الخميس، 5 مارس 2020

هاوية الحياة

رافع آدم الهاشميّ

كانَ يُعاني سكرات الموت، سمعه يقول باِرتعاشٍ:
- يَدُ الموت تدبُّ فِيَّ مخالبها.
انتابته رعشةٌ قويَّةٌ، نظرَ إِليه فوجدَهُ لا يقوى على الحراك، حرَّكَ شفتيه فأَصغى إِليهِ السمع:
- لقَد وصلتُ نهايةَ المطاف.
أَجابَهُ:
- لا تقل ذلكَ، فمَا زالت الشمسُ مشرقة.
قالَ بيأَسٍ:
- لقَد اِنتهى كلّ شيءٍ، لَم يعد لي هنا مَا يستحق لأَجلِهِ البقاء.
إِنــَّه الآن يموت لكي يعيش..!!، فساعة رحيله يبدأ حياته من جديد؛ فقَد تهاوت أَمام ناظريه كلُّ الآمال، وَ تلاشت جميع أَحلامه الجميلة، وَ لَم يعد هناكَ مَا يطمح إِليه بالوصول..!!؛ فهُوَ الآن بلا هدف..
بدأَت قطرات العرق تتجمّع فوق جبينه، مرَّر لسانه على شفتيه ثمَّ قالَ ببطءٍ شديدٍ وَ الدموع تترقرق في عينيه:
- كانت هِيَ كلّ سعادتي، فبدونها لَن أَشمَّ الهواء، لَن أَشربَ الماء، لَن أَمشي على الأَرض..
- لَن أَمشي على الأَرض..
- لَن أَمشي على الأَرض.
اِهتزَّ جسدُهُ بعنفٍ وَ كأَنــّه قَد صُعِقَ بتيارٍ كهربائيّ، أَغمضَ عينيه للحظاتٍ ثمَّ فتحهما ببطءٍ شديدٍ، نظرَ إِلى صاحبه الجالس جواره على فراشه المتهرِّئ نظرةً ملؤها الحزن وَ القنوط..
قالَ متلفّظاً كلماته بصعوبةٍ بالغةٍ:
- لقَد.. ضاعَ منّي.. كلّ شيء.. تحطّمت،، سفينتي.. في بحرٍ هائج.. وَ تكسَّرت.. أَشرعتُهَا.. في ريحٍ عاصفة..
- لقَد.. اِنتهيتُ يَا صاح.. فبدونها.. لَن أَمشي.. على الأَرض.. ثانيةً..
- إِنِّي الآن أَهوي.. فالوداع.
وَ بدأَ يهوي لاحقاً شريكة حياته لخمسةٍ وَ ثلاثين عاماً..
لقَد أَحبَّها بصدقٍ مثلما أَحبّته..
لَم تُنجب لَهُ طوال تلك السنين غير حبّها لَهُ، وَ لَم يُعطها شيئاً سوى دفء أَحضانه، فقَد كانت عاقراً، وَ كان هُوَ فقيراً لا يملك غيرها.. حتّى ثيابه كان المحسنون يتصدّقونَ بهَا عليه..
لقَد هوى إِلى أَبعدِ أَعماق الأَرض؛ ليضعَ رأَسَهُ جوارَهَا هناكَ، فيغمض عينيه بهدوء، ليتلاشى جسدُهُ بعدَ حين، بعدما تلاشى جسدها قبلَه منذ أَيَّامٍ قليلةٍ.

