الخميس، 5 مارس 2020

هَل يُمكِنك الإِجابة عَن أَخطَرِ سؤالٍ في القُرآن؟

رافع آدم الهاشميّ

باسمِ اللهِ الْحُبّ، باسمِ اللهِ الْخَير، باسمِ اللهِ السَّلام، باسمِ اللهِ أَبدأُ وَ باسمِ اللهِ أَمضي وَ باسمِ اللهِ أَنتهي إِلى مُبتغاي، باسمِ اللهِ الّذي لا يَضرُّ مَعهُ شَيءٌ في الأَرضِ وَ لا في السَّماءِ وَ هُوَ السَّميعُ العَليمُ..
وَ باسمِ اللهِ أَضَعُ بينَ يديك وَ أُقدِّمُها إِليك:
- باقَةُ وَردٍ مِنَ الْحُبِّ وَ الْخَيرِ وَ السَّلام.
أَمَّا بَعدُ:
فلأَنَّ محتوى مَقاليَ هذا يتناوَلُ شيئاً مُهمَّاً جدَّاً يَخصُّك أَنت وَ يَخصُّ الْجَميعَ دُونَ استثناءٍ، وَ لأَنَّ محتوى مقاليَ هذا هُوَ الأَوَّلُ مِن نوعهِ على مُستوى العالَمِ وَ التَّاريخِ كُلِّهِما قاطبةً دُونَ استثناءٍ (على الأَقلِّ حسبَ عِلميَ بذلكَ وَ وِفقَاً للشكلِ الّذي أَتناوَلُ مُحتواهُ فيهِ)، لأَجلِ هذا، أَرجو منك التمهُّلَ في القِراءَةِ بعينِ الْحُرِّ اللبيبِ الحَصيفِ، عَليك القَراءَةِ تتابُعيَّاً دُونَ أَن تتعجَّل أَنت شيئاً مِنَ النتيجَةِ؛ فإِنَّ الموضوعَ مُترابِطٌ بعضُهُ ببعضٍ بشكلٍ دَقيقٍ، وَ عَلى اسمِ اللهِ أَبدأُ مَعَك، فأَقولُ:
لأَنَّني موحَِّدٌ بالإِلهِ الخالقِ الحَقِّ الّذي هُوَ اللهُ تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صفاتُهُ، وَ لأَنَّني مِن ذُريَّةِ جَدِّي رسولِ الله الْمُصطفى الصادق الأَمين (روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ لأَنَّني إِنسانٌ حُرٌّ عابدٌ للهِ وَ لَستُ عَبداً لأَيِّ مَخلوقٍ أَيَّاً كانَ، وَ لأَنَّني مُستَقِلٌّ بآرائيَ وَ توجُّهاتيَ كُلَّها وَ لا أَنتمي لأَيِّ جهةٍ دينيَّةٍ أَو سياسيَّةٍ أَو غيرِهما أَيَّاً كانت، وَ لأَنَّني لَستُ تابعاً لغيرِ الله، وَ لأَنَّني لَستُ تحتَ قيادَةِ قائدٍ غيرَ جَدِّيَ رسول الله (روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ لأَنَّني صادِقُ فيما أَقولُ وَ أَفعلُ دائِمَاً وَ أَبداً، وَ هكذا كُنتُ وَ لا زلتُ وَ سأَبقى حتَّى الرَمقِ الأَخيرِ في حياتي، وَ لأَنَّني مُحقِّقٌ وَ عالِمٌ ربَّانيٌّ وَهَبَني اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ ما وهَبَني مِن عِلْمِ (ما وراءِ الوراء)، وَ لأَنَّ الإِرثَ إِرثيَ خاصَّةً، وَ لأَنَّ التَّاريخَ تاريخُ آبائيَ وَ أَجداديَ الأَطهارُ الشُّرفاءُ (روحيَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، وَ لأَنَّني غَيورٌ على جَميعِ صحابَةِ رسولِ اللهِ الأَخيار قاطبَةً دُونَ استثناءٍ، بدءً مِن سيِّدنا أَبي بَكرٍ الصدِّيق، مروراً بسيِّدنا عُمر بن الخَطّاب، وصولاً إِلى سيِّدنا عُثمان بن عَفَّان، وَ انتهاءً بسيِّدنا عليٍّ بن أَبي طالبٍ (عَليهِمُ السَّلامُ جَميعاً وَ روحي لَهُم جَميعاً الفِداءُ)، وَ لأَنَّني لَستُ شيعيَّاً بأَيِّ طائفَةٍ مِن طوائِفِها، وَ لَستُ سُنيَّاً بأَيِّ طائفَةٍ مِن طوائِفِها، إِنَّما أَنا مُسلِمٌ فَقَط، موحِّدٌ باللهِ، عَلى نهجِ جَدِّيَ النبيِّ المصطفى رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (روحي لَهُ الفِداءُ)، نهج الإسلام الأَصيل الّذي لا طوائفَ فيهِ مُطلَقاً، الإسلام الأَصيل الّذي كانَ عليهِ جَميعُ الأَنبياءِ وَ الْمُرَسلينَ قاطبةً دُونَ استثناءٍ (عليهِمُ السَّلامُ وَ روحي لَهُم جميعاً الفِداءُ)، الإسلام الأَصيل الّذي كانَ عليهِ جَدِّيَ رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (صلّى اللهُ عليهِ وَ آلهِ وَ صحبهِ وَ سلّم وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، الإِسلام الأَصيل الّذي كانت عليهِ جَميعُ أُمّهاتِ المؤمنينَ وَ المؤمنات، بدءً مِن جَدَّتي خديجة الكُبرى، وَ مروراً بأُمّي عائشة، وَ انتهاءً بآخرِ زوجاتِ الحبيبِ المصطفى (رضيَ اللهُ تعالى عَنهُنَّ وَ أَرضاهُنَّ وَ عَليهِنَّ السَّلامُ وَ روحي لَهُنَّ جَميعاً الفِداءُ)، الإِسلام الأَصيل الّذي كانَ عليهِ أَبي أَميرُ المؤمنين وَ قائِدُ الغُرِّ الْمُحَجَّلين الإِمامُ عليٍّ بن أَبي طالبٍ الهاشميّ (كَرَّمَ اللهُ تعالى وجَهَهُ الشَّريفَ وَ عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، الإسلامُ الأَصيل الّذي كانت عَليهِ أُمّي فاطمةُ الزهراء سيِّدة نساء العالمين و بضعةُ خاتم النبيين وَ المرسلين (روحي لَهُما الفِداءُ)، الإِسلامُ الأَصيل الّذي لا يُكَفِّرُ فيه أَحَدٌ أَحَداً، بَل لا يُزَكِّي أَحَدٌ أَحَداً مُطلَقَاً، حتَّى نفسَهُ؛ لأَنَّ الّذي يُزَكِّي الأَنفُسَ هُوَ (اللهُ) تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صفاتُهُ، لا مَنْ سِواهُ، الإِسلام الأَصيل الّذي لا يوجَدُ شَيءٌ فيهِ اِسمُهُ سُنيٌّ أَو شيعيٌّ أَو غيرهما!!! الإِسلام الأَصيل الّذي لا يُفرِّقُ بينَ البشرِ كافَّةً إِلّا على أَساسِ تقوى الله! لا على أَساسِ المذهبيَّةِ أَوِ التحزُبيَّةِ أَوِ المصالحِ الْمُشترَكةِ بينَ الأَطراف!!! الإِسلام الأَصيل الّذي يدعو إِلى نشرِ وَ ترسيخِ الحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ بينَ أَبناءِ الأُسرَةِ الإِنسانيَّةِ الواحدَةِ، بغَضِّ النظرِ عَنِ العِرقِ أَوِ الانتماءِ أَوِ العَقيدَةِ!!! الإِسلام الأَصيل الّذي بدأَ غَريباً وَ سيعودُ غَريبَاً فَطوبى للغُرباءِ!! وَ أَنا واحِدٌ مِنَ الْغُرباءِ!!!
