبقى الماسونيَّةُ قاصرةً لا حولَ لها وَ لا قُوَّةَ أَبداً، لأَنَّها وَ بكُلِّ بساطةٍ تفتقدُ الاعتمادِ إِلى الأَفضلِ دُونَ مُنازعٍ وَ إِن امتلكَت الاعتماد على المفضولِ!!
الأَمرُ بسيطٌ للغايةِ جدَّاً، هُوَ: أَنَّ يسأَلَ هؤلاءِ، الماسونيِّونَ وَ غيرُهم أَيَّاً كانوا، أَن يسأَلَ البشرُ جميعاً أَنفُسَهُم:
- أَيُّهما الأَفضلُ: الخالقُ؟ أَمِ المخلوق؟!
سواءٌ كانَ المخلوقُ هذا الشيطانُ نفسَهُ، الّذي أَقرَّ بعبادتهِ عَبَدَةُ الشيطانِ، أَو كانَ غيرُهُ مِن كهنةِ المعابدِ بمَن فيهم المتأَسلمين لا المسلمين، فإِنَّ معبودهم هذا مهما ارتفعت درجتهُ في المكرِ وَ الاحتيالِ، وَ مهما ظنَّ في نفسهِ الذكاء، يبقى مخلوقاً مُقابلَ الخالقِ، وَ يبقى الخالِقُ خالقاً لا محالة، وَ هذا يؤكِّدُ لنا بشكلٍ قاطعٍ أَنَّ اللهَ الخالِقُ هُوَ الأَفضلُ دُونَ منازعٍ، فَهُوَ عزَّ وَ جَلَّ الأَذكى، وَ هُوَ الأَقوى، وَ هُوَ الأَقدرُ، وَ هُوَ على كُلِّ شيءٍ قديرٍ، لذا: فالعقلُ يوجِبُ علينا عبادةَ اللهِ وَ طاعتهِ لا عبادَةَ وَ طاعةِ مخلوقٍ مِن مخلوقاتهِ حتَّى وَ إِن كانَ المخلوقُ هذا الشيطانَ بذاتهِ! لهذا: نِجدُ الأَنبياءَ جميعاً (عليهمُ السَّلامُ وَ روحي لَهُم الفِداءُ) يعبدونَ اللهَ وَ يطيعونهُ وَ يدعونَ النَّاسَ إِليهِ هُوَ دُونَ سِواهُ..
- فَهلِ الأَنبياءُ على خطأٍ فيما فعلوهُ؟!!
- إِن كانوا على خطأٍ (وَ حاشاهُم منَ الخطأ جُملةً وَ تفصيلاً) فعلى هذا سقطتِ الكتُبُ المقدَّسةُ جميُعها، وَ أَصبحتِ الأَديانُ مُجرَّدُ كذبةٍ كبرى لا غير، وَ على رأَسها اليهوديَّة دُونَ مُنازعٍ، فهل هذا صحيحٌ يا ذوي العقولِ الحصيفةِ الحكيمة؟!!!
إِنَّ الجميعَ (وَ من حقِّهم هذا)، يسعونَ سعياً حثيثاً لجلبِ المنفعةِ لَهُم وَ دفع الضررِ عنهُم، بما فيهم الماسونيِّونَ أَيضاً، وَ لكن!
- هل إِحداثُ التصدُّعاتِ في الشعوبِ وَ الحكوماتِ سيجلبُ النفعَ لإِسرائيلَ وَ يدفعُ الضررَ عنها؟!!
بل:
- هل إِحداثُ هذهِ التصدُّعاتِ سيجلبُ النفعَ للحكوماتِ وَ يدفعُ الضررَ عنها؟!!
وَ بعبارةٍ صريحةٍ للغايةِ جدَّاً:
- هل إِحداثُ هذهِ التصدُّعاتِ سيجلبُ النفعَ للماسونيَّةِ بمَن فيها مِن أَعضاءٍ بمُختلفِ درجاتهم وَ مناصبهم أَيَّاً كانت؟!!!
إِنَّ مبدأَ الفوضى الخَلّاقة مبدأٌ عقيمٌ للغايةِ؛ فَهُو يأَكُلُ أَصحابَهُ أَوَّلاً قبلَ أَن يأَكُلَ الآخَرينَ، بل: هُوَ يجتثُّ أَصحابَهُ بشكلٍ تدريجيٍّ دُونَ أَن يشعروا بذلكَ إِلَّا بعدَ فواتِ الأَوانِ، وَ يُبقي الآخرينَ لا محالة، وَ الشواهِدُ على هذا كثيرةٌ لا يسعُ المقالُ سردها.
الّذي أُريدُ قولهُ وَ إِيصالَهُ إِلى صُنَّاعِ القَرارِ بمَن فيهِم الملوكُ وَ الرؤساءُ وَ الأُمراءُ في جميعِ حكوماتِ العالمِ قاطبةً، وَ أَنا أَعلَمُ عِلمَ اليقينِ أَنَّ فيهم كثيرٌ مِنَ الشُّرفاءِ الأَخيارِ، بغضِّ النظرِ عَمَّا إِذا كانوا ينتمون إِلى الماسونيّةِ أَو لا، وَ آمَلُ أَن يصلَ مقاليَ هذا سريعاً إِليهم وَ إِلى الجميعِ قاطبةً دُونَ استثناءٍ، هُوَ التالي:
- استقرارُكم وَ رخاؤكم لَن يكونا إِلَّا باستقرار وَ رخاءِ شعوبكم، وَ استقرارُ شعوبكُم يتطلّبُ مِنكُم أَن تنتهجوا مع شعوبكم منهجَ الإِنسانيَّةِ وَ تعتمدوا بكُلِّ شيءٍ معهم وَ مع أَنفُسِكُم ميزان العدالةِ، بأَن تُعطوا كُلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ، وَ توجِبوا على حكوماتكم أَن تُعطي كُلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ من شعوبها وَ الشعوبَ الأُخرى أَيضاً؛ لأَنَّ خرابَ شعوبكم يعني انتفاءَ وجودكم بصفةِ حُكّامٍ لهذهِ الشعوبِ، وَ بالتالي: ستفقدونَ كُلَّ امتيازاتِكُم الّتي بأَيديكم الآنَ!
وَ:
- مَن لا يحترمُ الإِنسانَ بصفتهِ فردٌ من الشعوبِ، هل برأَيكُم سيحترِمُ الإِنسانَ بصفتهِ فردٌ مِنَ الْحُكّامِ بعدَ ذلك؟!!!
إِنَّ الشعوبَ لا تُريدُ مُنازعةَ حُكّامها على الحُكمِ مُطلقاً، إِنَّما هيَ تُريدُ شيئاً واحداً فقط، هُوَ الاستقرارُ وَ الرخاء، وَ البالونةُ كُلَّما ازدادَ الضغطُ عليها أَوشكَت على الانفجارِ بوجهِ نافخِها أَوَّلاً، وَ هذا يعني: أَنَّ زيادَة الضغطِ على الشعوبِ، بإِلهائهم بالنزاعاتِ الطائفيِّةِ وَ العرقيَّةِ وَ الخِلافاتِ السياسيّةِ وَ الضغوط الاقتصاديَّةِ وَ غيرها مِن الضغوط الأُخرى، هُوَ أَمرٌ يُعَجِّلُ بانفجارِ الشعوب هذهِ كُلَّها انفجاراً كارثيَّاً، يؤدِّي لا محالةَ إِلى الانتقامِ الشديدِ مِمَّن تسبَّبَ بهذا الانفجارِ، وَ على رأَسِهم: إِسرائيل (حكومةً وَ شعباً) على حدٍّ سواءٍ..
- لهذه الأَسباب صفقة القرن صفعة تهدِّد إِسرائيل بالانقراض!
لذا:
- يجِبُ إِعادَةُ النظر في صفقةِ القرنِ هذهِ؛ فإِنَّ الأُمورَ لا تؤخذُ على عوارها.
علينا جميعاً أَن نساعِدَ بعضنا بعضاً، وَ نكونَ كالبُنيانِ المرصوصِ، يُحبُّ أَحدُنا لأَخيهِ الإِنسان ما يُحبُّهُ لنفسهِ هُوَ، وَ أَن نتراحمَ فيما بيننا، فإِنَّ الإِسلامَ الأَصيلَ لا طوائفَ فيهِ أَبداً، كُلُّ البشرِ عِبادُ اللهِ، وَ كُلُّهم أُخوةٌ وَ أَخواتٌ تجمعُنا الإِنسانيَّةُ قبلَ أَيِّ شيءٍ آخَرٍ أَيَّاً كان، وَ كُلُّ ما يتصلُ بالكُرهِ وَ الحربِ وَ الشرِّ لا يمتُّ إِلى الإِسلامِ الأَصيلِ بصِلَةٍ قطّ؛ لأَنَّ الإِسلامَ الأَصيلَ الّذي هُوَ منهجُ الأَنبياءِ جميعاً (روحي لَهُم الفِداءُ) هُوَ كُلُّ الْحُبِّ وَ الخير وَ السَّلام..
- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَ لاَ تَمُوتُنَّ إِلاَ وَ أَنتُمْ مُسلِمُونَ، وَ اعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعاً وَ لاَ تَفَرَّقُوا وَ اذكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُمْ إِذ كُنتُمْ أَعدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصبَحتُمْ بِنِعمَتِهِ إِخوَاناً وَ كُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِنهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهتَدُونَ، وَ لْتَكُنْ مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلَى الْخَيرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعرُوفِ وَ يَنهَونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَ لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اختَلَفُوا مِن بَعدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرتُمْ بَعدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ، وَ أَمَّا الَّذِينَ ابيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
[القُرآن الكريم: سورة آل عمران/ الآيات (102 – 107)]
اللهُمَّ احفظ وَ بارِك جميعَ المؤمنينَ وَ المؤمنات وَ انتقم مِنَ المنافقين وَ المنافقات وَ عجِّل لوليكَ الفرجَ يا قُدُّوسُ يا ذا الجَلالِ وَ الإكرام.