مِن كواليسِ عملي معَ الصُحُفِ وَ المجلّات

رافع آدم الهاشميّ

أَعمالٌ أَصيلَةٌ غيرُ مسبوقةٍ مُطلقاً، ليسَ لها مثيلٌ في الوجودِ كُلِّه، أَبتكِرُها شخصيَّاً، وَ أَقومُ بتأَليفها بعدَ مخاضٍ عسيرٍ، وَ جميعُها خُلاصَةُ تجاربي الشخصيَّة وَ نِتاجُ تحقيقاتيَ الخاصَّة، فمحتواها قاطبةً غنيٌّ ثريٌّ بما وراء الوراء، سواءٌ كانَ المحتوى على شكلِ قصَّةٍ أَو شعرٍ أَو مقالٍ أَو أَيِّ شكلٍ آخَرٍ غيرها، وَ حتَّى الصُّورُ المرفقةُ بأَعماليَ هذهِ هيَ الأُخرى أَصيلَةٌ أَيضاً، أَقومُ بالعملِ جاهداً على تجهيزِها وَ تنفيذها بنفسيَ لغرضِ إِضفاءِ طابعٍ أَصيلٍ لأَيِّ مكانٍ تكونُ هيَ وَ المحتوى المتعلِّقِ بها فيه.
كُلُّ هذهِ الأَعمالُ تتطلّبُ منِّي بذلَ جهوديَ وَ وقتي (الّذي هُوَ عُمُري) وَ ماليَ أَيضاً حتَّى تصبحَ جاهزةً للنشر، فأَضعُها مجّاناً دُونَ أَدنى مُقابلٍ في الصُحفِ وَ المجلّات وَ غيرهما؛ لم أَتقاضَ وَ لا أَتقاضى أَيَّ راتبٍ منهُم جميعُهم، قانعٌ بالعَيشِ على أَقلِّ مِنَ الكَفافِ؛ راضياً مُحتسِباً أَجريَ عندَ اللهِ يومَ الحسابِ، {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَ لاَ بَنُونَ، إِلاَ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، دُونَ أَن أَلهثَ كالكلابِ المسعورةِ وراءَ ملذَّاتِ الدُّنيا الفانيةِ كما يفعلِ الكثيرونَ وَ الكثيراتُ؛ إِنَّما غرضي هُوَ خدمةُ النَّاسِ بجلبِ الفائدةِ وَ المتعة لَهُم وَ دفع الضرر عنهُم؛ قُربةً منِّي إِلى اللهِ ربِّيَ القُدُّوس الّذي أَطلبُ بذلكَ منهُ زيادةَ القُربِ إِليهِ وَ نيلَ المزيدِ مِن رِضاه، وَ ليسَ لغرضِ الشُهرةِ أَو كسبَ المال!
فللهِ الحمدُ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ، أَنا لا حاجةَ لي بالشهُرةِ؛ إِذ أَنَّ مؤلّفاتيَ المطبوعة ورقيَّاً معروفةٌ في الآفاقِ، وَ اسميَ موجودٌ بأَحرفٍ مِن نورٍ في العالَمِ كُلِّهِ، علانيتهِ وَ سِرِّهِ، وَ فيها ما تمَّ اعتمادُهُ رسميَّاً ضمنَ مصادرِ معلوماتِ العديدِ مِنَ الجهاتِ العالميَّةِ الرَّسميَّة، بما فيها مكتبة الكونجرس الأَمريكيَّة وَ جامعة فيلادلفيا الأَمريكيَّة وَ غيرها الكثير، ناهيك عن أَنَّني منذُ نعومة أَظفاري، في سنة (1996)، أَيّ: قبلَ سنتنا الميلاديَّةِ هذهِ (2020) بـ (23) ثلاثٍ وَ عشرينَ عاماً، وَ أَنا آنذاكَ أُناهِزُ مِنَ العُمُر (20) عشرينَ عاماً، قد دخلتُ التَّاريخَ من أَوسعِ أَبوابهِ؛ حينَ أَصدرَ رئيسُ العراقِ في ذلكَ الوقتِ أَمراً رئاسيَّاً يأَمرُ فيهِ وزارةَ التربيةِ بتعميمِ إِحدى أُنشوداتيَ الخاصَّةِ بالأَطفالِ، لتكونَ ضمنَ منهجِ كتاب القراءةِ للصفِّ الثالث الابتدائيّ، وَ تُحَفَّظَ لتلاميذِ وَ تلميذاتِ المرحلةِ تلكَ في جميعِ مدارسِ العراق، فتمَّ تعميمُ أُنشودتي على جميعِ مدارسِ العراقِ، منهجاً دراسيَّاً ضمن مُقرَّراتِ وزارة التربيَّةِ العراقيَّةِ، وَ على مدى سبعِ سنواتٍ متواصلةٍ، حتَّى الاحتلالِ الأَمريكيِّ للعراق في سنة (2003م)..
دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، لَم يكُن فقط لِمُجرَّدِ أَنَّ اسميَ وَ أُنشودتي أَصبحا طيَّ الكتبِ التعليميَّةِ في جميعِ مدارس العراق، وَ لَم يكُن فقط لِمُجرَّدِ أَنَّ محطّةَ الإِذاعةِ الرَّسميَّةِ في العاصمةِ العراقيَّةِ بغدادَ وَ التلفزيون العراقِيِّ الرَّسميّ قَد أَذاعا اسميَ وَ أُنشودتي في بثِّهما المباشرَ بأَصواتِ التلاميذِ وَ التلميذاتِ بعدَ أَصواتِ الْمُذيعينَ وَ المذيعاتِ، وَ لَم يكُن فقَط لِمُجرَّدِ أَنَّني أَينما كُنتُ أَسيرُ في العاصمةِ بغدادَ صباحاً وقتَ ذهابِ الأَطفالِ إِلى مدارسِهم، أَسمَعُ التلاميذَ وَ هُم يُردِّدونَ وَ التلميذاتِ وَ هُنَّ يُردِّدنَ أُنشودَتي بأَصواتهم وَ أَصواتهنَّ عالياً وَ المرَحُ وَ السَّعادَةُ تغمرُهُم وَ تغمرهُنَّ لِشدَّةِ الأَثرِ الإِيجابيِّ الّذي تتركُهُ في نفوسِهم البريئةِ أُنشودتي الأَصيلة ذات الإِيقاعِ الموسيقيِّ الجميلِ الرنَّان، لتغمُرني السَّعادَةُ أَيضاً وَ أَنا أَراهُم وَ أَسمَعُهُم وَ أَسيرُ على مقربةٍ منهُم وَ منهنَّ وَ هُم لا يعلمونَ (وَ لا يَعلَمنَ) أَنَّ الّذي يسيرُ قريباً منهُم (وَ منهنَّ) هُوَ ذاتُهُ مؤلِّفُ الأُنشودةِ الّتي يتغنَّونَ (وَ يتغنينَ) بها في مرحٍ كبيرٍ!
دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، كانَ لأَجلِ ذلكَ كُلِّهِ، وَ لأَكثرِ مِن هذا أَيضاً، دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، كانَ لأَنَّ شاعرَ العرب الأَوحدِ في زمانهِ عبد الرزَّاق عبد الواحد (رحمةُ اللهِ تعالى عليه)، الّذي هكذا كانَ يُلقِّبوهُ، كانت أُنشودتُهُ الخاصَّةُ بالأَطفالِ، قَد تمَّ تعميمُها في الكتابِ ذاتهِ، إِلَّا أَنَّ اسمَهُ وَ عنوانَ أُنشودتهِ كانا مكتوبينَ بخطٍّ صغيرٍ غيرَ غامقٍ، أُسوةً بجميعِ مَن كانوا في جميعِ الكُتب التعليميَّةِ في كافَّةِ المراحلِ الدِّراسيِّة، إِلَّا أَنا، وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا، كان اسميَ وَ عنوانَ أُنشودتي مكتوبانِ بخطٍّ عريضٍ بارزٍ جدَّاً وَ بالنمطِ الغامقِ الواضح، وَ كانت عبارة (للشَّاعر) وَ هي مكتوبةٌ بخطٍّ مُميَّزٍ عريضٍ غامقٍ تسبقُ اسميَ الْمُميَّز أَيضاً، وَ متنُ أُنشودَتي (كلماتها) كُتِبَتْ هيَ الأُخرى بخطٍّ مُميَّزٍ بارزٍ للعَيانِ، بينما كانَ جميعُ المؤلِّفينَ الآخَرونَ، بمَن فيِهم عبد الرزَّاق عبد الواحد، قَد كُتِبَتْ أَسماؤهُم مجرَّدَةً دُونَ أَيِّ وصفٍ يسبقُها مُطلقاً، وَ متنُ كلماتهم متشابهٌ معَ الجميعِ على شاكلةِ متنِ جميعِ الكتُبِ المنهجيَّةِ الأُخرى، ما دفعَ صديقيَ المرحوم الشَّاعر عبد الرزَّاق عبد الواحد (أَبو خالد) إِلى أَن يغبطَني كثيراً، وَ يُفاجَئُ حينَ التقى بي لأَوَّلِ مرَّةٍ، عندما التقينا سويَّةً وَ نحنُ مُشارِكانِ رسميَّاً معَ (18) ثمانية عشرَ شاعرٍ آخَرين؛ بدعوةٍ خاصَّةٍ من وزارة الثقافةِ العراقيِّةِ للمشاركةِ في مهرجانِ شُعراءِ الطفولةِ الأَوَّلِ، الّذي أُقيمَ على قاعةِ الرباط في العاصمةِ العراقيَّةِ بغداد، بتاريخ يوم السبت المصادف (8/ محرَّم/ 1429هـ) الموافق (24/4/1999م)، لأَحمِلَ مُنذُ ذلكَ التَّاريخِ معَ جميعِ زُملائيَ الشُّعراءُ المشاركينَ رسميَّاً في ذلكَ المهرجان، لقباً رسميَّاً هُوَ: (شاعِرُ الطفولة)..