وَ لأَنَّني لَم وَ لَن تأَخُذُني في اللهِ لَومَةُ لائِمٍ قَطّ، لهذا كُلِّه وَ أَكثرُ أَيضاً، قَد اختارَني اللهُ لأَن أَكونَ أَوَّلَ إِنسانٍ في عالَمِنا هذا يَطرَحُ هذا السؤالَ، وَ يَكشِفُ هذهِ الأَسرارَ الخافيةَ عَنِ الغالبيِّةِ الْعُظمى مِنَ البشرِ إِن لَم يَكُنِ الْجميعُ خاصَّةً في زمانِنا هذا، وَ هُوَ أَخطَرُ سؤالٍ في القُرآنِ، (وَ في جُعبَتي مِنَ الحَقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرارِ الكَثير الكَثير)، وَ السؤالُ المطروحُ عَلى طاولَةِ البحثِ هُوَ:
- مَنِ المقصودُ في الآيةِ التاليةِ بعبارَةِ "إِنَّا نَحْنُ"؟
- {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}..
[القُرآن الكَريم: سورة الحجر/ الآية (9)]
وَ بالتالي: فإِنَّ شخصَ "إِنَّا نَحْنُ" هُوَ الّذي نزَّلَ القُرآنَ؛ بدلالَةِ اِعترافِهِ الصريحِ في الآيةِ أَعلاهُ بقولهِ الّذي أَردَفَهُ مُباشرةً: "نَزَّلْنَا الذِّكْرَ"!!!
فإِنْ كانَ المقصودُ بهِ هُوَ الإِلهُ الخالِقُ الْحَقُّ الّذي هُوَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ، كَما يقولُ ذلكَ جَميعُ المفسرينَ قاطبةً دُونَ استثناءٍ، فأَقولُ لَهُم جَميعاً أَيَّاً كانوا:
- أَليسَ اللهُ لَفظٌ مُفرَدٌ أَم هُوَ لَفظٌ جَمعٌ؟!
ممَّا لا شَكَّ فيهِ أَنَّ لفظَ (الله) مُفرَدٌ وَ ليسَ جَمعَاً؛ لأَنَّهُ لَو كانَ اللهُ جَمعاً لأَصبحَ اللّهون!!! باعتبارِ تحويلِ اللفظِ المفرَدِ الْمُذكَّرِ إِلى اللفظِ الْمُفرَدِ الجَمعِ، عَلى غِرارِ تحويلِ (خالِق) إِلى (خالِقون)، أَيّ: أَصبَحَ هُناكَ أَكثرُ مِن إِلهٍ خالقٍ للوجودِ، وَ هذا يُخالِفُ المنطِقَ بداهَةً، لذا: لا بُدَّ مِن وجودِ إِلهِ واحِدٍ فَقط؛ بدلالةِ قولهِ تعالى في القُرآنِ الكَريمِ ذاتِهِ:
- {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}..
[القُرآن الكريم: سورة الأَنبياء/ الآية (22)].
لكن!
عليك الانتظارُ هنا قليلاً مِن فضلك..
في سورةِ الأَنبياءِ، نجدُ الآياتَ التاليةَ بتمامِها هيَ الّتي سَبقَت قولَهُ تعالى سالِفَ الذِّكرِ، أَو: الّتي قيلَ عنها أَنَّها آياتُ اللهِ، لتكونَ معَ الآيةِ ذاتِها على النحوِ التالي:
- {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ، أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}..
[القُرآن الكريم: سورة الأَنبياء/ الآيات (19 – 22)].
وَ هُنا لا بُدَّ مِن طَرحِ الأَسئلةِ التاليةِ على طاولةِ البحثِ؛ سعياً للوصولِ إِلى الحَقيقةِ:
لقَد قالَ اللهُ (أَو هكذا قيلَ أَنَّ اللهَ قالَ):
- {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ}..
وَ لَم يَقل:
- (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ وَ السَّماءِ)!!
وَ بالتالي: فإِنَّ الآيةَ التاليةَ مُتعلِّقَةٌ بها لا محالة، وَ ليسَت مُتعلِّقَةً بما قبلَها، أَيّ: أَنَّ الآيةَ التاليةَ تردُّ على مَن اتِّخذَ آلِهَةً مِنَ الأَرضِ بشكلٍ مُحدَّدٍ وَ لَم يتَّخِذِ اللهَ إِلهاً لَهُ..
إِذاً:
- كَيفَ يقولُ اللهُ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} بدلاً عَن وجوبِ أَن يقولَ: (لَوْ كَانَ فِيها آلِهَةٌ)؟!!!
لأَنَّ (الأَرضَ) لَفظٌ مُفرَدٌ، وَ (فيهما) لَفظٌ مُثنَّى، وَ لا بُدَّ أَن يتمَّ استخدامُ لفظِ (فيها) للإِشارةِ إِلى (الأَرضِ) باعتبارِها لَفظٌ مُفرَدٌّ مؤنــَّثٌ، وَ ليستَ مُثنَّى!
- فَهَلِ اللهُ الخالِقُ لا يُجيدُ اللُّغةَ العَربيَّةَ الفُصحى الّتي قيلَ أَنَّهُ أَنزلَ بها القُرآنَ بينما أَنا وَ أَنت نُجيدُ هذهِ اللُّغَةَ أَفضلَ مِنهُ؟!!!!
مِنَ الْمُحالِ أَنْ يكونَ هذا قَطعَاً؛ لأَنَّ اللهَ الإِلهُ الخالِقُ الحَقُّ هُوَ الأَفضَلُ وَ الأَحسَنُ وَ الأَعلَمُ مِنَّا بداهةً لا محالة، دُونَ أَدنى شَكٍّ في ذلكَ مُطلَقاً..
إِذاً:
- كيفَ يَجعلونَ اللهَ جاهِلاً بلُغَةِ القُرآنِ وَ هيَ لُغَةُ نبيِّهِ الْمُصطفى الأَمينِ (روحي لَهُ الفِداءُ)؟!!!!
وَ أَعني بـ (يَجعلونَ) أُولئكَ الأَشخاصُ الّذينَ كَتبوا القُرآنَ وَ دَوَّنوهُ لنا كَما هُوَ الآنَ بينَ الدَّفتينِ، وَ أَلصَقوا التُّهمةَ الْباطِلَةَ بحَقِّ الخليفةِ الصَّالحِ عُثمان بن عَفَّان (رضيَ اللهُ تعالى عَنهُ وَ أَرضاهُ وَ عَليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ) مِن أَنَّهُ هُوَ حَرَّاقُ المصاحِفِ، وَ مِن أَنَّهُ هُوَ الّذي كَتبَ وَ دَوَّنَ لنا هذا القُرآنَ عبرَ لُجنَةٍ أَمَرَ بها لهذا الغَرضِ!!!