الحماية المدنية توافق على ترخيص حضانتىّ أطفال مجانابنقاده قنا

كتب/بركات الضمراني

صرح العميد سامح بسيم مدير إدارة الحماية المدنية بقنا بانه تمت الموافقة على ترخيص حضانتين للأطفال بمدينة نقاده هما ( حضانة الجمعية الخيرية القبطية بنقاده - حضانة الجمعية الخيرية الإسلامية بالمنشية بنقادة) وذلك بعد توفير الاشتراطات الخاصة بالحماية المدنية وذلك بالتنسيق مع مديرية التضامن الاجتماعي .
وذكر العميد سامح بسيم انه تمت الموافقة على ترخيص الحضانتين مجانا تيسيرا لهم ولتخفيف الأعباء المالية التي يتطلبها الترخيص مضيفا انه سيتم تدريب العاملين بهاتين الحضانتين مجانا ايضا وسيتم تدريبهم على طرق استخدام طفايات الحريق والتعريف بآليات مكافحة الحرائق والخطوات والإجراءات السليمة لمحاصرتها حال نشوبها والطريقة المثلى لإخلاء المحيطين بها وذلك لضمان سلامة الأفراد والمنشآت .

جدير بالذكر ان محافظ قنا عقد اجتماعا بالأمس لمناقشة موقف الحضانات وجه خلاله الجهات المعنية بضرورة تيسير اجراءات تراخيص حضانات الأطفال ، وعلى الفور استجابت ادارة الحماية المدنية لتلك التوجيهات في اليوم التالي مباشرة وقامت بترخيص حضانتين مجانا

اليوم.انطلاق فعاليات مؤتمر طبي لبحث تداعيات تلف العصب البصري بالقاهرة

كتب أحمد عبد العزيز

تنطلق اليوم فعاليات حملة "ممكن تروح منك " وذلك بهدف مناقشة تداعيات مرض ارتفاع ضغط العين (المياه الزرقاء) الذي يتسبب في تلف العصب البصري مما يؤدي إلي الإصابة بفقدان البصر، وتحدث الإصابة بالمياه الزرقاء نتيجة زيادة الضغط داخل العين، وتعتبر المياه الزرقاء هي السبب الثاني لفقدان البصر بعد المياه البيضاء والتي عادة لا تكون مصاحبة بأعراض.
وصرح الدكتور أحمد حسام أستاذ طب وجراحة العيون جامعة الإسكندرية، بأن نسبة حدوث وانتشار المياه الزرقاء في البلاد النامية يصعب تحديده نظرا لقلة المعلومات المتوفرة.

وأضاف أن أعلى معدلات لهذا المرض موجودة في قارة افريقيا، حيث أثبتت أحدث الدراسات أن نسبة انتشارالمياه الزرقاء بكلتا نوعيها(ذات الزاوية المفتوحة و ذات الزاوية المغلقة) في أفريقيا هي 4.32% وهى أعلى المعدلات في العالم.
ولفت إلى أنه المتوقع أن يصل عدد حالات مرضى المياه الزرقاء سنة 2020 إلى 76 مليون و من المتوقع أن يزيد هذا العدد ليصل الى 111 مليون عام 2040 طبقا لإحصائيات منظمةالصحة العالمية.
وصرح الدكتور طارق أبو النصر أستاذ طب و جراحة العيون جامعة بنها ان تأثير هذا المرض ليس فقط اكلينيكيا و لكنه مصحوب بأعباء اقتصادية و إنسانية للمرضى وذويهم والمجتمع.

وتابع، تعتبر المياه الزرقاء ذات الزاوية المفتوحة هي أكثر الأنواع انتشارا حيث تمثل 74% من حالات المياه الزرقاء، وتليها المياه الزرقاء ذات الزاوية المغلقة، ولكن هذه النسبة تختلف من مكان لآخر في العالم.
وقال إن هناك أسباب تجعل أشخاص أكثر عرضه من غيرهم للإصابة بالمياه الزرقاء منها العامل الوراثي، ومن هو أكثر من 40 عاما، ولكن المياه الزرقاء التي تحدث في سن الشباب (اقل من 40 عاما) منتشرة في افريقيا، مرضى السكر، مرضى ارتفاع ضغط الدم، استخدام الكورتيزون لمدة طويلة