في ذلكَ المهرجانِ، عندما التقينا سويَّةً لأَوَّلِ مرَّةٍ، أَنا وَ عبد الرزَّاق عبد الواحد، تفاجئَ أَبو خالدٍ (رحمهُ الله) حينَ سِمعَ اسميَ، وَ نظرَ إِليَّ باستغرابٍ شَديدٍ قائلاً لي:
- أَنَّهُ توقّعني شيخاً كبيرَ السنِّ أَتجاوزُ التسعينَ عاماً، وَ لأَجلِ هذا العُمُرِ الكبيرِ الّذي توقّعَهُ هُوَ لديَّ، فخبرتي بفنونِ الأَدبِ تفوقُ كُلَّ مستويات الإِبداع، مِمَّا جعلَ الرئيسَ العراقِيَّ يُصدِرُ أَمراً ليسَ بتعميمِ أُنشودتي فقط، وَ إِنَّما أَيضاً بكتابةِ اسميَ وَ عنوانَ أُنشودَتي وَ متنها بالخطِّ الْمُميَّزِ الغامقِ، وَ كذلكَ أَن يسبقَ اسميَ بلقبِ وَ وصفِ (للشَّاعرِ) دُونَ أَن يفعلَ هذا الشيءَ مسبقاً على مدى التَّاريخِ كُلِّهِ معَ جميع المؤلّفينَ بمَن فيهم شخصهُ هُوَ عبد الرزَّاق عبد الواحدِ بشحمهِ وَ لحمهِ وَ دمهِ وَ عظمهِ، وَ لَم يتوقّع يوماً أَن أَكونَ أَنا شابَّاً في مُقتبَلِ العُمُرِ.
ما جعلَ المغفور لَهُ، عبد الرزَّاق عبد الواحدِ، تغمَّدَهُ اللهُ برحمتهُ الّتي وسعت كُلَّ شيءٍ وَ أَسكنهُ فسيحَ جنَّاتهِ، يَشدُّ على يدي بحرارةٍ كبيرةٍ جدَّاً، وَ يُبارِكُ لي هذا الإِنجاز العظيمِ غير المسبوقِ في تاريخِ العراقِ كُلِّهِ قاطبةً دونَ استثناءٍ.
و هكذا فعلَ جميعُ الشُّعراءِ معي في ذلكَ المهرجانِ، شدَّوا على يدي بحرارةٍ كبيرةٍ، وَ باركوا لي هذا الإِنجازِ العظيمِ، بمَن فيِهم أَخي الكبير الشَّاعر رعد بندر (حفظهُ اللهُ تعالى مِن كُلِّ سوءٍ وَ مكروه).
اليومَ، بعدَ كُلِّ هذهِ السنواتِ الّتي تزيدُ عن العَقدينِ بتمامهما، أَخذتُ أَستذكِرُ ما مضى وَ ما وصلتُ إِليهِ:
ماديَّاً: من سيِّئٍ إِلى أَسوءٍ، إِلى درجةِ أَنَّ التزاميَ بتقوى اللهِ يُزيدُني عَوَزاً وَ حِرماناً يوماً بعدَ يومٍ، وَ يُضَيِّقُ عَليَّ قبرَ السجنِ الّذي أَنا مجبورٌ على الرضوخِ فيهِ، بينَ سجَّانينَ يُتاجرونَ بالدِّينِ وَ الدِّينُ مِنهُم بريءٌ جُملةً وَ تفصيلاً، فبتُّ أَفتقِدُ لأَبسطِ مُقوِّماتِ البقاء.
وَ معنويَّاً: مِن حَسنٍ إِلى أَحسنٍ، إِلى درجةِ أَنَّ رسوخَ إِيماني وَ ثقتي باللهِ، جعلانيَ أَكثرَ صلابةً في مواجهةِ أَعداءِ الإِنسانيَّةِ أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا وَ كيفما كانوا، خاصَّةً أُولئك ذوي العمائمِ وَ اللحى كهنةُ المعابدِ سُفهاءُ الدِّينِ الْمُتأَسلمينَ لا الْمُسلمين، دُونَ أَن تأَخذني في اللهِ لَومَةُ لائمٍ أَبداً، حتَّى و إِن كانَ اللائمُ هذا أَحَدُ والديَّ أَو كِلاهُما معاً، فأَصبحتُ أَحفِرُ الصخورَ بأَظافري المتهرِّئةِ قسراً لأَصلَ إِلى أَفضلِ المستوياتِ إِبداعيِّاً رُغمَ فُقدانيَ مقوِّمات الارتقاء الماديَّةِ معَ امتلاكيَ الكاملِ لمقوِّماتِ الارتقاءِ الروحيَّةِ كُلِّها.
لأَجلِ أَن أُسابقَ الزَّمنَ، فأُقدِّمُ للنَّاسِ أَكثرَ ما أَستطيعُ تقديميَ لَهُم، قبلَ أَن تحينَ ساعةَ رحيلي إِلى الدارِ الآخِرةِ، فينتفعوا بذلكَ أَكثرَ فأَكثر، لذا فأَنَّا غزيرُ الإِنتاجِ، لا أَدَعُ يوميَ يمضي دُونَ أَن أُنجزَ أَكثرَ مِن عملٍ أَو عدَّة أَعمالٍ أُخرى، أُقَدِّرُ الوقتَ إِلى أَقصى الحدودِ، وَ لهذا فأَنا طوالَ حياتيَ وَ حتَّى يومِنا هذا، غالباً، أَسهرُ الليلَ وَ أُواصِلُ العملَ لساعاتٍ متواصلةٍ تزيدُ عن الـ (72) اثنينِ وَ سبعينَ بتمامها وَ كمالها، فلا أَنامُ طيلةَ أَيَّامٍ ثلاثٍ بلياليها، حتَّى أَجِدُني مُتعباً نائِماً في مكانيَ المتواضع الّذي أُحقِّقُ وَ أُؤلِّفُ فيهِ؛ بعدَ أَن أَصِلَ إِلى درجةِ الإِرهاقِ وَ الإِعياءِ الشَّديدينِ، لأَصحو بعدَ ساعاتٍ قليلةٍ لا تزيدُ عَنِ الخمسِ أَبداً، وَ أُعيدُ الكَرَّةَ مرَّةً أَخرى في العملِ الجادِّ الدؤوبِ، لأَحصلَ في يومنا هذا، بعدَ هذا كُلِّهِ، على الجحودِ في أَقصى درجاتهِ مِن الغالبيَّةِ العُظمى بمَن فيِهم أُولئكَ الّذينَ ظننتُ فيهِم أَنَّهُم ذو نظرةٍ ثاقبةٍ واسعةٍ ترى الأُمورَ بمنظارِها الصحيح، حتَّى كلمةُ (شكراً) لَم أَسمعها منهُم، وَ لَم أَرها مكتوبةً منهُم في تعليقٍ أَسفلَ عملٍ مِن أَعماليَ أَيَّاً كانت، رُغم أَنَّني لا أَبحثُ عن كلمة (شُكراً)، إِلَّا أَنَّ مَن لا يُشكرَ النَّاسَ لا يُشكرَ الله، وَ "المرءُ مَخبوءٌ تحتَ طَيِّ لسانهِ لا طَيلسانهِ" كما علَّمني أَبي أَميرُ المؤمنين الإِمامُ عليّ بن أَبي طالبٍ الهاشميّ (كرَّمَ اللهُ تعالى وجهَهُ الشَّريفَ وَ عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ) الّذي هُوَ بابُ مدينةِ العلِم، الّتي هيَ جَدِّيَ الْمُصطفى الصادق الأَمين رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (صلّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيار وَ عليهِ وَ عليهم السَّلامُ وَ روحي لَهُ وَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، فأَجدُني أَنا الوحيدُ الّذي أُواصِلُ الشُكرَ وَ التقديرَ وَ الاحترامَ للآخرينَ لأَقَلِّ مجهودٍ يبذلوهُ، رغمَ أَنَّ مجهودَهُم ذاكَ يأَخذونَ عليهِ المالَ أَو يحقِّقونَ مِن خلالهِ مكسباً ماديَّاً وَ معنويَّاً لأَنفُسهِم عاجلاً أَو آجِلاً، وَ (شُكراً) في يومِنا هذا، لَم تصلُني إِلَّا مِن قلَّةٍ قليلةٍ جدَّاً لا يتجاوزُ عددُها أَصابعَ اليدِ الواحدة فقَط، وَ رُبَّما قَد يصلُ العَددُ إِلى أَقلِّ مِن أَصابعِ اليدينِ سويَّةً!
- يا للهول!
لستُ أَدري:
- هل أَنا أَحمقٌ إِلى هذهِ الدرجةِ لكي يكونَ الآخرونَ بمَن فيهِم القُرّاءُ هُم المستفيدونَ دائماً وَ أَنا صاحِبُ العطاءِ بدونِ مُقابلٍ لا أَجني سوى الجحود؟!
بل: لا أَجني أَيضاً سوى أَحقادَهُم وَ حَسدَهُم مُنقطِعَيّ النضير!
- أَمْ أَنَّ جُلَّ النَّاسِ في مُجتمعاتِنا الشرخ أَوسطيَّة لا الشرق أَوسطيَّة قد اعتادوا على احترامِ مَن يحتقِرُهُم حتَّى وَ إِن كانَ مُحتقِرُهُم مُنافِقاً وَ تمرَّسوا على احتقارِ مَن يحترِمُهُم حتَّى وَ إِن كانَ مُحترِمُهُم عالِماً ربَّانيَّاً تقيَّاً عابداً الله؟!!
- أَمْ في أَغلَبِ الشرقِ الأَوسطِ وَ الأَدنى، كُلُّ شيءٍ يؤدِّي إِلى لا شيء، وَ في جُلِّ الغربِ وَ أُوربّا، شيءٌ واحِدٌ يؤدِّي إِلى كُلِّ شيءٍ؟!!!
إِذاً:
- هَل مِن عاقِلٍ بعدَ هذا يفتخِرُ بشيءٍ لا يستحقُّ الافتخارَ أَو يموتُ مِن أَجلِ شيءٍ لا يستحقُّ حتَّى الحياة؟!