ثُمَّ (بضَمِّ الثاءِ لا بفتحها):
- كَيفَ يقولُ اللهُ في الآيةِ ذاتِها: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ لَفَسَدَتَا}؟!!!!
وَ الصحيحُ لُغَةً وِفقَ قواعِدِ اللُّغةِ العَربيَّةِ الّتي نعرِفُها جيِّداً نحنُ العَربُ جَميعاً دُونَ استثناءٍ، الصحيحُ أَن يقولَ:
- (لَوْ كَانَ فِيهِا آلِهَةٌ غيرَ اللهِ لَفَسَدَتْ)!!!
لأَنَّ المقصودَ هُوَ الجوابُ عَن أُولئكَ الأَشخاصِ الّذينَ {اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ}!
وَ كما مَرَّ سَلَفاً، فلَفظُ (الأَرض) يستوجِبُ أَنْ يقولَ:
- (فيها) بدلاً عَن {فيهما}.
وَ:
- (فَسدَت) بدلاً عَن {فَسَدَتا}.
وَ الأَكثرُ أَهميَّةً أَن يقولَ:
- (آلِهَةٌ غيرَ اللهِ) بدلاً عَن {آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ}.
عليهِ أَسأَلُ الْعُقلاءَ جَميعاً:
- هَل يَجوزُ على اللهِ أَن يكونَ جاهِلاً بقواعِدِ اللُّغةِ العَربيَّةِ الفُصحى؟!!!!
(حاشا اللهُ ذلكَ جُملةً وَ تفصيلاً)
- وَ هَل يَجوزُ على اللهِ أَن يُجيبَ بشيئينِ اِثنينِ وَ هُوَ يتحدَّثُ عَن شيءٍ واحِدٍ واضحٍ لا لَبسَ فيهِ؟!!!
- أَم أَنَّ الّذين ادَّعوا على سيِّدنا عُثمان بن عفَّان (روحي لَهُ الفِداءُ) أَنَّهُ حَرَّقَ المصاحِفَ وَ دوَّنوا لنا القُرآنَ بهذهِ الشاكلةِ الْمُتضاربةِ فيما بينَ البعضِ (إِن لَم يَكُنِ الكَثيرُ) مِن آياتِها، هُم الّذينَ توَهّموا أَثناءَ سردِهِم هذهِ الآياتِ، فظّنوا أَنَّ الجوابَ مُتعلِّقٌ بما سَبقَ مِن حَديثٍ عَنِ {السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ}، فجعلوها هُنا بهذا الشَكلِ الْمُطابقِ للإِجابةِ عَنِ اللفظِ الْمُثنَّى، بدلاً منَ الإِجابةِ عَنِ اللفظِ الْمُفرَدِ المؤنِّثِ في {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ}؟
وَ هذا التضارُبُ في الأَلفاظِ هُوَ أَحَدُ الأَسبابِ الّتي جَعلَتِ الكَثيرينَ يُلحِدونَ باللهِ وَ يَكفرونَ بسيِّد الْخَلقِ أَجمَعينَ، نبيُّ اللهِ، نبيُّ الرَّحمَةِ، الْمُصطفى الصادِقُ الأَمينُ مُحمَّدٌ بن عبد اللهِ الهاشميُّ (روحي لَهُ الفِداءُ)!!!
وَ السؤالُ الأَهمُّ هُوَ:
- مَنِ الّذي كانَ وراءَ هذا التشويهِ وَ التحريفِ الواضحِ الّذي لا لَبسَ فيهِ؟!!
- هَل هُم كَهنةُ معابدِ اليهودِ؟
- أَم كَهنةُ معابدِ النصارى؟
- أَم كَهنةُ معابدِ الأَعرابِ لا العَرب؟
- أَم مَن، بشكلٍ دَقيقٍ واضحٍ لا لبسَ فيهِ على الإِطلاقِ؟
البحثُ في الإِجابةِ عَنهُ مَتروكٌ إِليك أَنت وَ لِكُلِّ باحثٍ وَ حُرٍّ نزيهٍ غيورٍ على عَقيدتهِ وَ على تاريخهِ وَ إِرثهِ الّذي هُوَ تاريخُ وَ إِرثُ آبائِنا وَ أَجدادِنا جميعاً.
وَ لَعَلَّ قائلٍ يَقولُ لي:
- ليسَ هذا تحريفاً في الْقُرآنِ.
فأَقولُ لَهُ:
- إِنْ لَم يَكُن هذا تحريفاً، فماذا تُسمِّيهِ إِذاً غيرَ ذلكَ؟
أَترُكُ الجوابَ إِليك أَنت أَيضاً، معَ تأَكيديَ الشَديدِ على أَنَّ كُلَّ مَن حرَّفَ القُرآنَ الأَصيلَ إِنَّما هُوَ كافِرٌ باللهِ لا محالة، أَيَّاً كانَ هذا الشخصُ، وَ أَينما كانَ، وَ عَليهِ وِزرُ ما عَمِلَ مِن شَرٍّ وَ وِزرُ مَن تبعَهُ عامِداً مُتعَمِّداً (أَيّ: ذو نيَّةِ سوءٍ عَن قصدٍ مُسبقَةٍ منهُ) إِلى يومِ القيامَةِ، وَ أَمَّا الّذينَ وقعوا في الاشتباهِ فيهِ فظّنوا فيهِ ما ليسَ فيهِ عَن سهوٍ مِنهُم لا عَن قَصدٍ مُطلَقاً، إِنَّما حسابُهُم عَلى اللهِ، وَ هُوَ أَرحَمُ الرَّاحمين.
وَ السؤالُ الْمُهِمُّ هُوَ:
- لماذا الّذي كانَ وراءَ هذا التشويهِ وَ التحريفِ قَد فعلَ فعلَهُ الْمُشينِ هذا؟
الجوابُ بسيطٌ جدَّاً، وَ هُوَ:
لأَجلِ زرعِ التفرقَةِ بينَ الْمُسلمينَ أَوَّلاً، مِن خلالِ جعلِهِم يظّنونَ أَنَّ ما في القُرآنِ هُوَ كُلُّهُ مِنَ القُرآنِ الأَصيلِ ذاتهِ، وَ بالتالي: سيعتبرونهُ مُقَدَّساً فوقَ مُستوى الشُّبهاتِ، مِمَّا يَجعَلُ الْمُسلمينَ وَ فُقهاءَهُم خاصَّةً (الْمُنزَّهونَ كُلُّهُم عَن أَيِّ شَينٍ رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ)، يُسارِعونَ لإِيجادِ تفسيراتٍ تُحاوِلُ أَن تكونَ مُجيبَةً عَنِ التناقُضاتِ الموجودَةِ في القُرآنِ هذا ذاتهِ، مِمَّا يؤدِّي (بداهةً) إِلى إِحداثِ نزاعاتٍ فقهيَّةٍ بينهُم؛ إِثرَ إِحداثِ أَحكامٍ شرعيَّةٍ مُتضارِبَةٍ مُتعارِضَةٍ فيما بينها، وَ بالتالي: يؤدِّي إِلى إِحداثِ طوائِفٍ مُتفرِّقَةٍ بينَ الْمُسلمينَ، كُلُّ طائِفَةٍ منهُم تُدافِعُ عَن آراءِ فُقهائِها؛ ظنَّاً مِن أَصحابِ الطائِفَةِ هذهِ ذاتَ العَلاقَةِ، أَنَّ فُقهاءَهُم هُم فقَط الّذينَ على صوابٍ، وَ كُلَّ شخصٍ آخَرَ غيرَهُم على باطلٍ محضٍ حتَّى وَ إِن كانَ ذلكَ الشخصُ الآخَرُ فَقيهاً تَقيَّاً عابداً للهِ!!!