ومن جانبه قال الدكتور طه لبيب أستاذ طب و جراحات العيون جامعة القاهرة أن الوقاية والعلاج لمرض المياه الزرقاء أصبح محور تركيز رئيسي للتوجيهات الدولية بما في ذلك رؤية منظمة الصحة العالمية 2020.
وأضاف، عادة مرض المياه الزرقاء لا يمكن الوقاية منها ولكن إذا تم تشخيصه وعلاجه مبكراً فانه يمكن السيطرة عليه، العلاج السليم يقلل ويمنع فقدان البصر، موضحا أن الخبر السار انه من خلال الفحص الدوري المنتظم للعين و التشخيص المبكر و العلاج يمكن الحفاظ على البصر و ينقسم العلاج الى: قطرات العين، وجراحة الليزر، التدخل الجراحي.
من جانبه، قال الدكتور طارق شعراوي رئيس وحدة المياه الزرقاء جامعة جينيف بسويسرا أن هناك تطورات في التشخيص و طرق العلاج مثل: التشخيص باستخدام الطرق الحديثة لتصوير العصب البصري و الألياف البصرية، وتطورات في العلاج بالليزر و استخدامه مبكراً في العلاج، والجراحات ذات التدخلات البسيطة.
ومن جانبه قال الدكتور أحمد مصطفى أستاذ طب وجراحات العيون جامعة القاهرة أن مرض المياه الزرقاء لايزال يمثل تحديا لأطباء العيون في البلدان النامية على عكس العلاج الجراحي للمياه البيضاء و غيرها من الأمراض التي تسلب الرؤية، ومن المهم معرفة أن علاج المياه الزرقاء يتطلب سنوات من زيارات المتابعة المنتظمة و الالتزام بالعلاج.
وأوضح أن الوعي بمرض المياه الزرقاء منخفض و معظم المرضى في العيادات لا يتلقون فحص العين الروتيني الشامل المطلوب للكشف عن مرض المياه الزرقاء .
وتابع، للمريض دور أساسي في نجاح علاج المياه الزرقاء و ذلك عن طريق الالتزام بالعلاج و تعليمات الأطباء و زيارات المتابعة المنتظمة و لذلك يعتبر زيادة الوعي لدى المرضى هو حجر الأساس في نجاح استراتيجية العلاج.
وأكد الدكتور أشرف علام المدير الإقليمي لشركة موندي فارما الشرق الأوسط، تركيا وأفريقيا أنه حتى الان لا يوجد علاج يقضى على المياه الزرقاء نهائياً، لذلك فان من واجب موندى فارما دعم المجتمع المصري للتوعية بأهمية العلاج الصحيح المتوفر حاليا للابطاء من تدهور المرض و بالتالي منع فقدان البصر.
ولفت إلى ان الشراكة ما بين موندي فارما و الجمعية المصرية للتعليم المستمر لطب و جراحة العيونلإطلاق حملة ممكن تروح منك فى لحظه هي جزء من مهمة موندي فارما للمجتمع كونها رائدة في مجال علاج المياه الزرقاء.

وصرح الدكتور فؤاد القماح المدير العام لشركة موندي فارما المدير العام لشركة موندي فارما في مصر وشمال وغرب افريقيا والشرق الادنى ان المياه الزرقاء اكثر انتشارا في الدول النامية عنه في دول العالم المتقدم لذلك يجب ان تكون محورا أساسيا لاي حملة تهدف الى تحسين صحة العين.
وتابع، جزء من رؤية و مسئولية الشركة هو زيادة الوعي المجتمعي لهذا المرض أملاً في الحفاظ على البصر لملايين الأشخاص، ولذلك قامت بالتعاون مع الجمعية المصرية للتعليم المستمر لطب و جراحة العيون بإطلاق حملة "ممكن تروح منك في لحظة" للتوعية بالمياه الزرقاء.

عوامل ظهور التجاعيد في سن الشباب مع الدكتور / أحمد العطار

التجاعيد وخطوط الوجه مش مرتبطة بسن معين .
يعني ممكن تلاقي واحدة ابتدت تظهر لها خطوط وتجاعيد عند عنيها وهي في التلاتينات .
الموضوع مش مرتبط بالسن لكن مرتبط أكتر بعوامل تانية مثل :-
١ – التغذية الغير سليمة
٢ – إهمال البشرة وعدم الاهتمام بها
٣ – التدخين
٤ – السهر وقلة النوم
٥ - التوتر والقلق
وطبعا نقص الكولاجين بيسبب ظهور التجاعيد والخطوط في الوجه لان الكولاجين هو المادة اللي بتعمل مظهر الامتلاء في الوجه .
علشان كده لازم تغذي بشرتك بالكولاجين عشان تفضل بشرتك ممتلئة وتأخري ظهور الخطوط والتجاعيد .
الدكتور / أحمد سعيد العطار
أخصائي الجراحة العامة
وجراحات التجميل والليزر
وعلاج السمنة وشفط الدهون