آلَمَني كثيراً ردُّ أَحَدُ المسؤولينَ في إِحدى الصُحفِ الّتي أَعمَلُ معها (مجَّاناً أُسوةً بعملي مع غيرِها) بأَنَّهُ يُعلِّقُ على عملٍ لي رفعُتُه لمجموعةِ التحريرِ الخاصَّةِ بالنشرِ، لغرضِ أَن يقومَ أَحدُ المحرِّرين أَو إِحدى الْمُحرِّرات بنشرهِ على موقع الجريدةِ، قائلاً:
- أَنَّ عمليَ ذاكَ مُكرَّرٌ لأَنَّهُ منشورٌ قبلَ ساعاتٍ ثلاثٍ في جريدةِ أُخرى..
لذا: فَهُوَ قَد امتنعَ عن نشرِ العملِ في موقعِ جريدتهِ تلك؛ بذريعةِ وجوب أَن يكونَ العملُ حصريَّاً بجريدتهِ فقط وَ أَن لا يكونَ منشوراً في جريدةٍ أُخرى مُطلقاً.
و بعدَ أَن أَلقيتُ عليهِ الْحُجَّةَ علميَّاً وَ منطقيَّاً في لا منطقيَّةِ وَ لا عدالةِ سلوكِهِ ذاكَ، وجَّهَ التُّهمةَ إِلى المحرِّرينَ وَ المحرِّراتِ بتأَخُّرِهم وَ تأَخرهنَّ في نشرِ عمليَ قبلَ أَن يُسارِعَ مُحرِّرو وَ مُحرِّراتُ الصُحفِ الأُخرى إِلى نشرِ العملِ ذاتهِ، فيحصلونَ هُم على سَبقِ النشرِ التنافسيِّ (مِن وجهةِ نظرهِ القاصرةٍ جدَّاً)..
وَ لستُ أَدري:
- هلِ نجاحُ الصحيفةِ مرهونٌ بتسابقها بنشرِ العملِ قبلَ الصُحُفِ الأُخرى؟!
- أَمْ أَنَّهُ مرهونٌ بجديَّةِ محتوى منشوراتها وَ جودَةِ المادَّةِ الّتي يُقدِّمُها المؤلِّفونَ وَ المؤلِّفاتُ بما يضمنُ ديمومة مُتابعةِ القُرّاء لها وَ بالتالي يضمِنُ ديمومة وصولِ الإِعلاناتِ إِليها عبرَ الْمُعلنينَ وَ بالتالي يضمِنُ ديمومة الحصولِ على الأَموالِ الّتي يضمِنُ بها أَصحابُ الصُحُفِ قدرتُهم هُم وَ قدرة مَن معَهُم في الصحيفةِ ذاتها مِنَ المؤلّفينَ وَ المؤلّفاتِ وَ الْمُحرِّرينَ وَ الْمُحرِّرات على مواصلةِ المسيرةِ في الحياةِ؛ باعتبارِ المالِ وسيلةً وَ ليسَ غاية، مِن خلالِ إِعطاءِ كُلِّ ذي حقٍّ فيها حقَّهُ منها؟!
بعدَ ذلكَ، طلبَ منِّي أَن أُجريَ تغييراتٍ متباينةٍ في أَعماليَ وَ عناوينها، عَلِمتُ من طلبهِ هذا أَنَّ الغرضَ منها هُوَ أَن توحي للقُرَّاءِ على أَنَّ العملَ حصريُّ بجريدتهِ هُوَ فقط دُونَ غيرها، فعلمتُ من طلبهِ نرجسيَّةً لا تستوجِبُ منِّي الردَّ مُطلقاً؛ إِذ:
- أَيُّ عاقلٍ يطلبُ مِن مؤلِّفٍ إِجراءَ تغييراتٍ مُتباينةٍ في مقالاتهِ وَ قصَصهِ وَ أَشعارهِ؟!
- وَ هلِ العَملُ الإِبداعيُّ لا يكونُ مُتكامِلاً إِلَّا بصيغتهِ الإِبداعيَّةِ الّتي يراها المؤلِّفُ بحذافيرِها دونَ زيادةٍ أَو تغييرٍ أَو نقصانٍ؟!
- لم يبقَ لَهُ سوى أَن يطلبَ منِّي أَيضاً أَن أَضعَ اسماً جديداً لي مُختلِفاً معَ كُلِّ تغييرٍ أُجريهِ في كُلِّ عملٍ لي حسبَ رغبتهِ النرجسيَّةِ تلك؛ ليظهرَ لقُرَّاءِ جريدتهِ أَنَّ مَن يكتبونَ في جريدتهِ هُم مؤلِّفونَ كثيرونَ لا تنتهي أَسماؤهم أَبداً!!!
وَ حتَّى لو فعلتُ الإِجراءَ الأَحمقَ هذا بتغييرِ اسميَ معَ كُلِّ عملٍ لي في كُلِّ جريدةٍ وَ مجلّةٍ:
- أَلا يوجَدُ شيءٌ اسمُهُ النَّفَسُ الأَدبيُّ الّذي مِن خلالهِ يمكِنُ للقارئ الحصيفِ أَن يكتشِفَ مؤلِّفَ العملِ حتَّى وَ إِن لَم يكُن اسمُ المؤلِّفِ موجودٌ عليهِ؟!!
وَ أَحزنني كثيراً الأَمرُ ذاتُهُ حينَ حصلَ بحذافيرهِ على يدِ مسؤولٍ آخَرٍ في جريدةٍ ثانيةٍ، وَ على يدِ مُحرِّرٍ في جريدةٍ ثالثةٍ، وَ على يدِ مُحرِّرةٍ في جريدةٍ رابعةٍ، وَ القائمةُ تطولُ بعشراتِ الصحفِ بمَن فيها مِن ذوي النرجسيَّةِ الّتي تُطالِبُ أَصحابُها (النرجسيِّونَ وَ النرجسيِّاتُ) بحصريَّةِ العملِ لها فقط؛ لتكونَ هيَ سيِّدَ سوقِ الإِعلامِ وَ الصحافةِ في الوسطِ كُلِّهِ على حسابِ أَصحابِ الجرائدِ وَ المجلّاتِ الأُخرى.
لستُ أَدري:
- كيفَ يُطالبُني شخصٌ بأَن يكونَ عمليَ حصريَّاً بجريدتهِ وَ هُوَ في الوقتِ ذاتهِ يعملُ في صُحفٍ عديدةٍ بمُسمِّياتٍ أُخرى، بينَ مُحرِّرٍ وَ رئيسِ تحريرٍ وَ نائب رئيسِ تحريرٍ وَ غيرها مِنَ الْمُسمِّيات؟!!
- أَليسَ الْمُفتَرضُ بمَن يطالبُني بالحصريَّةِ أَن يكونَ هُوَ أَيضاً مُلتزِماً بالحصريَّةِ هذهِ فيُقصِرُ عملَهُ على جريدتهِ فقط وَ لا يسمَحُ لنفسهِ العملَ معَ صُحفٍ أُخرى؟!
- أَمْ أَنَّ الْحَلالَ لديهِ حَرامٌ عَليَّ لا يجوزُ لي فِعلُ ما يُجيزُهُ هُوَ لنفسهِ؟!
بالتأَكيدِ، إِنَّ ذوي الفِكر النرجسيِّ القميءِ هذا موجودونُ في تلك الصُحُفِ الّتي كُنتُ أَعملُ معها سابقاً، بمَن فيِهِم الصحفُ الّتي كنتُ أَعمَلُ معَها حتَّى السَّاعاتِ الأُولى مِن صباحِ هذا اليوم، وَ بعدَما بدَرَ مِنهُم جُحودُهم تجاهيَ، تركتُ العملَ معَهُم بشكلٍ فوريٍّ إِلى الأَبدِ، فقَد طلّقتُهُم ثلاثاً لا رجعةِ لي فيها مُطلقاً، وَ طالما أَنت (قارئي العَزيز وَ قارئتي العزيزة) قَد وجدت مقاليَ هذا منشوراً في موقع الجريدةِ (أَو المجلّة) هذهِ، وَ طالما ستجِدُ أَنت (وَ تجدينَ أَنتِ) استمراريَّةَ أَعمالي الأُخرى منشورةً لاحقاً بالتتابعِ في موقع الجريدةِ (أَو المجلّة) هذهِ أَيضاً، فاعلَم (ي) أَنَّ الكلامَ السابقَ منِّي يتعلَّقُ بجريدةٍ (أَو مجلّةٍ) أُخرى لا عَلاقةَ لهُ بهذهِ الجريدةِ (أَو المجلّة) الّتي هيَ بينَ يديك الآن، وَ الّتي هيَ (هذه الجريدة أَو المجلّة) منبرٌ إِعلاميٌّ حُرٌّ نزيهٌ أَتشرَّفُ بالعملِ معَ مَن فيهِ مِن زُملائيَ وَ زميلاتي، على رَغمِ قلَّةِ الصُحفِ وَ المجلّاتِ الْحُرَّةِ النزيهةِ في يومنا هذا، بينَ هذا الكَمِّ الهائلِ مِنَ الصُحفِ وَ المجلّاتِ الزائفةِ في أَغراضِها، الّتي أَبسطُ ما يُمكِنُنُي وصفيَ عنها: أَنَّها تجاريَّةٌ بامتيازٍ ما هَمُّ أَصحابها إِلا الحصولُ على الأَموالِ دُونَ مُراعاةٍ لحقوقِ الآخَرين وَ دُونَ احترامٍ لأَيِّ حرفٍ من حروفِ الـ (عدالة)، لتكونَ هذهِ الصحيفةُ وَ جميعُ الصُحُفِ الّتي أَعملُ معها باستمرارٍ هي بقعةُ ضوءٍ تُضيءُ ظُلمةَ الجهلِ وَ النِّفاق الْمُتشفيِّينِ (معَ بالغِ الأَسفِ الشَّديد) في عُقولِ وَ قلوبِ الكثيرينَ وَ الكثيراتِ مِن أَبناءِ وَ بناتِ مُجتمعاتنا الشرخ أَوسطيَّة الغافلةِ وَ الْمُتغافلةِ معاً عن الحَقِّ وَ عنِ الحَقيقة؛ بعدَ أَن ملأَتِ الأَطماعُ نفوسَهُم (وَ نفوسهنَّ) وَ عاثتِ الأَحقادُ فساداً بأَرواحِهم (وَ أَرواحِهنَّ).
لستُ أَدري:
- كيفَ يُطالِبُني أَحدُهُم بحصريَّةِ عمليَ بجريدتهم، وَ أَنا أَعمَلُ مجَّاناً دُونَ مقابلٍ؟!!!