نعم، القُرآنُ كِتابٌ مُقَدَّسٌ فوقَ مُستوى الشُّبهاتِ، إِلَّا أَنَّ السؤالَ هُوَ:
- أَيُّ قُرآنٍ يكونُ كتاباً مُقدَّساً فوقَ مُستوى الشُّبهاتِ؟
- هذا الّذي حَرَّفوهُ أُولئكَ عَن مواضعِهِ؟
- أَمِ القُرآنِ الأَصيلِ الّذي أَوحاهُ اللهُ إِلى نبيِّهِ الْمُصطفى الصادقِ الأَمينِ (روحي لَهُ الفِداءُ)؟
بالطبعِ هُوَ ذلكَ القُرآنُ الأَصيلُ وَ ليسَ غيرَهُ مَطلَقاً، فتدبَّرَ أَنت جيِّداً وَ تبصَّر!
وَ ثانياً: لأَجلِ إِبعادِ غَيرِ الْمُسلمينَ عَنِ الإِسلامِ الأَصيلِ الّذي يدعو إِلى الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلام، مِمَّا يؤدِّي (بطبيعةِ الحالِ) إِلى بقاءِ أَتباعِ أُولئك الكَهنةِ في تلكَ المعابدِ على طاعتهِم، وَ بالتالي: بقاءُ أُولئكَ الكَهنةُ في مناصبهِم، مِمَّا يضمِنُ لَهُم حصولَهُم على مُكاسبهِم الدُّنيويَّةِ الزائلةِ لا محالة..
وَ هذا ما هُوَ حاصِلٌ بالفعلِ مُنذُ قرونٍ مَضَت وَ حتَّى يومِنا هذا، دُونَ أَن يتنبَّهَ عُلماءُ الإِسلامِ وَ فُقهاؤُهُ الأَطهارُ (عليهِمُ السَّلامُ جَميعاً وَ روحي لَهُمُ الفِداءُ)، في شتَّى طوائِفِ الْمُسلمينَ، لهذهِ المؤامرةِ الْكُبرى، ليسَ جَهلاً مِنهُم أَو عَدمَ قُدرةٍ لديهِم في كَشفِ الحقائقِ وَ إِظهارِ ما توارى مِنَ المؤامراتِ ضِدَّ الإِسلامِ الأَصيلِ، وَ إِنَّما لأَنَّهُم أَساساً لَم يجعلوا هذا القُرآنَ تحتَ مُستوى الشُّبهاتِ، حالُهُ حالَ أَيِّ كتابٍ آخَرَ، مثلما جَعَلَني اللهُ سُبحانهُ أَن أَفعلَ هذا؛ لأَكتَشِفَ الْمُؤامَرةَ الْكُبرى ضِدَّ الإِسلامِ الأَصيلِ وَ ضِدَّ الأَنبياءِ جَميعاً وَ ضِدَّ البشريَّةِ قاطِبَةً دُونَ استثناءٍ.
فلاحِظ أَنت جيِّداً وَ تأَمَّل وَ تبصَّر وَ تدبَّر!
وَ عَودَاً على بدءٍ، لنرجِعَ مَعَاً إِلى أَوِّلِ الكَلامِ، أَقولُ:
قولُهُ تعالى:
- {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}..
- إِن كانَ حقَّاً اللهُ هُوَ الّذي قالَ هذهِ الآيةَ، فكيفَ يقولُ اللهُ عَن نفسهِ: {إِنَّا نَحْنُ} وَ هُوَ مُفرَدٌ مُذكَّرٌ؟!!!
- أَليسَ الصحيحُ وفقَ قواعدِ اللُّغةِ العَربيَّةِ أَن يقولَ: (أَنا) بصيغةِ الْمُفردِ بدلاً عَن (إِنَّا نحنُ) بصيغةِ الجَمعِ؟!
وَ إِلَّا:
لماذا نجدُ أَنَّ اللهَ قالَ عَن نفسهِ بالفعلِ بصيغةِ المفردِ في آياتٍ أُخرى، كَقولهِ تعالى:
- {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي}..
[القُرآن الكَريم: سورة طه/ الآية (14)]
فَهُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَم يَقُل فيها:
- (إِنَّنا نحنُ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ نحنُ فَاعْبُدْنا وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِنا)!!!
وَ كَقولهِ تعالى (أَيضاً):
- {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}..
[القُرآن الكريم: سورة النمل/ الآية (9)]
فَهُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَم يَقُل فيها:
- (يَا مُوسَى إِنَّهُم نحنُ اللهُ الْعَزِيزُونَ الْحَكِيمُونَ}..
وَ كَقولهِ تعالى (كذلكَ):
- {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}..
[القُرآن الكَريم: سورة القصص/ الآية (30)]
فَهُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَم يَقُل فيها:
- {... أَنْ يَا مُوسَى إِنِّا نحنُ اللهُ أَربابُ الْعَالَمِينَ}..
فلاحِظ أَنت جيِّداً وَ تبصَّر وَ تدبَّر!
ثُمَّ (بضمِّ الثاءِ لا بفتحها):
- هَل قالَ اللهُ: (نَزَّلْنَا القُرآنَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)؟!!!
أَم أَنَّهُ قالَ (أَو هكذا قيلَ أَنَّهُ قالَ):
- {نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}؟!!!
أَيّ:
- أَنَّ الّذينَ نزَّلوا قَد نزَّلوا الذِّكرَ وَ لَم ينزِّلوا القُرآنَ، وَ فَرقٌ شاسِعٌ في اللُّغةِ العَربيَّةِ الفُصحى بينَ الذِّكرِ وَ بينَ القُرآنِ؛ إِذ لِكُلِّ لَفظٍ مَعناهُ الْمُطابقُ لفحواهُ المؤدِّي إِلى الغَرضِ مِن اِستخدامهِ، وَ مِن غَيرِ المعقولِ (بداهةً) أَن لا يعرِفَ الإِلهُ الخالِقُ الْحَقُّ (اللهُ سُبحانهُ وَ تعالى) هذهِ الفوارِقَ في معاني الأَلفاظِ، و إِلَّا لأَصبحَ ليسَ إِلهاً حَقَّاً جُملةً وَ تفصيلاً، وَ حاشا اللهُ أَن يكونَ ذلكَ مُطلَقاً..
عَليهِ أَقولُ:
- فمَن هؤلاءِ الّذين نزَّلوا الذِّكرَ لَنا؟!!!
- هَل هُم أُولئكَ الّذين دَوَّنوا لَنا القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ؟
- أَم أَنَّهُم أَشخاصٌ آخَرونَ؟!!!