لهذا السبب رأَسُك يتفجَّرُ أَلماً

رافع آدم الهاشميّ

بسمِ الله الرّحمن الرّحيم، وَ به نستعين في جميعِ أُمورِ الدُّنيا و الدِّين، وَ صلّى اللهُ على سيِّد الخلقِ أجمعين، قائدنا وَ مُعلِّمِنا وَ حبيبنا النبيّ الهاشميّ الصادق الأَمين، وَ على آلهِ الطيّبين الطاهرين، وَ صحبه الأخيار الْمُنتَجبين، وَ سلَّمَ تسليماً كثيراً.
أَمَّا بعدُ:
البحثُ عنِ الحقيقةِ لا ينفكُّ عن دغدغةِ عقولِ الجميعِ قاطبةً دونَ استثناءٍ، فهُوَ كاذِبٌ مَن يدَّعي أَنَّهُ لَم يُفكِّرُ يوماً في حقيقةِ وجودهِ وَ الأَسباب الداعية لإِيجادِ هذا الوجود، كُلُّنا نحنُ البشرُ فكَّرنا في لحظةٍ من لحظاتِ حياتنا بخلفيِّاتِ إِيجادِنا وَ الهدف مِن وجودنا وَ ماهيَّة الصانع وَ المصنوع على مستوى الكونِ برُمَّتهِ، وَ الكثيرونَ مِنَّا لا يزالُ يفكِّرُ باستمرارٍ حتَّى الآنَ، إِلَّا أنَّ التفكيرَ بتخبُّطٍ في الأَفكارِ، غيرَ التفكيرِ بالغورِ في أَعماقها بانتهاجِ صراطٍ مُستقيمٍ!
الباحثُ عن الحقيقةِ كالّذي يُريدُ الحصولَ على كنوزٍ دفينةٍ في أَعماق البحار، ما لَم يكُن الباحثُ هذا قادراً على الغوصِ وَ يمتلِكُ كُلَّ مُقوِّماتِ بقائهِ داخلَ أَعماقها، فلن يستطيعَ النجاةَ أَبداً، سيموتُ داخل البحرِ لا محالة، إِمَّا أَن تلتهمُهُ أَسماكُ القِرش المفترسة، أَو يختنقُ بفُقدانهِ الهواءِ اللازمِ لبقائهِ حيَّاً، أَو حتَّى لعدمِ تمكُّنهِ من الوصولِ أَساساً إِلى شيءٍ مِن تلكَ الكنوزِ الدفينةِ؛ بعدمِ امتلاكهِ الطريقَ الصحيحَ الموصلِ إِليها، مِمَّا يتسبَّبُ لديهِ بضياع الوقتِ وَ الجُهدِ وَ المالِ على حدٍّ سواءٍ، وَ بالتالي: إِيصالهُ إِلى نقطةِ الضياع الحتميِّ، وَ مِن ثَمَّ (بفتحِ الثاءِ لا بضمِّها) إِلى نقطةِ اللاعودة، وَ من نقطةِ اللاعودةِ يتمُّ الدخولُ مِنها إِلى مرحلةِ بدايةِ النهايةِ المؤكَّدِة الّتي يحمِلُ الداخِلُ فيها الندمَ وَ الخُسرانَ مدى الحياة، في عالَمِنا هذا، وَ في عالَمٍ آخَرٍ غيرَ عالمِ الدُّنيا الّذي نعيشُ فيهِ الآن.
إذاً: اختلاطُ الأَفكارِ على صاحبها، تودي وَ تؤدِّي بهِ إِلى الهلاك، حتَّى وَ إِن كانت نيِّتُهُ سليمةً في سعيهِ الدؤوبِ لتقصّي الحقائقِ وَ الوصولِ إِلى خفاياها أَيَّاً كانت، فهُوَ كالّذي دخلَ البحرَ دُونَ أَن يتعلَّمَ السباحةَ حتَّى، وَ دُونَ أَن يأَخذ معَهُ مُعِدَّاتَ الحمايةِ اللازمةِ وَ الْمُستلزماتَ الضروريَّةَ بما فيها خارطةُ الطريق، مثلُ هكذا شخصٍ فإِنَّ الهلاكَ مَصيرُهُ لا محالة!
أَمَّا الّذي اعتمدَ الصّراطَ المستقيمَ في تقصّيهِ الحقائق، فإِنَّ النجاةَ تُحالِفُهُ دائماً بأَمرِ الله، وَ الوصولُ إِلى غاياتهِ يكونُ سهلاً دُونَ مُنازعٍ؛ فهُوَ كالّذي دخلَ البحرَ بعدَ أَن أَتقنَ الغوصَ على مُعلِّمٍ أَمينٍ، وَ حملَ معَهُ كُلَّ مُتطلّباتِ النجاةِ وَ الوصولِ مُستعيناً بوصايا وَ تعليماتِ مُعلِّمهِ الأَمين، مثل هذا الباحثِ عن الحقيقةِ سيصلُ برَّ الأَمانِ وَ هُوَ يحمِلُ معَهُ أَغلى الكنوزِ الدفينةِ في أَعماقِ البحارِ الّتي قرَّرَ الغوصَ فيها.
اليومَ وَ أَنا أُطالِعُ جديدَ منشوراتِ الآخَرين، توقّفتُ قليلاً أَمامَ بضعةِ كلماتٍ لإِحدى الباحثاتِ عن الحقيقةِ، وَ قد سارت في طريقِ نشرِ كلماتها تلكَ على صفحاتِ عددٍ من الصُحفِ وَ المجلّات، كلماتٌ أَحزنتني جدَّاً؛ لأَنَّ كاتبتها قد أَدخلَت نفسها في أَعماقِ البحرِ دُونَ أَن تتعلَّم السباحةَ حتَّى، وَ دُونَ أَن تحمِلَ معها شيئاً مِن مُتطلّباتِ النجاةِ وَ مُستلزماتِ الوصولِ إِلى الغايةِ مِن دخولها البحرَ وَ الهدف مِن توجُّهِها إِلى أَعماقٍ فيهِ، أَعماقٍ خطيرةٍ بالنسبةِ إِليها، ستُهلِكُها لا محالة، لذا: حزنتُ لهلاكها الأَكيدِ إِن أَصرَّت هيَ على البقاءِ داخل البحرِ بطريقتها هذهِ الّتي تفتقِدُ وسائلَ النجاة، كما تفتقِدُ هيَ أَدنى أَساسيِّاتِ التعلُّمِ مِن مُعلمٍ أَمين!
كاتبةُ الكلماتِ هيَ كغيرها مِنَ الإِناثِ صغيراتِ السِنِّ اللواتي أَعتبرهُنَّ جميعاً بناتيَ روحيَّاً، وَ حيثُ أَنَّني أَعتبرُ نفسيَ أَباهُنَّ الروحيَّ، وَ حتَّى لو هُنَّ لَم يعتبرنَّني أَباً روحيَّاً لَهُنَّ، فالواجِبُ عَليَّ نُصحهنَّ وَ إِرشادُهنَّ إِلى جادَّةِ الصوابِ؛ حُبَّاً أَبويَّاً خالصاً منِّي فيهنَّ إِلى الله، وَ هذا الْحُبُّ منِّي ينطبقُ على جميعِ المخلوقاتِ في الكونِ برُمَّتهِ دُونَ استثناءٍ.
ابنتي الروحيَّةُ هذهِ قالتَ في بعضِ كلماتها تلكَ ما نصُّهُ، وَ هيَ تُكرِّرُ عبارةَ (أَنا الإِنسانُ) قبلَ أَيِّ عبارةٍ أُخرى لاحقةٍ لها:
- "أَنا الإِنسانُ خُلِقتُ مِن نتفةٍ، أَنا الإِنسانُ ذكرٌ وَ أُنثى،... أَنا الإِنسانُ خُلِقتُ على هيئةِ الرّحمن، أَنا الإِنسانُ خُلِقتُ في أَحسنِ صورةٍ، أَنا الإِنسانُ القادرُ وَ العاجزُ، أَنا الإِنسانُ أَسمعُ وَ أَتكلّمُ، أَنا الإِنسانُ الأَصمُّ وَ الأَبكمُ، أَنا الإِنسانُ الكريمُ وَ الإِنسانُ البخيلُ وَ الإِنسانُ الحريصُ، أَنا الإِنسانُ النافِعُ وَ الضارُّ".
لتستمرَّ قائلةً (أَنا الإِنسانُ):