يا هؤلاءِ الْمُطالبونَ وَ الْمُطالباتُ بالحصريَّةِ، اشتروا منِّي أَوَّلاً حقوق حصريَّةَ العملِ وَ بعدَ ذلكَ اطلبوا منِّي ما تطلبوه، أَمَّا وَ أَنتُم حتَّى لا تدفعونَ لي راتباً وَ لا أَيَّ مبلغٍ مِنَ المالِ..
- فكيفَ تعطونَ الحقَّ لأَنفُسِكُم بالمطالبةِ بحصريَّةِ أَعماليَ لكَمُ وَ تريدونَ منعيَ عَن إِيصالها إِلى مَن يستحقّونها مِنَ ذوي الفِكر الإِنسانيِّ النبيلِ في الصُحفِ الأُخرى؟!!
- أَمْ أَنَّكُم لا تدرونَ شيئاً عن قوانينِ حُقوقِ مِلكيَّةِ المؤلِّف الّتي تؤكِّدُ عليها بشكلٍ حازمٍ المنظّمةُ العالميّةُ للمِلكيَّةِ الفِكريَّة الـ (ويبو) التابعةُ لمنظّمةِ الأُممِ المتحدةِ العالميَّةِ وَ تعاقِبُ الْمتجاوزينَ وَ الْمُخالفينَ عقوباتٍ عادلةٍ بامتياز؟!!
- أَمْ أَنَّكم تتغافلونَ عنها؟!
- أَمْ أَنَّكُم حقَّاً مُغفَّلون؟!
يا هؤلاءِ الْمُطالبونَ وَ الْمُطالباتُ بالحصريَّةِ، مُجرَّدُ وجود أَعمالي في جرائدكم وَ مجلّاتكُم هُوَ دفعٌ بعجلةِ تقدُّمها إِلى الأَمامِ؛ إِذ أَنَّ جودَةَ أَعماليَ الأَصيلةِ غير المسبوقةِ على مَرِّ التَّاريخِ كُلِّهِ، وَ الحصريَّةُ بي أَنا فقط دونَ أَحدٍ سوايَ في العالَمِ كُلَّهِ قاطبةً، وَ تنوِّعِ أَشكالها الأَدبيَّةِ وَ العلميَّةِ، معَ تعدُّدِ فحوى محتوياتها بمعالجتي مِن خِلالها شتَّى مجالاتِ الحياةِ، بما يجلبُ النفعَ لقارئيها وَ يدفعُ عنهُم الضررَ، أَضيفوا إِلى هذا كُلِّهِ: أَنَّني أَقومُ بتوثيقِ روابط أَعماليَ المنشورةِ وَ مشاركتها لاحقاً في قنواتي الرَّسميَّةِ الّتي يُناهِزُ عَددُ مَن يُتابعونني فيها في يومنا هذا عنِ الـ (14000) أَربعةَ عشرَ أَلف شخصٍ من مُختلَفِ دولِ العالمِ، وَ مِن شتَّى الدرجاتِ العلميَّةِ الأَكاديميَّةِ وَ المراتبِ الاجتماعيَّةِ، وَ غالبيِّتُهم من صفوةِ المثقّفينَ وَ المثقّفات، حيثُ أَقومُ لاحقاً بشكلٍ تتابعيٍّ بُمشاركةِ روابط النشر، وِفقَ خطَّةٍ إِستراتيجيَّةٍ أَعتمِدُ فيها أَوقاتً مُحدَّدةً معلومَةً لديَّ؛ بما يجلبُ المزيدُ مِنَ القُرّاءِ وَ القارءاتِ إِلى الصُحفِ وَ المجلّاتِ الّتي أَعملُ معها، وَ بالتالي: فأَنا واقعيَّاً أَصنعُ إِعلاناً لكُلِّ تلكَ الصُحفِ جميعاً، هذا الإِعلانُ الّذي أَعملُهُ وَ أَصنعهُ لَكُم بجهوديَ الذاتيَّةِ هُوَ إِعلانٌ مجّانيٌّ منِّي دونَ مُقابلٍ، لم أُطالبُكم يوماً بدفعِ حقوقهِ لي، في الوقتِ الّذي أَنتُم تأَخذونَ حقوقَ الإِعلاناتِ مِنَ الْمُعلنينَ لديكم على صفحاتِ جرائدكم هذهِ، وَ مِن حقِّكم أَخذ ثمنِ الإِعلاناتِ؛ لتستمرَّ ديمومةُ العملِ معكم، لكن! ليسَ مِن حقِّكم أَن تمنعوني عن إِيصالِ أَعماليَ إِلى مُستحقِّيها في الصُحفِ النزيهةِ جميعاً وَ لقُرَّائيَ الشُّرفاءِ (وَ قارئاتيَ الشَّريفاتِ) فيها أَيضاً، وَ في الوقتِ ذاتهِ لا تدفعونَ لي ثمنَ إِعلانيَ عنكم في قنواتيَ الرَّسميَّةِ، بما فيها صفحاتي الرَّسميَّة على مواقع التواصل الاجتماعيِّ كافَّةً، مثل: (فيسبوك) وَ (تويتر)، وَ كذلكَ موقع الأَعمال العالميِّ (لينكد إِن)، وَ في الوقتِ ذاتهِ أَيضاً لا تدفعونَ لي ثمنَ حصريَّة العملِ بكم، وَ في الوقتِ ذاتهِ كذلكَ لا تدفعونَ لي سِنتاً واحِداً كراتبٍ شهريٍّ أَو كتعويضٍ ماديٍّ لِما أَبذلُهُ مِن جهدٍ وَ وقتٍ وَ مالٍ، وَ فوقَ هذا وَ ذاكَ كُلِّهِ لا تقولونَ لي (شُكراً)، وَ تُطالِبونني بحصريَّةَ العملِ بكم لوحدكم فقط..
- فهل مِنَ العدالةِ أَن تُجحِدوا بيَ أَنتُم في الوقتِ الّذي أُكرِمُكم فيهِ أَنا بكُلِّ مُحتوىً وَ مَرَفَقٍ أَصيلٍ لا مَثيلَ لَهُ في الحياة؟!
أَنَّا إِنسانٌ حُرٌّ، نزيهٌ، تقيٌّ، أَعبدُ اللهَ وَ أَسعى إِلى القُربِ منهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِن خلالِ أَن أُقدِّمَ للنَّاسِ جميعاً ما وهبني رَبِّيَ القُدُّوس مِن عِلمِ (ما وراء الوراء) وَ ما فيهِ من الحقائق وَ الخفايا وَ الأَسرارِ الّتي لا يعلمُها اليومَ أَحَدٌ مِنَ البشرِ سوايَ، وَ تكرُّماً منِّي أَقومُ بإِيصالها شيئاً فشيئاً إِلى الآخرينَ مجَّاناً دونَ مقابل..
- أَوَ تظنُّونَ أَنَّني لا أَعلَمُ أَنَّ بإِمكانيَ أَن أَطبعَ أَعماليَ هذهِ ورقيَّاً لِتُباعَ في المكتباتِ فأَحصُدُ مِن خلالها الكثيرَ مِنَ الأَموالِ؟!!
- فما لَكُم كيفَ تحكمون؟!
- أَمْ على قلوبكُم أَقفالُها؟!
بالسَّلامِ الصادقِ الأَمينِ، يدي ممدودَةٌ دائِماً للجميعِ، فمَن يضعُ يَدَهُ في يدي، نكونُ كِلانا رابحينِ معاً، وَ مَن لا يضعُ يدَهُ في يدي أَكونُ أَنا الرابحُ وَ يكونُ هُوَ الخاسِرُ الأَكيد، لذا أَقولها لكَمُ صراحةً أَيُّها النرجسيِّونَ وَ أَيَّتُها النرجسيِّاتُ: لا شروطَ توضَعُ عليكُم معَ الأَحرارِ الربَّانيِّينَ أَمثاليَ إِلَّا تحقيقَ العدالةِ الّتي هيَ إِعطاءُ كُلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ وَ قبلَ ذلكَ تقوى الله، شروطٌ تضعونها أَنتُم بأَنفُسِكُم على أَنفُسِكُم؛ لتحديدِ سلوكيِّاتكمُ معَ الأَحرارِ، وَ لا شروطَ توضَعُ على الأَحرارِ مُطلقاً؛ لأَنَّنا نحنُ الأَحرارُ صادقونَ حدَّ النخاعِ، وَ لا نرى الحياةَ بتدرُّجٍ لونيٍّ أَبداً، إِنَّما: أَبيضٌ، أَو أَسودٌ، فقط لا غير، وَ نحنُ الأَحرارُ الربَّانيِّونَ معَ الأَبيضِ حتَّى الرمقِ الأَخير.
دائماً أُكرِّرُ معَ نفسيَ قائلاً:
- نحنُ ذوي القُلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ نبقى سالكينَ في مَسلكِ الإِيثارِ بالنَّفسِ مِن أَجلِ الآخَرين وَ نتحمَّلُ مِن أَجلِ جلبِ المنفعةِ إِليهم وَ دفعِ الضررِ عَنهُم حتَّى وَ إِن كانوا هُم لا يعلمونَ، فَطِب نفسَاً يا صاحِبَ القلبِ الطاهرِ النقيِّ؛ فلِكُلِّ مُؤثرٍ بنفسهِ آهاتٌ وَ جروح.
وَ يؤسِفُني أَن أَنعى نفسيَ قائلاً:
- كُلُّ شَيءٍ ترتَفِعُ قيمتُهُ يَومَاً بَعدَ يَومٍ، حتَّى الْمُنافِقونَ وَ الْكِلابُ!!! إِلَّا شيئاً واحِدَاً فقَط باتت قيمتُهُ تنحدِرُ أَدنى مِنَ اللاشيءِ؛ إِنَّهُ: دماؤنا وَ مشاعِرُنا وَ أَحاسيسُنا وَ حياتُنا نحنُ الصادقونَ في أُمَّةِ يكثرُ فيها الْجَرَبُ لا العربُ بينَ المتأَسلمينَ لا الْمُسلمين!
اللهُمَّ احفظ وَ بارِك جميعَ المؤمنين وَ المؤمنات، وَ اهدِ الغافلينَ عنك وَ الغافلاتِ إِلى سبيلِ الرشاد، وَ انتقِم مِنَ المنافقينَ وَ المنافقات، وَ عَجِّل لوليك الفرج، يا قُدُّوس يا ذا الجَلالِ وَ الإِكرام؛ إِنَّكَ حميدٌ مُجيبُ الدُّعاء.