إِذاً:
- هَلِ القُرآنُ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ هُوَ بالفعلِ كَلامٌ مُنَزَّلٌ مِنَ اللهِ؟!!
- أَم أَنَّ يَداً خَفيَّةً قَبلَنا بمئاتِ السنينِ قَد تلاعبَت بهِ كَيفما شاءَت وَ دسَّت فيهِ ما جعلَ غَيرَ الْمُتدبِّرينَ يكونونَ بينَ مُلحدٍ بهِ وَ بينَ مُجرمٍ قاتلٍ يعتدي على رقابِ وَ أَعراضِ وَ أَموالِ النَّاسِ في كُلِّ زمانٍ وَ في كُلِّ مكانٍ؟!!!
- وَ هَل كُلُّ ما في الْقُرآنِ مُتلاعَبٌ بهِ بهذا الشكلِ أَو بشكلٍ آخرَ؟
- أَم أَنَّ في القُرآنِ ما هُوَ حَقُّ بالفعلِ قَد قالَهُ النبيُّ إِيحاءً إِليهِ مِنَ اللهِ؟
فإِن كانَ حَقَّاً، كَما يدَّعي جَميعُ الْمُفسرينَ قاطِبَةً دُونَ استثناءٍ بناءً على تاريخنا المزوَّرِ بما فيهِ مِن تزويرٍ بفعلِ فاعلٍ خَبيثٍ، إِن كانَ حَقَّاً المقصودُ بالآيةِ أَعلاهُ الّتي مَرَّت سَلَفاً، وَ الّتي هيَ قولهُ (أَو قولهم أُولئكَ الّذينَ كَتبوا هذا القُرآنَ):
- {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}..
إِن كانَ المقصودُ بـ {الذِّكْرَ} هُوَ (القُرآن) كما يدَّعونَ، إِذاً:
- كَيفَ يَحفَظُ اللهُ كِتاباً تأَكلُهُ النَّارُ؟!!!!
- أَليسَ مِنَ العارِ عَلى اللهِ أَن يَكونَ كاذِباً؟!!!!
(حاشا اللهُ أَنْ يكونَ كَذلكَ مُطلَقاً)
إِذاً:
- لماذا نجدُ النَّارَ تأَكُلُ كُلَّ هذا القُرآنَ جُملةً وَ تفصيلاً بكُلِّ يُسرٍ وَ سهولَةٍ مثلما تأَكُلُ أَيَّ شَيءٍ آخرَ غيرَهُ بما فيها الأَوراقُ الّتي تمتلئُ بالْخُزعبلاتِ أَيَّاً كانت؟!!!
- فَهَلِ القُرآنُ وَ الْخُزعبلاتُ أَمامَ النَّارِ مُتساويانِ؟!!!
- أَم ماذا؟
وَ:
- لماذا؟
دقِّق أَنت جيِّداً في المقاطع الواقعيَّةِ المنتشرةِ على مواقع التواصل الاجتماعيّ و خاصَّةً اليوتيوب، الّتي أَحرقَ فيها القُرآنَ هذا مسلمونَ وَ مسلماتٌ وَ غيرَهُم، فأَكَلَتِ النَّارُ القُرآنَ كُلَّهُ بكُلِّ يُسرٍ وَ سهولَةٍ دونَ رادعٍ لها (أَيّ: للنَّارِ) مِنَ اللهِ!!!
عِلماً: أَنَّ هؤلاءِ الأَشخاصُ الّذينَ حَرَقوا هذا القُرآنَ، هُم أُناسٌ شُرفاءٌ في خِصالِهِم الإِنسانيَّةِ السَّليمةِ، وَ الإِنسانيَّةُ الّتي فَطرَهُم اللهُ عَليها، جعلتهُم يَفعلونَ ذلكَ؛ بعدَ أَن تيَقَّنوا أَنَّ ما يفعلهُ سُفهاءُ الدِّينِ وَ مَن حَذا حَذوَهُم اِعتماداً على ما جاءَنا في هذا القُرآنِ، ما يفعلونهُ مِن قَتلٍ وَ اِغتصابٍ وَ سَبيٍ وَ عُنفٍ وَ إِكراهٍ باسمِ القُرآنِ ذاتِهِ، هُوَ الّذي جعلَهُم يَكفرونَ بكُلِّ شَيءٍ يُخالِفُ الفِطرَةَ الإِنسانيَّةَ السَّليمةَ، مِمَّا دَفعَهُم مَكرَهينَ لحَرقِ القُرآنِ، إِثرَ الخَلطِ الحاصلِ لَهُم؛ نتيجَةَ أَفعالِ سُفهاءِ الدِّين وَ أَتباعِهِم!!! وَ ليسَ لأَيِّ أَحَدٍ مِن هؤلاءِ عَلاقَةٌ بأَيِّ طائِفَةٍ أَو جهةٍ أَيَّاً كانت، وَ ليسوا هُم كَما اِدَّعى أَو يدَّعي الْمُنافقونَ بأَنَّهُم أَقباطٌ أَو مسيِّحيِّونَ أَو مُندَسّونَ مِنَ المخابراتِ الأَمريكيَّةِ وَ غيرها، إِنَّما هُم مُجرَّدُ أَشخاصٍ أَسلَموا ثــُمَّ كَفروا لاحِقَاً بكُلِّ ما وجدوهُ يُخالِفُ فِطرَتهُم الإِنسانيَّةَ السَّليمَةَ، وَ إِيضاحيَ هذا ليسَ تحريضاً منِّي على حَرقِ القُرآنِ، بَل هُوَ للإِيضاحِ فقَط ليسَ إِلَّا، فتبصَّر أَنت جيِّداً وَ لاحظِ، وَ لا حَظَّ لِمَن لا يُلاحِظ!
فإِن كُنتُ مُخطِئاً في تحليليَ الموضوعيِّ طَيَّ مُحتوى مَقاليَ هذا، فليُصحِّح ليَ الْعُقلاءُ ما أَخطأَتُ فيهِ سَهواً، عَلى أَن يَكونَ تصحيحُهُم بالأَدلّةِ القاطعةِ وَ البراهينِ الساطعةِ الّتي لا تقبلُ إِلّا اليقينَ، لا أَن يتهجَّموا عَليَّ باتّهاماتٍ باطلةٍ ما أَنزلَ اللهُ تعالى بها مِن سُلطانٍ، أَو يُصدِروا فتاواهم الْحمقاء بالتفسيقِ أَوِ التكفيرِ أَو القتلِ، لَستُ أَقولُ هذا الشيءَ خوفاً مِن هذهِ الفتاوى الحمقاءِ، إِذ لَو كُنتُ خائِفَاً ما أَفصحتُ عَن بَعضِ ما وَهَبَني اللهُ بهِ مِن عِلْمٍ جعَلَهُ أَمانةً في عُنقي يُحاسُبني يومَ القيامةِ عَمَّا وهبَني إِيَّاهُ في هذهِ الدُّنيا الفانية، إِنَّما أَقولُ هذا لأُبيِّنَ لك أَنت وَ لِكُلِّ حُرٍّ عاقلٍ حصيفٍ مثلك، أَنَّ مُحتوى مَقاليَ هذا لا يقبلُ إِلَّا الحقَّ، فإِمَّا أَن يَكونَ كَلاميَ هذا هُوَ الْحَقُّ بعينهِ، وَ حينها توجَّبَ عليك وَ على الجَميعِ الأَخذ بهِ، وَ إِمَّا أَن يكونَ الحَقُّ معَ خِلافهِ، وَ حينها توجَّبَ على مَن يَدَّعي خلافَهُ أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ أَن يُفصِحَ عَنهُ بالدَليلِ وَ البُرهانِ، لا أَن يتحايلَ وَ يُنافِقُ مِن أَجلِ مصالحهِ الدُّنيويَّةِ الزائلةِ لا محالة!