- "الْمُعلِّمُ وَ التلميذُ، القاتلُ وَ القتيلُ وَ الشهيدُ، الحَيُّ وَ الميِّتُ وَ المميتُ، العامِلُ وَ العاطِلُ، الرازقُ وَ المانعُ، القويُّ وَ الضعيفُ، الظالِمُ وَ المظلومُ، الصديقُ وَ النبيُّ وَ الرّسولُ، ذو هيبةٍ، السلطانُ وَ الملكُ وَ الرئيسُ وَ الإمبراطورُ، صاحِبُ الجَلالةِ وَ الكَرم، البصيرُ وَ الأَعمهُ، المتكبِّرُ الجَبَّارُ، العادِلُ الظالِمُ، الكريمُ وَ البخيلُ وَ الحريصُ، الغنيُّ وَ الْمُغني، الفقيرُ، الوارثُ وَ الوريثُ، الْمُذلُّ وَ الذليلُ، الصادقُ وَ الكاذبُ، السَّاحِرُ وَ المسحورُ، الحاكِمُ وَ المحكومُ، الْمُحترَمُ وَ الزَّاني، الفنَّانُ وَ المتسوُّلُ وَ الْمُخترِعُ وَ الْمُبدِعُ وَ الْمُفكِّرُ، مُعَمِّرُ الأَرضِ وَ فاسِدٌ فيها، المؤمنُ وَ الكافِرُ، عابدُ الأَصنامِ وَ عابدُ الشمسِ وَ القمر، عابدُ الشيطانِ وَ عابدُ الجبال، الّذي لا أَعبدُ شيئاً، الّذي أَعبدُ إِلهً يراني وَ لا أَراهُ".
لتقولَ أَخيراً:
- "أَنا الإِنسانُ مالِكُ الْمُلكِ الّذي لا أَملِكُ شيئاً".
كلماتها المذكورةُ قبلَ قليلٍ، وضعَتها هيَ تحتَ عنوانٍ رئيسيٍّ هُوَ: (أَنا الإِنسانُ)، وَ بالطبعِ فإِنَّ كلماتها كانت على عِوارها لُغويَّاً وَ إِعرابيَّاً، وَ التصحيحُ النحويُّ قد أَجريتُهُ أَنا شخصيَّاً على كلماتها هذهِ (وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا)، دُونَ أَن أُغيِّرَ شيئاً مِن رسمِ كلماتها مُطلقاً؛ لتوخِّي الدقَّةِ في المعاني الّتي اختلَطَت على كاتبتها (ابنتي الروحيَّة الغالية في الله)، فلاحِظ (ي) أَنت جيّداً وَ تبصَّر (ي)!
أَقولُ:
في كلماتها، تناقضاتٌ فِكريَّةٌ واضِحَةٌ وَ اتِّهامٌ للذاتِ الإلهيَّةِ بالنقصِ وَ الفسادِ دُونَ قصدٍ مُسبَقٍ مِن كاتبةِ هذه الكلماتِ بهذا الاتِّهام، ففي قلبها طُهرُ وَ نقاءُ الفِطرةِ الإنسانيَّةِ السّليمةِ، إِلّا أَنَّ معلوماتَ عقلها تختلِطُ بالكثير الكثيرِ مِن مُغالطاتِ الْمُجتمَعِ وَ مصادرِ المعلوماتِ الخاطئةِ الّتي أَخذت هيَ معلوماتها منها، وَ البحثُ عن الحقيقةِ في داخلها هُوَ ما يجعلُها تبوحُ ببعضِ ما يجولُ بخاطرِها؛ مِمَّا هُوَ غير خافٍ عن ذي لُبٍّ..
- لكن!
عليها أَن لا تتعجَّلَ النشرَ أَبداً؛ لأَنَّ ما تنشرهُ إِمَّا أَن يكونَ لها وَ للجميعِ، أَو يكونَ عليها وَ عليهِم أَيضاً.
في نصِّها هذا كثيرٌ مِنَ التناقُضاتِ وَ الأَخطاءِ الفادحةِ فِكريَّاً؛ فالإِنسانُ لَم يتمّ خلقهُ على هيئةِ الرَّحمنِ (الّذي هُوَ اللهُ) مُطلَقاً..
لستُ أَدري!
- أَيُّ أَحمَقٍ أَخبرها بهذا؟!!!
- فهل يمكنُها أَو غيرُها أَن يدَّعي أَنَّهُ خالِقٌ للكونِ بصفتهِ على هيئةِ الرَّحمن؟!!!
الرَّحمنُ خالِقٌ أَيضاً، وَ الهيئةُ تقتضي التماثلَ لا التشابهَ فقَط..
- فهل هيَ الله؟!!!
طبعاً لا، لا هيَ وَ لا أَنا وَ لا أَحدٌ غيرها مُطلقاً يكونُ الله؛ اللهُ الخالِقُ هُوَ اللهُ الخالِقُ، وَ المخلوقُ هُوَ المخلوقُ.
ثُمَّ (بضَمِّ الثاءِ لا بفتحِها):
- أَيُّ أَحمَقٍ أَخبرَها أَنَّ اللهَ خلقَ الإِنسانَ في أَحسنِ صورةٍ؟!!!
حسناً إِذاً:
- وَ هؤلاءِ الْمُشوَّهونَ خَلْقيَّاً (بفتحِ الخاءِ لا بضمِّها وَ بسكونِ اللامِ لا بضمِّها)؟!
- هل هُم في أَحسنِ صورةٍ أَيضاً أُسوةً بصورةٍ غيرِهم مِن غيرِ المشوَّهين؟!!
بالتأَكيدِ أَنَّ المشوَّهينَ في أَسوءِ صورةٍ، فإِذا كانَ اللهُ قَد خلقَ الإنسانَ في أَحسنِ صورةٍ، فإِنَّ المشوَّهينَ خَلْقيَّاً يؤكِّدونَ بشكلٍ قاطعٍ على أَنَّ اللهَ قَد أَساءَ في جعلِ صوَرِ المشوَّهينَ بهذا السوءِ وَ النقصِ معاً، وَ هذا يعني: أَنَّ اللهَ عزَّ وَ جَلَّ ما بينَ اثنينِ لا ثالثَ لَهُما:
- إِمَّا أَنَّهُ لا يعرِفُ كيفَ يخلقُ الإِنسانَ في أَحسنِ صورةٍ، فأَدَّى عدَمُ معرفتهِ إِلى خلقِ أَشخاصٍ مشوَّهينَ يعتريهم النقصُ وَ سوءُ الصورةِ وَ قُبحها!
- وَ إِمَّا أَنَّ اللهَ يعرِفُ كيفَ يخلقُ الإِنسانَ في أَحسنِ صورةٍ، لكنَّهُ تعمَّدَ خلقَ هؤلاءِ المشوَّهينَ بهذهِ الصورةِ السيئَّةِ الناقصةِ القبيحةِ!
في الحالتينِ معاً، هكذا خالقٌ لن يكونَ خالِقاً كامِلاً خالياً مِنَ النقصِ، وَ بالتالي: فإِنَّ مثلَ هذا الخالِقِ لَن يكونَ مُنزَّهاً عن العيبِ وَ النقصِ، وَ الّذي لا يكونُ مُنزَّهاً بهذهِ الكيفيَّةِ الْمُشينةِ لَن يستحقَّ العبادَةَ مُطلقاً؛ لأَنَّهُ في الحالةِ الأُولى: (لا يعرِفُ)، وَ في الحالةِ الثانيةِ فَهُوَ: (ظالمٌ)؛ لأَنَّهُ ظلمَ المشوَّهينَ خَلْقيَّاً بجعلِهِ إِيَّاهُم مشوَّهينَ في أَسوءِ وَ أَقبحِ صورةٍ، فيما جعلَ غيرَهُم في أَحسنِ صورةٍ!
- فهل هذهِ صفاتُ الله؟!!!
حاشا اللهُ الإِلهُ الخالقُ الحقُّ من هذا النقصِ وَ العيبِ جُملةً وَ تفصيلاً.
لذا: فكَلامُ كاتبةِ تلكَ الكلماتِ إِنَّما هيَ مِن حيثُ لا تقصِدُ، توجِّهُ الاتِّهامَ إِلى اللهِ عزَّ وَ جَلَّ بأَنَّهُ (لا يعرفُ) وَ/ أَو أَنَّهُ (ظالمٌ)، وَ هذا اتِّهامٌ باطلٌ لا صحَّةَ فيهِ مُطلقاً.