حاداريها.wmv

الثلاثاء، 3 مارس 2020

يا نيل يابو طعمين

الشطى


يا نيل يابو طعمين
تعبنا من مُرك
توهنا مابين شطين
وحافظنا على سرك
اديت لناس الشهد
وناس مافيش حاجة
والحيل خلاص انهد
ولا خدت ولا حاجة
ع الشط كان مسرحك
واحنا عرايس خيط
ولساك اهو فى مطرحك
والزمر اخره طيط
وشوش كتير شوفتها
فى الثانية قول الفين
ناس غيرت جلدها
وناس تبيع العين
علشان رغيف بنموت
وانت بتروى القمح
يبقى اوطى الصوت
حتى فى اوان الصرخ
ياما صبرنا كتير
قولنا حاتتعدل
والواطى يبقى كبير
واحنا بنتقتل
ساعات كتير م الجوع
وساعات مافيش دكتور
والحل لو فى دموع
حانبكى لك بالدور
واسمع كلام موجوع
من قلب عاش شايل
وجسمة كله ضلوع
م اللى لقاه مايل
واللى ابتلى بالداء
مالقاش طبيب يداوية
رفع شعار فقراء
شتموه وضحكوا عليه
قالوا الدوا بفلوس
ودى مش تكية ابوك
روح ياللا ياكلك سوس
انت واللى جابوك
عايز علاج ببلاش
من غير ماتدفع قرش
يابنى خلاص مابقاش
احنا فى زمان الغش
احنا الفقير نرميه
علشان عددنا زاد
ومنين بقى نقضيه
لازم الفقير يتباد
خلاص يا عمى بقى
حركنى بخيوطك
شيلنى قوام م الشقى
تعبت من شوطك
انا نفسى افرح قوى 
واقول حاينصفنى
ومالقاش فى لحظة القوى
داسنى وفعصنى