أَخيراً وَ ليسَ آخِراً إِن شاءَ اللهُ تعالى، أَقولُ:
مقاليَ هذا، دعوةٌ منِّي إِلى الجميعِ قاطبةً أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا، خاصَّةً الباحثينَ الأَحرارَ الغيِّورينَ على إِرثنا وَ تاريخنا وَ مُستقبلنا أَيضاً؛ للتدبُّرِ في القُرآنِ الكَريمِ، لكي يَبحثوا وَ يتدبَّروا فيما بينَ أَيدينا اليومَ مِن آثارٍ أَيَّاً كانت؛ بُغيةَ تهذيبها وِفقَ الفطرةِ الإِنسانيِّةِ السَّليمَةِ..
مقاليَ هذا، دعوةٌ منِّي إِلى الجَميعِ قاطبةً أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا؛ للرجوعِ إلى دينِ الإِسلامِ الأَصيلِ، دينِ التوحيدِ بالإِلهِ الخالقِ الحَقِّ الّذي هُوَ الله، للرجوع إِلى عبادةِ الله الْحُبّ، الله الخير، الله السَّلام، وَ ترك كُلَّ الأَصنامِ وَ الأَوثانِ البشريَّةِ أَيَّاً كانت، دعوةٌ خالِصَةٌ مِن فُؤاديَ الطاهرِ النقيِّ؛ مِن أَجل أَن نحيا جَميعاً في حُبٍّ وَ خَيرٍ وَ سلامٍ، دُونَ طوائِفٍ، دُونَ تبعيَّةٍ لغيرِ الله، دُونَ عُنفٍ، دُونَ إِكراهٍ، دُونَ قَتلٍ، دُونَ شيءٍ يُلَوِّثُ سُمعَةَ اللهِ وَ يُلَوِّثُ سُمعَةَ الأَنبياءِ (روحي لَهُم جميعاً الفِداءُ)..
مقاليَ هذا، دعوةٌ منِّي إِلى الجَميعِ قاطبةً أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا؛ لأَن نكونَ مِن مَصاديقِ الآيةِ الشَّريفَةِ التاليةِ:
- {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ أَلاَ نَعْبُدَ إِلاَ اللهَ وَ لاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}..
[القُرآن الكَريم: سورة آل عمران/ الآية (64)].
- فهَل مِن مُجيبٍ لدعوتي هذهِ؟
إِنِّي أَستبشِرُ فيك خَيراً؛ فَفِطرَتُك الإِنسانيَّةُ السَّليمَةُ لا زالَت تنبضُ فيك بالْحُبِّ وَ الخَيرِ وَ السَّلام.

كَفرتُ وَ إِنَّني أَعلنتُ كُفري

رافع آدم الهاشميّ

قصيدة شعريَّة تتأَلَّف من (27) سبعٍ وَ عشرينَ بيتاً
.........
كُهولٌ قَد غَدَتْ مِثلَ الْشَّبابِ ... وَ حِصنُ الْمُتَّقينَ بغَيرِ بابِ
وَ صَبرُ الصابرينَ بغيرِ صَبرٍ ... رَهينٍ بالنوائبِ وَ الْعُجابِ
وَ آهاتُ الْفُؤادِ بَدَتْ بفَيضٍ ... مِنَ الإِعصارِ في طَعنِ الْحِرابِ
وَ صَوتٌ في زَئيرِ الْحَقِّ يَعلو ... لِيُعلِنَ للأَنامِ بذي الْقِبابِ
كَفرتُ بكُلِّ شَيءٍ لَيسَ عَدلاً ... كَفرتُ بكُلِّ أَفَّاقٍ مُحابِ
كَفرتُ بكُلِّ غَدَّارٍ وَضيعٍ ... قَريباً كانَ أَو بَينَ الْصِحابِ
كَفرتُ بكُلِّ كَذَّابٍ لَئيـمٍ ... يُواري الْجَهلَ مِنْ تَحتِ التصابي
كَفرتُ بكُلِّ شَيطانٍ لَعينٍ ... يُري مَنْ قَد أَتى فيهِ التغابي
كَفرتُ بكُلِّ قَدحٍ بانَ حَتَّى ... تَلأَلأَ في الْوَرى بَعدَ اِكتِسابِ
كَفرتُ بكُلِّ شَينٍ صارَ زَيناً ... وَ أَمسى في الرؤى دُونَ انتِحابِ
كَفرتُ بكُلِّ ظُلمٍ وَ انتِهاكٍ ... تبارى جائِراً بَعدَ انتِخابِ
كَفرتُ بكُلِّ زَيفٍ وَ انتِقاصٍ ... عَلا الأَوطانَ قَسراً باحتِطابِ
كَفرتُ بكُلِّ طاغيةٍ تلاشى ... بمكرٍ صارِخٍ فوقَ اغتِصابِ
كَفرتُ بكُلِّ شَيخٍ قَد تحاشا ... دموعَ الثاكِلاتِ بلا اغتِرابِ
كَفرتُ بكُلِّ عِهرٍ قَد تداعى ... بفَجٍّ مِنْ قَديدٍ بانتِصابِ
كَفرتُ بكُلِّ مَنْ في النَّاسِ أَضحى ... يُتاجِرُ أَو يُقامِرُ بالرِقابِ
كَفرتُ بكُلِّ قُبحٍ قَد توارى ... بزيِّ الْدِّينِ مِنْ تَحتِ النقابِ
كَفرتُ بكُلِّ كُفرٍ وَ اعتِقادٍ ... حَذا بالكُفرِ حَذواً بارتِقابِ
كَفرتُ وَ إِنَّني أَعلنتُ كُفري ... بكُلِّ الكافِرينَ بلا اجتِنابِ
فَقَد آمنتُ إِيماناً عَميقاً ... برَبِّ الْكَونِ مِنْ غَيرِ اِضطِرابِ
وَ أَنِّي عاشِقٌ للهِ أَبقى ... وَ أَسجُدُ للإِلهِ معَ اقتِرابِ
وَ يَبقى قَلبيَ الْوَلهانُ مُلقى ... بعِشقِ اللهِ مِنْ غَيرِ احتِجابِ
وَ أَبقى صادِحاً في الدَّهرِ دَوماً ... يَقيناً راسِخاً فيهِ اِنتسابي
عَشِقتُ اللهَ عِشقَاً لَيسَ يَفنى ... وَ أُفنى في الْحَبيبِ معَ احتِسابِ
وَ أَبكي الدمعَ دَمعاً بَينَ جَمرٍ ... يُرَدِّدُ دائِماً بَينَ الروابي
أَيا مَنْ في هَواكَ غَدوتُ سِرَّاً ... يُجاهِرُ صادِحاً دُونَ ارتيابِ
أَغثني يا غياثاً لَستُ أَرجو ... سِواكَ وَ أَنتَ أَهلٌ للجوابِ.