- فلماذا (يا كاتبة تلكَ الكلمات) تتهمينَ اللهَ باطِلاً بسوءِ الخَلقِ وَ هُوَ عزَّ وَ جَلَّ مُنزَّهٌ عَن أَيِّ عيبٍ وَ عن أَيِّ نقص؟!!!
القرآنُ الكريمُ واضحٌ في كُلِّ شيءٍ دونَ استثناءٍ، وَ بخصوصِ الخَلقِ فَهُوَ يقولُ:
- {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاء رَكَّبَكَ}.
[القرآن الكريم: سورة الانفطار/ الآيات (6 – 8)]
أَيّ: أَنَّ الإِنسانَ مرَّ بمراحلٍ ثلاثٍ حتَّى صارَ ما صارَ عليهِ لاحقاً مِن هيئةٍ بشتَّى أَشكالها، وَ هذهِ المراحلُ هيَ:
(1): مرحلةُ الْخَلقِ.
(2): مرحلةُ التسويةِ.
(2): مرحلةُ التعديلِ.
وَ في كُلِّ مرحلةٍ منها تتكشَّفُ الكثيرُ مِنَ الحائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرارِ؛ إِن دقَّقنا فيها مَليَّاً بعينِ الْمُحقِّق الْمُدقِّق السائرِ على الصِّراطِ الْمُستقيمُ، وَ المقالُ لا يسعُ كشفها إِليك جميعاً أَو حتَّى بعضٍ منها، وَ يكفي أَنَّني نبهتُك (عزيزي القارئ وَ عزيزتي القارئة) إِلى شيءٍ غابَ (بأَمرِ اللهِ) عن جميعِ العُلماءِ سابقاً على مَرِّ التَّاريخِ، وَ هذا فضلٌ مِنَ اللهِ عزَّ وَ جَلَّ إِليَّ؛ إِذ اختارني لِما اختارني إِليهِ سُبحانهُ، وَ اختارك أَنت الآنَ لمعرفةِ باب الدخولِ إِلى الفضلِ عن طريقِ معرفتك هذا التنبيه.
- {لِئَلاَ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
[القرآن الكريم: سورة الحديد/ آخِر الآية (29)]
فالحمدُ للهِ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ على كُلِّ حالٍ مِنَ الأَحوال.
- ما الّذي تعنيهِ الآيةُ الشَّريفةُ أَعلاهُ الّتي احتوت على مراحلِ تشكيل هيئة الإِنسان؟
تعني: أَنَّ اللهَ عزَّ وَ جَلَّ لَم يخلُق الإِنسانَ في أَحسنِ صورةٍ، وَ إِنَّما اللهُ عَزَّ وَ جلَّ قَد خلقَ الإِنسانَ في أَحسنِ تقويمٍ، وَ فرقٌ شاسعٌ بينَ الصورةِ وَ التقويمِ، وَ هذا ما أَكَّدت عليهِ الآيةُ الشَّريفةُ صراحةً:
- {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}.
[القرآن الكريم: سورة التين/ الآية (4)]
معَ وضعك بعين الاعتبار: أَنَّ الآيةَ الشّريفةَ هذهِ قالت: {خَلَقْنَا الإِنسَانَ}، بصيغةِ الجمع، لا بصيغة المفردِ الّتي وردت في آيةِ المراحل الثلاث : {خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ}، وَ الإِلهُ الخالِقُ الّذي هُوَ اللهُ، هُوَ مفردٌ وَ ليسَ جمعاً..
- فكيفَ يُخاطِبُ الْمُفردُ الآخرينَ بصيغةِ الجمعِ لا بصيغةِ المفردِ؟!!!
- هل يكونُ اللهُ كاذباً فكانَ الخالِقُ في حقيقتهِ جمعٌ مُتعدِّدٌ وَ أَوهمنا أَنَّهُ إِلهٌ واحدٌ فقط؟!!!
- أَم أَنَّهُ لا يعرِفُ قواعدَ اللُّغةِ العربيَّةِ وَ هُوَ جاهِلٌ بها تماماً لدرجةِ أَنَّهُ لا يستطيعُ التمييزَ بينَ صيغةِ المفردِ وَ صيغةِ الجمعِ؟!!
- أَم أَنَّ هُناك حقائقٌ وَ خفايا وَ أَسرارٌ لَم تتكشَّفَ لِمَن كانَ قبلنا بمَن فيهم العُلماءُ الّذين ظنَّ فيهمُ الآخرونَ أَنَّهُم متخصِّصون؟!!!
بالطبعِ مِمَّا لا شكَّ فيهِ لديَّ، أَنَّ اللهَ الإِلهَ الخالقَ الحقَّ هُوَ قُدُّوسٌ جُملةً وَ تفصيلاً، وَ القُدُّوسُ هُوَ الْمُنزَّهُ عن أَيِّ عيبٍ وَ نقصٍ مهما كانَ صغيراً، فاللهُ جَلَّ وَ علا هُوَ الكمالُ الْمُطلَقُ الخالي مِن أَيِّ عيبٍ وَ نقصٍ، هُوَ الْمُنزَّهُ عن أَدنى شَينٍ أَيَّاً كانَ، وَ حاشاهُ أَن يكونَ ناقصاً أَو يوصَفُ بشيءٍ منَ النقصِ، تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهت صفاتهُ، فلا هُوَ الجاهِلُ، وَ لا هُوَ غيرُ العارِفِ، وَ لا هُوَ الكاذبُ مُطلقاً.
إِذاً فالحقيقةُ هيَ:
- هُناك حقائقٌ وَ خفايا وَ أَسرارٌ لَم تتكشَّفَ لِمَن كانَ قبلنا بمَن فيهم العُلماءُ الّذين ظنَّ فيهمُ الآخرونَ أَنَّهُم متخصِّصون.
ضَع (ي) هذه الحقيقة في حساباتك باستمرارٍ؛ إِن شئت أَنت الوصول إِلى الكنوزِ الدفينةِ في أَعماقِ بحارِ الحقائق وَ الخفايا وَ الأَسرار، وَ هذا تنبيهٌ ثانٍ منِّي إِليك، وَ عليك أَنت بعدَ ذلك، الغوصُ في بحارِ الحقائقِ المليئةِ بالكنوزِ الدفينةِ الثمينة، فتأَمّل (ي) وَ تدبَّر (ي) جيِّداً أَعزَّك الله.
بالإِضافةِ إِلى أَنَّ الآيةَ الشَّريفةَ الخاصَّةَ بمراحلِ الخلقِ قَد أَخبرتنا صراحةً، قائلةً:
- {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاء رَكَّبَكَ}..
وَ (ما شاءَ) تقتضي أَنَّ الّذي خلقَ الإِنسانَ لَهُ حُريَّةُ الاختيارِ في جعلِ صورةِ هذا المخلوقِ حسنةً لا نقصَ فيها، أَو قبيحةً يعتريها النقص، وَ لهذا الاختيارِ في تركيبِ صورةِ الإِنسانِ ما بينَ كُلِّ درجاتِ الْحَسَنِ، ابتداءً مِن أَدناها، وَ انتهاءً إِلى أَحسنِ صورةٍ فيها، وَ ما بينَ كُلِّ درجاتِ القُبحِ، ابتداءً من أَدناها، وَ انتهاءً إِلى أَقبحِ صورةٍ فيها، بما فيها صورةُ المشوَّهين!
هذا مثالٌ واقعيٌّ بسيطٌ جدَّاً عن الأَخطاءِ الفكريَّةِ الّتي تعجُّ بها تلكَ الكلماتِ لتلكَ الكاتبةِ المغمورةِ، أَرشدَها اللهُ إِلى الصَّواب، ناهيك عن غيرها منَ الأَخطاءِ الفكريَّةِ الأُخرى، منها على سبيلِ الإِشارةِ وَ الاختصارِ، دونَ الخوض في تفاصيلِ جزئيِّاتها الدقيقةِ، الصفاتَ المتناقضةِ الّتي جعلتها هيَ جُزافاً لـ (الإِنسان)!