كورونا كيفَ ينتقل عبرَ مجموعات الواتساب؟

رافع آدم الهاشميّ

كورونا، هُوَ اِسمٌ باتَ يُرعِبُ الكثيرينَ وَ الكثيراتِ، إِلى درجةِ أَنَّك أَينما سِرت في الأَسواقِ هُنا وَ هُناك في عددٍ مِن تلك البلُدان الّتي دخلها كورونا في غفلةٍ مِن قاطنيها، ترى عيناك الغالبيَّةَ وَ هُم (وَ هُنَّ أَيضاً) يرتدونَ الكَمَّاماتَ ذاتِ الاستخدامِ الواحدِ الّتي لا فائدة طبيَّة لها في مُقاومةِ فيروسِ كورونا، وَ تقتصرُ فائدةُ هذهِ الكمّاماتِ على أَنَّها تُعطي مَن يرتديها إِحساساً نفسيَّاً بالحمايةِ (الوهميَّةِ) لا أَكثر وَ لا أَقلّ، وَ عُنوةً على ذلك، فَهُم أَيضاً يمتنعونَ عنِ الْمُصافحةِ معَ غيرهِم نهائيَّاً، و كأَنَّ القيامةَ سوفَ تقومُ إِن هُم صافحوا أَحداً ما!
معَ هذا الرُعبِ الّذي أَحدثهُ كورونا لدى هؤلاءِ المرعوبينَ وَ المرعوباتِ، أَصبحَت جموعُ الخائفينَ وَ الخائفاتِ تتزاحَمُ عندَ الصيدليِّاتِ؛ لشراءِ الْمُطهِّراتِ وَ الْمُعَقِّماتِ، بما فيها الكحولُ الطبيُّ؛ لغرضِ استخدامها في تطهيرِ وَ تعقيمِ أَيديهم كُلّما لامسوا شيئاً، سواءٌ لامسوا مِقبضَ البابِ عندَ فتحهِ أَو إِغلاقهِ، أَو حتَّى لامسوا أَحذيتهم عند ارتدائهم وَ خلعهم لها.
خوفُ النَّاسِ مِن كورونا أَضحى خوفاً غيرَ طبيعيٍّ بالمرَّةِ؛ إِذ باتَ يُعطِّلُ عجلةَ الحياةِ؛ خاصَّةً وَ أَنَّ خوفَهُم هذا ليسَ لَهُ أَيُّ أَساسٍ علميٍّ مُطلقاً؛ فأَنت إِذا سأَلت أَحَدُهُم ما الفرقُ بينَ الجراثيمِ وَ الفيروساتِ؟ أَجابك فوراً: الفيروساتُ هيَ الجراثيم، وَ الجراثيمُ هيَ الفيروسات!
قبلَ أَن يرتعِبَ قلبُك عندَ سماعك اسم كورونا، دعني أُخبرُك أَوَّلاً المعنى الحقيقيَّ للجراثيمِ وَ الفيروساتِ، وَ شيئاً عنِ الفارقِ بينَ الاثنينِ.
الجراثيمُ: هيَ كائناتٌ حيَّةٌ دقيقةٌ وحيدةُ الخليَّةِ، تتجمَّعُ معَ بعضِها البعضَ فتأَخذُ أَشكالاً مُتعدِّدةً، مِثلَ: عِقدٍ أَو مِسبَحةٍ، فتُسمَّى مُكوَّرات عِقديَّة، أَو تأَخذُ شكلَ عُنقودٍ، فتُسمَّى مكوّرات عنقوديَّة، وَ هيَ أَنواعٌ كثيرةٌ، يندرجُ تحتها البكتريا وَ الفِطريِّات، وَ فيهما ما هُوَ نافِعٌ للإِنسانِ، وَ فيهما أَيضاً ما هُوَ ضارٌّ بهِ يُسبِّبُ لَهُ الأَمراضَ، إِلَّا أَنَّ هذهِ الجراثيمَ الضارَّةَ يُمكِنُ القضاءُ عليها بالمضادَّاتِ البكتيريَّةِ أَو بمضادَّاتِ الفِطريِّاتِ، وَ بالتالي: فإِنَّ شِفاءَ المريضِ مِنها وَ مِن آثارِها باتَ اليومَ بمشيئةِ اللهِ أَمراً ميسوراً جدَّاً جدَّاً جدَّاً.
أَمَّا الفيروساتُ، وَ تُسمَّى أَيضاً بالـ (حُمَيَّات)، وَ واحدُها فيروس أَو حُمَة: فهيَ كائناتٌ حيَّةٌ دقيقةٌ جدَّاً، تصغرُ عنِ الجراثيمِ بمستوياتٍ كبيرةٍ جدَّاً، وَ تختلِفُ خواصُّها عنِ خواصِّ الجراثيمِ جُملةً وَ تفصيلاً، وَ أَهمُّ اختلافٍ فيها هُوَ أَنَّ التداعياتَ الّتي تُسبِّبُها الجراثيمُ يُمكِنُ القضاءُ عليها بسهولةٍ مِن خلالِ القضاءِ على الجراثيمِ نفسِها، أَيّ: القضاءُ على الْمُسبِّبِ (الظاهريِّ) للنتائجِ الّتي هيَ الأَمراض، فتزولُ الْمُسبِّباتُ هذهِ، وَ بزوالِها تزولُ الأَمراضُ الناتجةُ عنها، بينما الفيروساتُ لا يُمكِنُ القضاءُ عليها مُطلَقاً، حتَّى الآنَ، إِذ أَنَّ الفيروساتَ تُسبِّبُ أَمراضاً معيَّنةً عبرَ دخولها الحاضِنَ لها، سواءٌ كانَ الحاضِنُ هذا هُوَ جسمُ الإِنسانِ، أَو كانَ هُوَ جسمُ الحيوان، وَ هيَ تأَخذُ دورتَها الطبيعيَّةَ في الحاضنِ ثــُمَّ تخرجُ منهُ تلقائيَّاً، وَ خطورتُها لا تكمُنُ فيها هيَ، إِنَّما الخطورةُ تكمُنُ في التداعياتِ الّتي تتركُها على الحاضنِ أَيَّاً كانَ، حيثُ يتوجَّبُ مُعالَجةُ التداعيات (النتائج/ الأَمراض) دُونَ القُدرةِ على إِزالةِ الْمُسبِّبِ الظاهريِّ لها، الّذي هُوَ الفيروسات؛ لأَنَّ القضاءَ على الفيروساتِ يتطلُّبُ تعريضها إِلى آلافِ الدرجاتِ الحراريَّةِ حتَّى يتمّ القضاء عليها قضاءً مُبرَماً، وَ كُلُّنا نعلمُ جيِّداً أَنَّ جسمَ الإِنسانِ (وَ جسمَ الحيوانِ كذلكَ) لا يستطيعُ أَن يتحمَّلَ درجةَ حرارةِ غليانِ الماءِ الّتي هيَ (100) مائة درجةٍ مئويَّةٍ (بشكلٍ دَقيقٍ درجةُ غليانِ الماءِ هيَ: 99.97 درجة مئويَّة عند ضغط جوِّي مِقدارُهُ 101.325 باسكال)، لذا: فمِنَ الْمُحالِ قطعاً أَن يتحمَّلَ آلافَ الدرجاتِ الحراريَّةِ الّتي يمكِنها القضاءُ على الفيروساتِ.
هذا يعني: أَنَّهُم إِذا أَرادوا أَن يتخلَّصوا مِنَ الفيروساتِ في جسمِ الْمُصابِ يتوجَّبُ عليهِم آنذاكَ أَن يُحرِقوا المريضَ حرقاً في حرارةٍ مئويَّةٍ تزيدُ عن الأَلفيّ (2000) درجةٍ بتمامها وَ كمالها، مِمَّا يؤدِّي (لا محالة) إِلى تحوُّلِ المريضِ إِلى حفنةٍ مِنَ الرماد!
وَ هذا الشيءُ كانَ يحدثُ أَماميَ واقعيَّاً، حينَ كُنتُ أُمارِسُ الطبَّ البشريَّ في مُستشفى النجف العامّ في العراق، وَ كانَ ذلكَ في سنةِ (1994م)، أَيّ: قبلَ سنتنا الميلاديَّةِ هذه (2020) بما يزيدُ عن الـ (25) خمسٍ وَ عشرينَ عاماً؛ إِذ كانوا يُحرِقونَ المرضى الّذينَ يموتونَ في قِسمِ الْحُمَيِّاتِ، خاصَّةً أُولئكَ المصابون بمرضِ الإِيدز، أَو المصابونَ بمرضِ التهاب الكبدِ الفيروسيّ، سواءٌ كانَ المريضُ رَجُلاً أَو امرأَةً، فإِنَّ الّذي يموتُ منهُم يضعونهُ (وَ يضعونها) في محرقةٍ خاصَّةٍ تمَّ إِعدادُها خصيصاً لهذا الغرضِ، موجودةٌ في الفناءِ الخارجيِّ البعيدِ مِنَ الحديقةِ الخلفيَّةِ للمستشفى المذكور، فكانَ المريضُ الْمَيِّتُ الّذي يضعونهُ في تلكَ المحرَقةِ، لا يخرجُ مِنها سوى حفنةٍ مِن الرمادِ، وَ هذهِ الحفنةُ هيَ الّتي يتمُّ تسليمُها (في النادرِ جدَّاً) إِلى ذويهِ لغرضِ دفنهِ (أَو دفنها) سِرَّاً، وَ غالباً كانت الحفنةُ هذهِ لا يتمُّ تسليمها إِلى ذوي الميِّتِ مُطلقاً؛ إِنَّما تتكفّلُ الْمُستشفى هيَ بدفنها، وَ تكتفي بإِعطاءِ ذويهِ شهادةً رسميَّةً بالوفاةِ، عِلماً: أَنَّ عمليَّاتَ الحرقِ كانت تتمُّ بسريَّةٍ تامَّةٍ جدَّاً.
وَ رغمَ اعتراضاتيَ الْمُتكرِّرة على هذهِ الطريقةِ البشعةِ في التخلُّصِ مِنَ الْمُصابينَ وَ الْمُصاباتِ بالفيروساتِ، إِلَّا أَنَّ لا أَحداً مِنَ المسؤولينَ آنذاكَ كانَ يُصغي إِليَّ، فكانت جميعُ اعتراضاتيَ تذهبُ أَدراجَ الرياحِ؛ وَ كان عُذرُهُم في ذلكَ أَنَّهُم يُريدونَ التيقُنَ مِنَ القضاءِ قضاءً تامَّاً على الْمُسبِّبِ (الظاهريِّ) لتلكَ الأَمراضِ، وَ هيَ الفيروساتِ؛ لمنعِ انتقالِها إِلى الآخَرينَ الأَحياءِ الّذينَ سيقومونَ بعمليَّةِ تغسيلِ وَ دفنِ أُولئك الموتى الْمُصابين في حالِ أَبقوا جثثهم على ما هيَ عليهِ دونَ حرقها.
وَ رُبَّما لا تزالُ هذهِ الطريقةُ إِلى يومنا هذا، مُتَّبَعَةٌ في قسمِ الْحُمَيِّاتِ في العراق، أَو حتَّى في دُولٍ أُخرى غيرَهُ، وَ لَعلَّها باتت شيئاً مُنقرِضاً وَ لَم يبقَ منها سِوى الذكرى لوقائعِ ماضٍ غير بعيد!
وَ لأَنَّهُ لا يمكِنُ القضاءُ على الفيروساتِ بالْمُضادَّاتِ الحيويَّةِ (مُضادَّاتُ البكتريا أَو حتَّى مُضادَّاتُ الفطريِّات)، لذا: فإِنَّ الحلَّ الأَمثلَ الّذي توصَّلَ إِليهِ الأَطبَّاءُ الْمُتخصِّصونَ، هُوَ: اللُقاحُ، وَ اللُقاحُ عبارةٌ عن فيروساتٍ مُضَعَّفةٍ (أَيّ: تمَّ إِضعافُها مُختبريَّاً)، وَ يتمُّ حقنُ النَّاسِ غيرِ الْمُصابينَ بهذهِ الفيروساتِ الضعيفةِ؛ لأَجلِ أَن تعتادَ أَجسامُهُم على تداعياتها مُسبقاً بصورتها الأَوليَّةِ الضعيفةِ، مِمَّا يعني زيادةَ قدرتهِم على مُقاومتها لاحقاً في حالِ دخولها إِلى أَجسامهِم بصورتها الطبيعيَّةِ القويَّةِ، وَ بالتالي: يكونُ تأَثيرُها ضعيفاً، وَ تكونُ تداعياتُها طفيفةً، حتَّى تُنهي دورتها داخلَ الجسمِ الْمُضيفِ فتنتقلَ إِلى جسمٍ مُضيفٍ آخَرٍ، وَ هكذا دواليك تستمرُّ حياتُها إِلى ما لا نهايةَ لهُ مدى الحياة.
بالنسبةِ لي، حينَ كُنتُ أَدرسُ الِطبَّ البشريَّ، رأَيتُ بأُمِّ عينيَّ العديدَ مِنَ الجراثيمِ (البكتريا وَ الفِطريِّات أَيضاً)، عبرَ استخدامِ جهازِ الميكروسكوب (المجهر الطبيّ الدقيق)، وَ رأَيتُ كذلكَ كيفيَّةَ تكوينها ما ينجمُ عنها مِن تداعيات، إِضافةً إِلى رؤيتي كيفَ يقومونَ بحرقِ الْمُصابينَ بتلكَ الفيروساتِ حتَّى يتحوَّلوا إِلى حفنةٍ مِنَ الرمادِ، رُغمَ كُلِّ ما رأَيتُهُ أَنا (وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا) مِن هذهِ الوقائعِ الحقيقيَّة، إِلَّا أَنَّني لَم أَرَ وَ لَم أَسمَع وَ لَم أَقرء يوماً عن أَنَّهُم حرقوا مُصاباً بفيروس الأَنفلونزا.
- هل سمعت أَنت يوماً أَنَّ المريضَ بالأَنفلونزا إِن ماتَ أَحرقوه؟!!
حتماً سيكونُ جوابُك: لا.
أَنا كذلكَ مثلُك تماماً، لم أَسمع بهذا الشيءِ أَبداً، وَ لا أَظنُّني سأَسمعُ بهِ يوماً ما..
- أَتدري (ين) لماذا لن أَسمعَ به؟
لأَنَّ فيروسَ الأَنفلونزا ذو تداعياتٍ طفيفةٍ، لا تستوجِبُ أَن يُحرَقَ المريضُ بها إِن ماتَ وَ هيَ لا تزالُ تُكمِلُ دورتها في جسمهِ آنذاك.
فيروسُ كورونا، هُوَ مثل فيروس الأَنفلونزا، إِلَّا أَنَّهُ بدرجةٍ أَعلى قليلاً على قدرتهِ في إِحداثِ التداعياتِ، وَ رُغمَ قدرتهِ الأَعلى هذهِ، إِلَّا أَنَّ تداعياتُهُ ليسَت خطيرةً بالصورةِ الّتي يرتعِبُ مِنها الكثيرونَ وَ الكثيراتُ، الّتي تجعلُني أَحياناً أَتخيَّلُهُم وَ هُم قَد وصولوا بدرجةِ رُعبهم هذهِ إِلى أَن يسأَلوني يوماً أَو حتَّى يسأَلوا بعضَهُم البعضَ، قائلينَ بجديَّةٍ كبيرةٍ حمقاءٍ إِلى أَقصى درجاتِ الْحُمقِ الجالبِ للضَحكِ بأَعلى الأَصواتِ:
- كورونا كيفَ ينتقِلُ عبرَ مجموعات الواتساب؟
أَنا وَ أَنت موحِّدونَ باللهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قائدُنا الّذي لنا فيهِ أُسوةٌ حسنةٌ هُوَ الصادقُ الأَمينُ رسولُ اللهِ مُحمَّد بن عبد اللهِ الهاشميّ (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ قَد أَوصانا صلَّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيارِ قائلاً:
- "اِعقِلها وَ تَوَكَّل".
[حديثُ صحيح مرويٌّ في عددٍ مِن أُمّهاتِ المصادرِ منها: الجامع الصغير للسيوطيّ: الرقم (1186)، وَ صحيح الجامع للأَلبانيّ: الرقم (1068)، وَ سُنن الترمذيّ: الرقم (2517)، وَ أَمثال الحديث لأَبي الشيخ: الرقم (42)، وَ حلية الأَولياء لأَبي نعيم: (8/390)]
هذا يعني: أَنَّ كُلَّ ما علينا فِعلُهُ هُوَ إِتِّباعُ الإِرشاداتِ الطبيَّةِ (العلميَّةِ) الّتي يُرشِدُنا إِليها الْمُتخصِّصونَ، وَ باقي الأُمور كُلُّها نتركُها إِلى اللهِ عزَّ وَ جَلَّ الّذي هُوَ الْمُسبِّبُ الحَقيقيُّ لجميعِ الأَسباب؛ لأَنَّ اللهَ تعالى إِذا أَرادَ أَن يُميتَ أَحداً، فعلَ ذلكَ ببساطةٍ شديدةٍ، وَ بشتَّى الأَسبابِ، سواءٌ كانَ سببُ الوفاةِ هُوَ التزحلُقُ بقطعةِ صابونٍ في الْحَمَّامِ أَثناءَ الاستحمامِ، أَو بالاختناقِ بحبَّةِ رُزٍّ أَثناءَ تناولها في الطعام، أَو بحصولِ تداعياتٍ بعدَ الإِصابةِ بفيروسِ كورونا؛ لأَنَّ الموتَ إِذا جاءَ لَن يمنعُهُ مانعٌ أَبداً، لا كَمَّامَةٌ طبيَّةٌ، وَ لا تنفيذُ إِرشاداتِ الأَطبّاءِ، وَ لا حتَّى الاختباءُ في قِلاعٍ حصينةٍ جدَّاً:
- {أَينَمَا تَكُونُوا يُدرِكُكُمُ الْمَوتُ وَ لَو كُنتُم فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}..
[القُرآن الكريم: سورة النّساء/ أَوَّل الآَية (78)]
- {قُل إِنَّ الْمَوتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُم ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيبِ وَ الشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ}..
[القُرآن الكريم: سورة الجمعة/ الآَية (8)]
لذا: استمرّ (ي) في تحريكِ عجلَةِ حياتك؛ لتستمرَّ عجلَةُ حياةِ الآخَرين، بما يجلبُ إِليك وَ إِلى الآخَرينَ النفعَ، وَ يدفعُ عنك وَ عنهُم الضررَ، وَ ليكُن قلبُك مُطمئنَّاً، وَ لا تَفرّ (ين) مِن شيءٍ أَبداً إِلَّا فِرارك مِن الابتعادِ عنِ الله، وَ أَفضلُ طريقٍ يُقرِّبُك إِلى اللهِ هُوَ تراحُمك معَ أَخيك الإِنسان، عبرَ تقديمك المساعدة إِليهِ وَ معاضدتك إِيَّاهُ، بغضِّ النظرِ عن عِرقهِ أَو انتمائهِ أَو عقيدتهِ؛ لأَنَّ اللهَ رَبُّنا القُدُّوسُ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ، وَ هُوَ الْحُبُّ وَ الخيرُ وَ السَّلامُ، فليكُن منك إِلى النَّاسِ كُلُّ الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ، وَ لَك منِّي في اللهِ كُلُّ الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ، وَ بالْحُبِّ يحيا الإِنسان.
أَسأَلُ اللهَ تعالى أَن يَمُنَّ عليك وَ عَليَّ وَ على الجميعِ بعافيةِ الدِّينِ وَ الدُّنيا وَ الآخِرَة، بحقِّ جَدِّيَ الْمُصطفى الهاشميّ وَ عِترتهِ الطاهرة، وَ صحبهِ الأَخيارِ ذوي المآثرِ الفاخرة، إِنَّهُ سميعٌ مُجيبُ الدُّعاء، آمين، آمين، آمين.