هَل الأُنثى سَيَّارَةٌ مُغطَّاة؟

رافع آدم الهاشميّ

مِن عادَةِ الأَشخاصِ، أَنّهُم إِذا أَرادوا إِقناعَ شخصٍ بفكرتهِم، لجئوا إِلى سردِ أَمثلةٍ عِدَّةٍ أَدناها مِثالٌ واحِدٌ؛ على شكلِ مُقارنةٍ بَينَ الفكرةِ وَ الْمثالِ الْمَسرودِ؛ بُغيةَ إِيصالِ فكرتهم بشكلٍ منطقيٍّ غيرَ ذي تعقيدٍ، مِن جهةٍ، وَ إِيرادِ دلالةٍ (لا دَليلٍ) منطقيَّةٍ تُعزِّزُ فكرتهم تلكَ، مِن جهةٍ ثانيةٍ، وَ هُوَ أَمرٌ لا ضيرَ فيهِ مُطلَقاً؛ ما دامَ الْمِثالُ الْمسرودُ يتوافَقُ مَنطقيَّاً مَعَ الْفِكرَةِ الْمطروحَةِ مَعَهُ، لكن!
أَرجو منك ملاحظة ما قُلتُهُ سلَفاً وَ الَّذي أَقولُهُ الآن:
- لكن!
وَ لَمْ أَقُلْ:
- إِنَّما!
وَ شتَّانَ بَينَ الْـ (لكن) وَ الْـ (إِنَّما)، فليكُن هذا لديك بعين الاعتبار!!
أَقولُ: وَ هُوَ أَمرٌ لا ضيرَ فيهِ مُطلَقاً؛ ما دامَ الْمِثالُ الْمسرودُ يتوافَقُ مَنطقيَّاً مَعَ الْفِكرَةِ الْمطروحَةِ مَعَهُ، لكن! عندما يَكونُ الْمِثالُ الْمَسرودُ مُتعارِضَاً تعارُضاً عَكسيَّاً مَعَ الْفِكرةِ، فهذا ما يَدلُّ على أَحدِ أَمرينِ لا ثالثَ لِهُما:
الأَمر الأَوَّل: جَهلُ الْمُقارِنِ جَهلاً مُرَكَّباً بالْفَكرةِ الَّتي يَطرَحُها مَعَ مثالهِ الْمسرودِ، وَ الْجَهلُ الْمُركَّبُ هُو: أَنَّ الشخصَ ذاتَ الْعَلاقَةِ لا يعلَمُ بأَنَّهُ لا يَعلَمُ!
الأَمر الثاني: خِداعُ الْمُقارِنِ لِمَن يُريدُ إِقناعَهُ بالْفَكرةِ الَّتي يَطرَحُها مَعَ مثالهِ الْمسرودِ!
فإِن كانَ جاهِلاً، توجَّبَ عليهِ أَن يتعلَّمَ مِن خلالِ البحثِ الدءوبِ عَنِ الْحَقيقةِ بعينها، وَ أَن يُعِدَّ نفسَهُ للعتابِ البشريِّ العاجلِ وَ الإِلهيِّ الآجلِ مَعَاً، وَ إِن كانَ مُخادِعَاً، توَجَّبَ عليهِ أَن يُعِدَّ نفسَهُ للعِقابِ الإِلهيِّ العاجِل وَ الآجلِ مَعَاً؛ العاجِل في الدُّنيا، وَ الآجلِ في الآخِرة، لأَنَّ: "في حلالها حسابٌ، وَ في حرامها عِقابٌ، وَ في شُبُهاتِها عِتابٌ"، فأَينَ الْمَفَرُّ إِذاً؟!! لا مَفرَّ مِنَ اللهِ مُطلَقاً، لذا: فَفي الحالَتينِ مَعَاً، أَيّ: سواءٌ كانَ جاهِلاً أَم مُخادِعاً، توجَّبَ على مَن أَعطاهُ اللهُ الْعِلمَ في الموضوعِ ذات الْعَلاقةِ أَن يكشفَ الْحَقيقةَ على مصراعيها؛ فإِن كانَ الْمُقارِنُ جاهِلاً، أَزاحَ الْجَهلَ عنهُ، وَ إِن كانَ الْمُقارِنُ مُخادِعاً، أَزالَ القِناعَ عَن وجههِ أَمامَ الآخَرين، وَ في الْحالَتينِ مَعَاً، أَزالَ الْغَشاوَةَ عَنِ الْمُتلَقِّينَ وَ أَوقَفَهُم بذلكَ على الْحَقيقةِ بمصافِّها دونَ تزييفٍ أَو خداع.
وَ الشيءُ المذكورُ أَعلاهُ، قَد حدثَ بشكلٍ واقعيٍّ؛ إِذ تداولَ بَعضُ نُشطاءِ مواقع التواصل الاجتماعيّ وَ منها الـ (فيسبوك) صورةً تحتوي سيَّارةً مُغطَّاة كلّها بلونٍ أَسودٍ وَ أَسفلها الْمَتن التالي:
- "تَعَجّبتُ مِن رَجُلٍ يَحرِصُ على تغطيَةِ سَيَّارَتِهِ خوفَاً مِن خَدشِها وَ يَترُك زوجَتَهُ وَ ابنتَهُ بدونِ غِطاءٍ وَ لا يَخافُ أَن يُخدَشَ عِرضُهُ".
وَ الْغَريبُ في الأَمرِ، أَنَّ بَعضَ الأَخواتِ أَيَّدَنَ الكلامَ المزبور، دونَ تمحيصٍ منهنَّ فيهِ، بَل وَ وصلَ الأَمرُ أَيضاً إِلى أَن تتهمَ إِحداهُنَّ الرِّجالَ بشكلٍ مُطلَقٍ؛ واصفةً إِيَّاهُم بأَنَّ (أَشباهَ الرِّجالِ قَد كثروا)!!!
فأَقولُ لَهُنَّ وَ لِمَن قارَنَ الأُنثى بالسَيَّارَةِ وَ لِمَن تَعَجَّبَ مِن حِرصِ صاحبِ السَيَّارَةِ على تغطيتها، سائِلاً إِيَّاهُم وَ كُلَّ مُنصِفٍ حَصيفٍ:
- هَل الأُنثى سَيَّارَةٌ مُغطَّاة؟
مِمَّا لا شَكَّ فيهِ أَنَّ صاحِبَ الْسيَّارَةِ لَن يُغطّي سَيَّارَتَهُ بغطاءٍ ما، إِلَّا إِذا كانت سَيَّارتُهُ متوقِّفَةً لفترةٍ طويلَةٍ في مَكانٍ مَكشوفٍ، كأَن يُوقِفَها ليلاً أَمامَ مَحلِّ مَبيتهِ في الشارعِ الْمُحاذي لمحلِّ مَبيتهِ مُباشَرَةً، أَو أَن يُوقِفَها في بَيتهِ إِنَّما في مَكانٍ مَكشوفٍ تحتَ قُبَّةِ الْسَّماءِ، أَمَّا إِذا كانَ توقّفَ الْسيَّارَةِ في مَكانٍ غَير مَكشوفٍ،كأَن يكون في مرآبٍ خاصٍّ أَو عامٍّ، فَفي هذهِ الْحالَةِ لَن يكونَ مُضطَرَّاً لتغطيتها..