أَقولُ:
الإِنسانُ هُوَ الّذي يأَنسُ بأَخيهِ الإنسانِ، وَ الّذي يأَنسُ بأَخيهِ الإِنسان لا يكونُ ظالماً لِمَن يأَنسُ بهِ، وَ في حالِ انسلاخهِ مِنَ الأُنسِ بأَخيهِ الإِنسانِ، سيكونُ ظالِماً لا محالة؛ لأَنَّهُ في هذهِ الحالةِ لن يضعَ أَيَّ اعتبارٍ لذلكَ الإِنسانِ المظلومِ، فهُوَ (هذا الظالِمُ) قَد انسلخَ مِن فطرتهِ الإِنسانيَّةِ السَّليمةِ الّتي تقتضي الأُنسَ بأَخيهِ الإِنسانَ، وَ هذا الاقتضاءُ يوجِبُ تحقٌّقَ قاعدةَ (لا ضَررَ وَ لا ضِرارَ) الّتي أَمرَنا وَ أَوصانا بها النبيُّ الصادقُ الأَمينُ (جدِّيَ الهاشميُّ عليهِ وَ على آلهِ الطاهرين وَ صحبهِ الأَخيار الْمُنتَجبين أَفضلُ الصَّلاةِ وَ أَتمُّ السَّلام وَ روحي لَهُ وَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، مِمَّا يعني (بداهةً): أَنَّ الظالمَ قَد اختارَ بنفسهِ هُوَ أَن يُغادرَ هيئةَ الإِنسانِ ليدخُلَ في هيئةٍ أُخرى ممسوخةٍ تتشكَّلُ وِفقاً لاختياراتهِ هُوَ ضِمنَ حُدودِ التسييرِ، وَ هذا الشيءُ ينطبقُ على جميعِ السلوكيِّاتِ الْمُشينةِ الأُخرى الّتي لا ترتبطُ بالفطرةِ الإِنسانيَّةِ السَّليمةِ، مثل: الكذب، وَ الغدر، وَ الخيانة، فالكاذبُ ليسَ إِنساناً، وَ الغادرُ كذلكَ ليسَ إِنساناً، وَ الخائنُ أَيضاً ليسَ إِنساناً، كُلُّ واحدٍ مِن هؤلاءِ الثلاثةِ مسخٌ سمَّاهُ لنا رسولُ اللهِ بـ (المنافق)؛ وَ أَخبرنا بأَنَّ آيتُهُ:
- "إِذا حدَّثَ كذب، وَ إِذا وعدَ أَخلف، وَ إِذا أُؤتِمنَ خان"..
وَ هذا الْمِسخُ الّذي اسمُهُ (مُنافِقٌ) وَ الّذي بطبيعةِ الحالِ صِفتُهُ النِّفاقَ، قَد أَخبرنا القُرآنُ عنهُ صراحةً، قائلاً:
- {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}..
[القرآن الكريم: سورة التوبة/ الآيتان (67 و 68)]
وَ قالَ أَيضاً:
- {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً، إِلاَ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً}..
[القرآن الكريم: سورة النِّساء/ الآيتان (145 و 146)]
وَ قولهُ:
- {إِلاَ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للهِ}..
أَيّ: الّذين اختاروا الرجوعَ إِلى هيئةِ الإِنسانِ بانتهاجِ فطرتهِم السّليمةِ الّتي فطرهُم اللهُ عليها، لأَنَّهُم في تلكَ الحالةِ، الحالة الأُولى الطبيعيَّةِ غير الممسوخةِ مُطلَقاً، أَعني بها: حالة الإِنسان، يكونونَ في دائرةِ الرِضا الإِلهيِّ؛ حيثُ أَنَّ حالةَ الإِنسان (بشكلها الطبيعيِّ) توجِبُ عليهِ أَن يكونَ بصفاتٍ مُتلازمةٍ أَربعةٍ معاً، لا تنفكُّ إِحداها عنِ الأُخرى أَبداً، هيَ:
- (1): تائباً: أَيّ خالياً من أَيِّ ذنبٍ؛ كونُهُ قد اعترفَ بذنبهِ السابقِ وَ ندمَ عليهِ وَ عزمَ على عدمِ الرجوعِ إِليهِ.
وَ:
- (2): مُصلِحاً: أَيّ لا يُفسِدُ أَبداً.
وَ:
- (3): مُعتصِماً باللهِ، أَيّ لا يكونُ عبداً لكهنةِ المعابدِ سُفهاءِ الدِّينِ أَو أَيِّ شيءٍ آخَرَ غيرهُم دونَ الله، فيكونُ بذلكَ مُصداقاً عمليَّاً لـ {إِيَّاكَ نعبدُ وَ إِيَّاكَ نستعينُ}.
وَ:
- (4): مُخلِصاً دينهُ لله: أَيّ لا يعبدُ اللهَ طمعاً في جنَّتهِ أَو خوفاً من نارهِ، بل يعبد اللهَ حُبَّاً خالصاً في اللهِ، لأَنَّ الطمعَ وَ الخوفَ مُتلازمانَ مع بعضهما، وَ كِلاهُما يؤدِّيانِ إِلى الانحرافِ تحتَ أَيَّ ضغطٍِ قويٍّ لا يتحمّلُهُ الطامِعُ أَو الخائفُ آنذاك، لذا: نجِدُ الطامعينَ وَ الخائفينَ هُم الأَشخاصُ المنافقونَ وَ مِنهُم سُفهاءُ الدِّينِ المتأَسلمين لا المسلمين، الّذينَ يُتاجرونَ بكُلِّ شيءٍ حتَّى بالله، وَ في الوقتِ نفسهِ أَيضاً، لو دقّقنا جيِّداً، نجدُ أَنَّ جميعَ المنافقينَ طامعينَ وَ خائفينَ في الوقتِ ذاتهِ معاً.
عليهِ: فالإنسانُ بهيئتهِ الطبيعيَّةِ الّتي اختارها الله، لَن يكونَ بأَيِّ صفةٍ سيِّئةٍ مُطلقاً، فلا يكونُ مُتكبِّراً أَو ظالماً أَو بخيلاً أَو مُذلِّاً أَو ذليلاً أَو كاذباً أَو زانياً أَو مُتسوِّلاً أَو فاسِداً أَو كافِراً أَو عابداً لغيرِ الله، كما مرَّ في كلماتها أَعلاه.
ناهيك عن امتناعِ اجتماعِ النقيضينِ في شيءٍ واحدٍ أَو زمانٍ واحدٍ أَو مكانٍ واحدٍ أَيضاً، فكما أَنَّ حلاوةَ السُكِّرِ لا تجتَمعُ معَ المرارةِ في السُكِّرِ ذاتهِ، وَ كما أَنَّ مرارةَ الحنظلِ لا تجتمعُ معَ الحلاوةِ في الحنظلِ ذاتهِ، كذلكَ في الإِنسانِ (بهيئتهِ الطبيعيَّةِ) لا تجتمعُ السلوكيِّاتُ الصحيحةُ معَ السلوكيِّاتُ الخاطئةُ، وَ كذلكَ السلوكيِّاتُ الخاطئةُ لا تجتمعُ معَ السلوكيِّاتِ الصحيحةِ في المسخِ أَيَّاً كانَ ظاهِرُهُ أَمامَ الآخَرين!
- يبقى الإِنسانُ إِنساناً، وَ يبقى الْمِسخُ مِسخاً أَنَّى كان.
وَ في كلماتها أَلفاظٌ رسمَتها هيَ بشكلها المذكور في أَعلاهُ، رُبَّما دُونَ علمٍ منها بحقيقةِ تلكَ الأَلفاظِ، فأَرادَت معنىً آخَرَ لأَلفاظٍ برسمٍ غيرَهُ، إِلَّا أَنَّها استخدَمت لهجتها الدارجةِ وَ خلطَت بينَ رسمِ الأَلفاظِ فاختلطَ عليها المعنى بذلكَ، منها:
قولها: (خُلِقتُ مِن نتفةٍ)، فالـ (نتفة) معناها: القليلُ مِنَ الشيءِ، وَ الـ (نطفة) معناها: قطرةُ منيٍّ صافٍ، فهيَ قالت (نتفة) وَ لم تقل (نطفة)..
- فهل حقَّاً أَرادَت معنى الـ (نتفة)؟!
- أَم أَنَّ التعبيرَ لم يُسعِفها فأَرادَت معنى الـ (نطفة) فقالت دونَ أَن تدري: (نتفة) بدلاً عن (نطفة)؟!!
وَ قولها: (البصيرُ وَ الأَعمهُ)، فالـ (الأَعمهُ) معناها: هُوَ الشخصُ الْمُصابُ بعمى البصيرةِ، فيكونُ بذلكَ قلبُهُ مُتردِّداً مُتحيِّراً مُتَّبعاً هوا نفسهِ الأَمَّارةِ بالسوءِ، فلا يدري وجهَ الصّوابِ، وَ لا يعرِفُ الطريقَ الصحيح، حتَّى وَ إِن كانَ فاقدَ البصرِ، أَيّ: ضريراً لا يرى بعينيهِ، وَ الـ (الأَعمى) معناها: أَن يكونَ الشخصُ ضريراً فقدَ بصرَ عينيهِ وَ لا يستطيعُ الرؤيةَ بهما، حتَّى وَ إِن كانَ ذا بصيرةٍ قويَّةٍ تجعلُهُ مُتِّبعاً الصِّراطَ المستقيمَ فيدري وجهَ الصّوابِ وَ يعرِفُ الطريقَ الصحيح..
- فهل حقَّاً أَرادَت معنى الـ (العَمَهَ)؟!
- أَم أَنَّ التعبيرَ لم يُسعِفها فأَرادَت معنى الـ (العمى) فقالت دونَ أَن تدري: (العمه) بدلاً عن (العمى)؟!!
إِلى غيرِ ذلكَ مِن تناقضاتٍ فكريَّةٍ كثيرةٍ تكشِفُ جهلَ كاتبةَ تلكَ الكلماتِ، جهلاً مُرَكِّباً يجعلُ مَن أَحبَّها صادِقاً قُربةً إلى اللهِ أَن يحزنَ عليها حُزناً يحمِلُ في ثناياهُ إِليها كُلَّ الخيرِ وَ السَّلام.
إِنَّ كاتبةَ تلكَ الكلماتِ هيَ مِثالٌ حيٌّ عن غيرها الكثيرِ مِن أَمثالها في زماننا هذا على وجهِ الخصوصِ؛ إِذ نجدُ اليومَ أَنَّ مَن لا عِلمَ لَهُم بحقائقِ الأَشياءِ يخوضونَ في كُلِّ شيءٍ، ظانِّينَ أَنَّهُم يُحسنونَ صُنعاً، إِلَّا أَنَّهُم يُزيدونَ الفسادَ إِفساداً وَ هُم لا يعلمون، فتزدادُ مُجتمعاتُنا بذلكَ تصدُّعاً أَكثرَ فأَكثر!
إِنَّ حُريَّةَ التعبيرِ تقتضي على مسؤولي الصُحفِ وَ المجلّاتِ أَن ينشروا كُلَّ شيءٍ، حتَّى وَ إِن كانَ لا يصلحُ للنشرِ حتَّى، هذهِ هيَ حُريَّةُ التعبيرِ، أَمَّا مسؤوليَّةُ التعبيرِ فإِنَّها تقتضي على أَصحابِ الكلماتِ (الكاتبينَ وَ الكاتباتِ) أَن لا ينشروا إِلَّا ما كانَ صالحاً للنشرِ، وَ حيثُ أَنَّ الغالبيَّةَ اليومَ لا يعلمونَ شيئاً عن الحقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرار، وَ لا يعلمونَ حتَّى أَنَّهُم يجهلون، فباتوا في جهلٍ مُركَّبٍ مُتراكبٍ معاً، يجهلونَ أَنَّهُم يجهلون، وَ لا يعلمونَ بأَنَّهُم لا يعلمون، فأَصبحوا يتخبّطونَ في أَفكارٍ مُتناقضةٍ تتضاربُ فيما بينها تضارُباً صارخاً بامتياز، مِمَّا أَدَّى بهِم أَن يتظاهروا أَمامَ الآخرينَ أَنَّهُم مُستقرِّونَ، وَ في واقعِ الحالِ أَنَّ رأَسَهم يتفجَّرُ أَلماً؛ باحثاً عن إِجاباتٍ لأَسئلتهم المتمخَّضةِ عن أَفكارهم المتناقضةِ هذهِ، الّتي لا أَساسَ لها مِنَ الصِّراطِ المستقيم، إِذ افتقدوا الْمُعلَّمَ الأَمينَ ففقدوا بذلكَ كُلَّ مُقوِّماتِ وَ مُستلزماتِ الوصولِ إِلى برِّ الأَمان، لذا أَقولُ لكُلِّ واحدٍ مِن هؤلاءِ:
- لهذا السبب رأَسُك يتفجَّرُ أَلماً..
فباللهِ عليك لا تدع (ين) أَلمك هذا يتفجُّرُ في رأَس غيرك مِمَّن لا يمتلكونَ شيئاً مِن مقوِّماتِ الغوصِ في أَعماقِ بحارِ الحقائقِ أَيَّاً كانت، وَ ما أَكثرُ الّذينَ لا يعلمونَ بأَنَّهُم لا يعلمون! فلتكُن فيك خصلةُ الصبر، عليك التريُّث كثيراً قبل نشر كتاباتك، وَ عليك أَوَّلاً وَ قبل كُلِّ شيءٍ أَن تلتزمَ بمنهجِ الإِسلامِ الأَصيلِ، الّذي بابُهُ أَوَّلُ كلمةٍ قالها جبرائيلُ عليهِ السَّلامُ لسيِّدنا النبيِّ الصادقِ الأَمينِ (روحي لهُ الفِداءُ)، وَ هُوَ قولهُ الشّريفُ:
- {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
[القرآن الكريم: سورة العلق/ الآية (1)]
لهذا، النقصُ لا يقعُ على مسؤولي الصحفِ وَ المجلّاتِ حينَ فسحوا المجالَ بالنشرِ أَمامَ الجميعِ؛ عملاً منهُم بـ (حريَّة التعبير)، إِنَّما النقصُ كُلُّ النقصِ يقعُ على الكاتبينَ وَ الكاتباتِ أَيَّاً كانَ مجالُ الكتابةِ لديهم وَ لديهنَّ؛ حيثُ لَم يعملوا وَ لم يعملَن بـ (مسؤوليَّةِ التعبير)، هذهِ المسؤوليَّةُ الّتي توجِبُ علينا أَن نتعلَّمَ أَوَّلاً مِن معلِّمٍ أَمينٍ، هُوَ: رسولُ اللهِ محمَّد بن عبد الله الهاشميِّ (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، الّذي هُوَ:
- {مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}..
[القرآن الكريم: سورة النّجم/ آخِر الآية (3) وَ الآيتان (4 و 5)]
- {يُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}..
[القرآن الكريم: سورة البقرة/ آخِر الآية (151)]
فلاحظ (ي) أَنت وَ تأَمّل (ي) وَ تبصَّر (ي) وَ تدبَّر (ي)!
أَخيراً وَ ليسَ آخِراً إِن شاءَ اللهُ تعالى، أَقولُ: اللهُمَّ احفظ وَ بارِك جميعَ المؤمنين وَ المؤمنات، وَ اهدِ الغافلينَ عنك وَ الغافلاتِ إِلى سبيلِ الرشاد، وَ انتقِم مِنَ المنافقينَ وَ المنافقات، وَ عَجِّل لوليك الفرج، يا قُدُّوس يا ذا الجَلالِ وَ الإِكرام.