أغلى جوهرتين

رافع آدم الهاشميّ

أَغلى جَوهَـرتينِ..
في الكَونِ هُمَا عَيناكِ..
أَغلى ساعات الليلِ..
حِين تداِعبُ رأَسي الأَشيَبْ..
(يَا نبضاً للحُبِّ) يَداكِ..
أَحلى مَا في الأَرضِ..
مَا في الكَونِ..
مَا في العُمُرِ..
حينَ أَكونُ وَحيدَاً..!!
وَ الشَعرُ الغَجَريُّ السارِحْ..
الْمُفعَمُ شَوقَاً وَ أُنوثةْ..
يَتَفَجَّرُ نحوي بلا رَحمَةْ..!!
كالبُركانِ الثائِرْ..!
أَغلى مَا في الدُّنيا..
يا أَمَلي الأَوَحَد في العالَمْ..
يَا نبضَ فُؤادي المفتونْ..
هُمَا عَيناكِ.

كورونا إِرشادات الوقاية منَ المرض

رافع آدم الهاشميّ

كُلُّنا نعرِفُ جيِّداً العبارةَ الذائعةَ الصيتِ الّتي تقولُ: "الوقايةُ خيرٌ مِنَ العِلاج"، وَ مِمَّا لا شكَّ فيهِ أَبداً أَنَّ عدمَ تعرُّضك للمرضِ أَفضلُ مِن سعيك لعلاجك منهُ بعدَ إِصابتك به، وَ حَيثُ أَنَّ كورونا قَد أَصبحَ شيئاً مُخيفاً لدى الكثيرينَ وَ الكثيراتُ، لذا فأَنا في هذا المقالِ أُطمئنُك إِلى أََقصى الحدودِ، وَ أَضَعُ بينَ يديك إِرشادات الوقايةِ مِنَ المرضِ.
تطبيقُك هذهِ الإِرشادات سيكونُ كفيلاً بوقايتك مِنَ تداعياتِ الإِصابةِ بمرضِ كوفيد تسعة عشر الّذي يُسبِّبهُ فيروس كورونا، في حالِ إِصابتك بهِ لا قَدَّرَ اللهُ ذلك، بالإِضافةِ إِلى وقايتك من تداعيات الإِصابة بالأَمراضِ الفيروسيَّةِ وَ الجرثوميَّةِ الأُخرى، فقط عليك أَن تتذكّر شيئاً مُهمَّاً للغايةِ جدَّاً؛ هُوَ: أَنَّ الإَصابة بفيروس كورونا لا يعني نهاية الحياةِ بالنسبةِ للشخصِ الْمُصابِ، فَهُوَ مثلَ فيروسِ الأَنفلونزا إِلَّا أَنَّهُ بدرجةٍ أَقوى في إِحداثِ التداعياتِ، فكُلَّما كانَ الْمُصابُ مُهيِّئاً لمقاومةِ المرضِ، كانَ شفاؤهُ مِنَ المرضِ أَسرعُ بكثيرٍ، وَ العكسُ بالعكسِ صحيحٌ، وَ بالتالي فإِنَّ هذهِ الإِرشاداتَ تُساعِدُك بشكلٍ عمليٍّ ملموسٍ وَ محسوسٍ معاً على تقويةِ جسدك ضدَّ الأَمراض عامَّةً، وَ تمنعك مِن الإِصابةِ بالأَمراضِ الجرثوميَّةِ خاصَّةً، وَ تكفلُ لك النجاةَ مِن تداعياتها، خاصَّةً كورونا؛ حيثُ أَنَّه في حالِ تعرُّضك لَهُ (لا قدَّرَ اللهُ) سيكونُ جسدُك قادراً على مواجهةِ تداعياتهِ بكُلِّ يسرٍ وَ سهولةٍ، مِمَّا يضمِنُ لك حتميةَ النجاةِ إِن شاءَ اللهُ تعالى، بل لعلَّ الفيروس يُصيبُك دُونَ عِلمك بهِ وَ يخرجُ منك بعد إِنهائهِ دورتهِ الطبيعيَّةِ في جسدك الّذي اتَّخذهُ الفيروسُ مُضيفاً لَهُ، دُون أَن يعتريك شيءٌ من أَعراضهِ مُطلَقاً، وَ هذا كُلُّهُ من الآثارِ الإِيجابيَّةِ الّتي تتركُها إِليك تطبيقُك هذهِ الإِرشادات.
لدينا خمسُ إِرشاداتٍ رئيسيَّةٍ، وَ هيَ الإِرشاداتُ التاليةُ حسبَ التسلسلِ الموضوعيِّ تنازليَّاً مِنَ الأَهمِّ إِلى الْمُهمِّ:
الإِرشاد رقم (1): تقوية جهازك المناعيّ:
إِنَّ أَفضل وسيلةٍ وَ أَرخصُها أَيضاً يمكنُك بها تقوية جهازك المناعيّ، هُوَ مواظبتك على تناولِ الأَغذيةِ الخاصَّةِ بتقويتك وَ التزامك بوسائلِ حمايتك مِنَ الأَمراض، لذا عليك بما يلي:
- اشرب (ي) يوميَّاً على الريقِ كوباً أَو كوبينِ مِنَ الماءِ الدافئ وَ بعدَها بنصفِ ساعةٍ كُل (ي) ثلاث إِلى سبعِ حبَّاتٍ مِنَ التمر معَ ثلاث إِلى خمسِ حبَّاتٍ منَ الزبيب (يفَضَّلُ الزبيب الأَسود)، وَ بعدها بربع ساعةٍ كُل (ي) تفاحةً واحدةً، وَ بعدها بنصفِ ساعةٍ تناول (ي) فطورك الصَّباحيّ الْمُعتاد.
- تناول (ي) الثوم وَ البصل (كِلاهُما نيِّئاً لا مطبوخَينِ) معَ وجبات الطعام الرئيسيَّةِ، خاصَّةً وجبَتيّ الغداء وَ العشاء.
- احرص (ي) على إِضافة البهارات المفيدة إِلى طعامك، خاصَّّةً: الزنجبيل، وَ الفُلفُل الأَحمر، وَ الكُركُم، وَ مطحون الثوم، رشَّةٌ متواضِعَةٌ مِن كُلِّ واحدٍ منها أَو حسبَ ذوقك أَنت.
- واظِب (ي) على تناول الخضروات الطازجة، خاصَّةً: النعناع، وَ الريحان، وَ الكرفس، وَ الفجل، وَ الكرّاث (الّذي يُسمَّى أَيضاً في سوريا بالـ براصيا وَ في بعض مناطق الخليج العربيّ بالـ بقل).
- اهتمّ (ي) بنظافة أَسنانك وَ لسانك جيِّداً؛ عن طريقِ تنظيفك لَهُما بصورةٍ صحيحةٍ بالفُرشاةِ وَ معجونِ الأَسنانِ الحاوي على الفلورايد بعدَ كُلِّ وجبةِ طعامٍ بنصفِ ساعةٍ وَ ليسَ مُباشرةً وَ قبلَ الذهاب إِلى النومِ وَ بعدَ الاستيقاظ منهُ مُباشرةً.
الإِرشاد رقم (2): طهيّ طعامك بصورةٍ جيِّدةٍ:
خاصَّةً اللحوم وَ بياض البيض وَ البقوليِّات.
الإِرشاد رقم (3): غسل يديك بالصابونِ:
منَ الأَخطاءِ الشائعةِ لدى غالبيَّةِ النَّاسِ، أَنَّهُم عندما يغسِلونَ أَيديهم بالصابونِ، فإِنَّهُم يغسلونهما تحتَ الماءِ الجاري مِن صنبورِ الماءِ، وَ هذهِ الطريقةُ الخاطئةُ تؤدِّي إِلى عدمِ استفادَةِ اليدينِ مِن الصابونِ نهائيَّاً؛ إِذ أَنَّ بقاءَ رغوةِ الصابونِ على اليدينِ لِمُُدَّةٍ لا تقلُّ عن (43) ثلاثٍ وَ أَربعينَ ثانيةً دُونَ تعرُّضِ هذهِ الرغوةِ إِلى الماءِ، هُوَ الكَفيلُ بالقضاءِ على الجراثيمِ الضارَّةِ الموجودةِ على سطحِ اليدينِ، عِلماً: إِنَّ استخدامَ الْمُطهِّرات وَ الْمُعقِّمات مثل الكحول الطبيِّ في غسلِ اليدين، هُوَ الآخَرُ خطأٌ شائعٌ؛ لأَنَّ هذهِ الْمُطهِّرات وَ الْمُعقِّماتُ ستقومُ بقتلِ البكتيريا النافعة لليدينِ وَ الّتي تحميهما منَ الأَمراضِ عن طريقِ تغطيتها منافذ الجلد، وَ بفقدانِ هذهِ البكتريا النافعةِ سيكونُ الجِلدُ غيرَ محميٍّ بها، وَ ستخترقهُ الجراثيمُ الضارَّةُ بسهولةٍ، لذا فإِنَّ غسلَ يديك بالصابونِ يكفيك لحمايتك وَ وقايتك مِنَ الأَمراض؛ حيثُ أَنَّ الصابونَ يقتلُ الجراثيمَ الضارَّةَ دُونَ أَن يتعرَّضَ إِلى البكتريا النافعةِ بأَيِّ سوء، وَ أَصحُّ الطُرقِ لغسلِ يديك بالصابونِ، هيَ بإِتِّباعك الخطوات الـ (12) اثني عشر التالية بالترتيب التصاعديّ:
- خطوة رقم (1): بلِّل (ي) يديك بالقليلِ مِنَ الماءِ، وَ تذكّر (ي) إِغلاق صنبور الماء بعدَ ذلك فوراً؛ لتوفيرِ الماءِ بالحِفاظ عليهِ مِنَ الهَدر.
- خطوة رقم (2): ضَع (ي) الصابونَ السائل (أَو قطعة الصابون الجافَّة ذاتها) على يديك وَ انشر (ي) الصابونَ أَثناء عمليَّة توزيعهِ على كاملِ يديك.
- خطوة رقم (3): ادعك (ي) راحة يديك جيِّداً لمدَّةٍ لا تقلُّ عن عشرِ ثوانٍ.
- خطوة رقم (4): افرك (ي) راحة يديك مع تشبيك أَصابعهما فركاً جيِّداً لمدَّةٍ لا تقلُّ عن عشرِ ثوانٍ أَيضاً.
- خطوة رقم (5): ضع (ي) أَصابع يدك اليُمنى في راحة يدك اليُسرى وَ افرك (ي) ظهرَ أَصابع يدك اليُمنى جيِّداً لمدَّةٍ لا تقلُّ عن خمسٍ ثوانٍ.
- خطوة رقم (6): ضع (ي) أَصابع يدك اليُسرى في راحة يدك اليُمنى وَ افرك (ي) ظهرَ أَصابع يدك اليُسرى جيِّداً لمدَّةٍ لا تقلُّ عن خمسٍ ثوانٍ.
- خطوة رقم (7): افرك (ي) إِبهام يدك اليُمنى براحةِ يدك اليُسرى لمدَّةٍ لا تقلُّ عن ثلاثِ ثوانٍ.
- خطوة رقم (8): افرك (ي) إِبهام يدك اليُسرى براحةِ يدك اليُمنى لمدَّةٍ لا تقلُّ عن ثلاثِ ثوانٍ.
- خطوة رقم (9): اشبك (ي) أَصابع يدك اليُسرى وَ افرك (ي) بها راحة يدك اليُمنى لمدَّةٍ لا تقلُّ عن ثلاثِ ثوانٍ وَ نصف.
- خطوة رقم (10): اشبك (ي) أَصابع يدك اليُمنى وَ افرك (ي) بها راحة يدك اليُسرى لمدَّةٍ لا تقلُّ عن ثلاثِ ثوانٍ وَ نصف.
- خطوة رقم (11): افتح (ي) الآن صنبور الماءِ، وَ اغسل (ي) يديك من الصابون، وَ بعد انتهائك مِنَ الغسلِ، ضع (ي) في يدك كميَّةً كبيرةً من الماء وَ اسكبها (اسكبيها) على صنبور الماء، كرِّر (ي) سكب الماء ثلاث مرَّاتٍ على الأَقلّ، ثمَّ بعد ذلك أَغلق (ي) الصنبور.
- خطوة رقم (12): جفِّف (ي) يديك بالهواءِ الطّلق (أَو هواء المكان الّذي أَنت فيهِ) دُونَ الحاجة لاستخدامِ أَيِّ مناديل ورقيَّة أَو غيرها.
الإِرشاد رقم (4): تغطية فمك وَ أَنفك عند العَطس أَو السُّعال:
عندما ينتابُك العَطسُ أَو يخرجُ مِن فمك السُّعالُ، يجب عليك تغطيَّةُ فمك وَ أَنفك بوضعهِما في الزاويةِ الداخليَّةِ بين ساعدك وَ عِضدك مِن يدك اليُسرى أَو اليُمنى؛ لمنعك الرذاذَ من انتشارهِ في الهواء، وَ منَ الخطأ الشائع عندَ الكثيرينَ وَ الكثيراتِ هُوَ وضعُ كفِّهم أَمامَهم عند العطس أَو السُّعال، فتجنَّب (ي) أَنت هذا الخطأ الشائع.
الإِرشاد رقم (5): تجنّبك الاتِّصال المباشر معَ المصابينَ بالمرض:
أَيِّ شخصٍ تظهرُ عليهِ أَعراضُ مرض كوفيد تسعة عشر، أَو تظهرُ عليهِ أَعراضُ أَمراض الجهاز التنفسيِّ، مثل العطس وَ السُّعال، عليك تجنُّب الاتِّصالِ المباشر معهُ، وَ إِذا كانَ تواصلُك المباشر معهُ ضروريَّاً، فعليك حينها وضعُ مسافةٍ لا تقلُّ عن مترينِ اثنينِ بينك وَ بينه عند حديثكما معاً، وَ لا حاجةَ لتذكيرك بوجوب عدم استخدامك أَشياءَه الشخصيَّةِ الخاصَّة بهِ، مثل: المشط وَ كوب الماء وَ أَدوات الحلاقة وَ فُرشاة الأَسنان وَ غيرها قاطبةً دُونَ استثناءٍ.
إِلى هُنا، تمَّت إِرشاداتُ الوقاية مِنَ المرض بشكلٍ موجَزٍ جدَّاً دونَ تفصيلٍ في الْجُزئيِّاتِ؛ طلَباً للاختصارِ، وَ في مقالاتيَ القادمِة إِن شاءَ اللهُ تعالى، سأَوضِّحُ لك المزيدَ منَ الأُمورِ المتعلِّقةِ بفيروسِ كورونا؛ بما تجلبُ لك النفعَ تلكَ التوضيحاتُ وَ تدفعُ عنك الضررَ، وَ سآتيك إِن شاءَ اللهُ تعالى بهذهِ التوضيحاتِ الضروريَّةِ على صفحاتِ منبرنا الإِعلاميِّ الحُرِّ النزيهِ هذا الّذي بينَ يديك الآن، إِن أَمَدَّ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ بعُمُري وَ وفَّقني لذلك، سائلاً ربَّنا القدُّوس أَن يعافيك وَ يعافيني وَ يعافي الجميعَ دُونَ استثناءٍ عافيةَ الدِّينِ وَ الدُّنيا وَ الآخِرة، إِنَّهُ حميدٌ مُجيبُ الدُّعاء.