- لماذا؟
لأَنَّ الهدفَ مِن تغطيةِ الْسَيَّارَةِ هُوَ مَنعُ الأَتربَةِ عَنها، وَ الأَتربَةُ مِمَّا غيرَ خافٍ عَن أَحدٍ مُطلَقاً، لَن تَطالَ الْسَيَّارَةَ ما لَمْ تكُن مَكشوفَةً تحتَ قُبَّةِ الْسَّماءِ..
وَ هناكَ أَيضاً مَن يُغطّيها لحاجةٍ في نفسِهِ، حتَّى وَ إِن كانت في مرآبها؛ كأَن يخشى عليها مِنَ الْحَسَدِ، أَو يخافَ عليها بشكلٍ جنونيٍّ للغايةِ، أَو يُريدُ إِخفاءَ ما بداخلها عَنِ الأَنظارِ! وَ في الحالاتِ جميعها، فإِنَّ تغطيةَ الْسيَّارَةِ لَن تكون ما لَم تكُن الْسَيَّارَةُ مُتوقِّفَةً عَنِ الْحَركَةِ بشكلٍّ تامٍّ (بَداهةً) أَو جُزئيٍّ (اِحتمالاً)، أَمَّا وَ الْسَيَّارَةُ تتحرَّكُ، فَمِنَ الْمُحالِ أَن تكونَ مُغطَّاةً بشيءٍ ما..
- هَل رأَيت أَنت سَيَّارَةً تسيرُ في الشارعِ وَ هيَ مُغطَّاةً بالكاملِ بغطاءٍ ما؟!
لذا: فالْمُقارَنَةُ بَينَ الأُنثى وَ الْسَيَّارةِ يَجعلُنا نوجِبُ على كُلِّ أُنثى ما يلي:
أَوَّلاً: عندما تكون مُتوقِّفَةً عَنِ الْحركةِ بشكلٍ تامٍّ أَو جزئيٍّ، يتوجَّبُ عليها أَن تغطّي جسدَها بالكاملِ، بدءً مِن قِمَّةِ رأَسها حتَّى أَخمَصِ قَدَميّها، على أَن يكونَ هذا الْغطاءُ بلونٍ أَسودٍ كما في الصورةِ الْمُرفَقَةِ مَعَ الْمثالِ الْمسرودِ المزبورِ، وَ توَقّفها هذا بشكليهِ مَعَاً يكونُ في أَوقاتٍ عِدَّةٍ، خاصَّةً التوقّف الجزئيّ منهما، أَمَّا التوقّفُ التامّ فيكونُ وقتَ ذهابها للنومِ، عَليهِ: فَعَلى جَميعِ الإِناثِ أَن يُغطيَنَّ جَسَدَهُنَّ بالكاملِ وَ هُنَّ نائمات و/ أَو جالسات وَ/ أَو قاعِدات!!
ثانياً: عِندما تكون مُتحرِّكَةً، يتوَجَّبُ عليها أَن لا تضعَ شيئاً على جَسَدِها مُطلَقاً؛ أَن تتعرَّى! كما تتعرَّى الْسَيَّارَةُ مِن غِطائِها وَ هيَ تسيرُ هُنا وَ هُناكَ، عَليهِ: فَعَلى جَميعِ الإِناثِ أَن يَتعَرَينَ في أَيِّ وقتٍ يتحرَّكنَ هُنَّ فيهِ، سواءٌ كانت حركتهُنَّ هذهِ داخلَ البيتِ أَو خارجه؛ تأَسّياً بالْسَيَّارَةِ الَّتي تَمََّتْ مُقارنتهُنَّ بها!!!
- فَهل يُعَقَلُ هذا الأَمرُ برأَيك؟!!
- أَن تُغطّي كلّ أُنثى جَسَدَها وَ هيَ مُتوقِّفَةً عَنِ الْحَرَكَةِ وَ أَن تتعرَّى وَ هيَ تتحرَّك؟!!
لماذا؟!
- لكي يكونَ صاحبُها (زوجُها أَو أَبوها) خائفاً على عِرضِهِ مِن أَن يُخدَشَ!!!
- لكي لا يَتَعَجَّبَ بَعدَ ذلكَ مَن قارَنَ الأُنثى بالْسَيَّارَةِ!!!
ثُمَّ بربِّك أَنت أُريدُ جواباً منك:
- أَليسَت الْسَيَّارَةُ يقودها أَيُّ سائقٍ وَ إِن كانَ صاحِبُها شخصٌ واحدٌ فقَط؟
كما نفعلُ جَميعُنا (وَ منهُم أَنا شَخصيَّاً) عندما نعطي سيَّارتنا إِلى مَن يطلبها منَّا لوقتٍ مُحدَّدٍ، فنُسلّمهُ مقاليدها، وَ نسمحُ لَهُ بركوبها وَ قيادتها كيفما يشاء على أَن يُرجعها إِلينا سالِمَةً لا خدشَ فيها مُطلَقَاً!!!
- أَفَهَلْ يرضى ضميرُك أَنت أَن يفعَل صاحِبُ الأُنثى بأُنثاه الشيءَ ذاته الّذي يفعَلهُ مَعَ سيَّارتهِ؟!
- أَن يُعطي الزوج زوجَتَهُ (أَو الأَب اِبنتَهُ) لِكُلِّ مَن يطلُبها منهُ وَ يقولُ لَهُ: تفضَّل هذهِ مقاليدُها فاركَب وَ افعل بها ما شئت على أَن تُرجعها لي سالِمَةً لا خدشَ فيها مُطلَقَاً؟!!!
ثُمَّ بربِّك أَنت أُريدُ جواباً منك:
- أَليسَت الْسَيَّارَةُ تُباعُ وَ تُشتَرى؟
كما نفعلُ جميعُنا، وَ منهم أَنا شخصيَّاً؛ عندما بعتُ سيَّارتي القديمة وَ اشتريتُ سيَّارَةً أَحدثَ منها!
- أَفَهَلْ يرضى ضميرُك أَنت أَن يفعَل صاحِبُ الأُنثى بأُنثاه الشيءَ ذاته الّذي يفعَلهُ مَعَ سيَّارتهِ؟!
- أَن يَبيعَ الزوج زوجَتَهُ (أَو الأَب اِبنتَهُ) لِكُلِّ مَن يبتاعها منهُ وَ يَشتري هُوَ بديلاً عنها؟!!!
ثُمَّ بربِّك أَنت أُريدُ جواباً منك:
- أَليسَت الْسَيَّارَةُ تسيرُ بعَجَلاتٍ أَربعٍ في الغالبِ وَ ثلاثٍ كحدٍّ أَدنى في النادرِ منها؟
إِذ لا يمكنُ لأَيِّ سيَّارةٍ كانت أَن تتمكَّنَ مِنَ الْحَرَكةِ بأَقلِّ مِن ثلاثِ عَجَلاتٍ، وَ إِلَّا ستتعطلُ حركتها جملةً وَ تفصيلاً!!
عَليه: يَجبُ على كُلِّ أُنثى أَن تتزوَّجَ في وقتٍ واحدٍ ما لا يَقِلُّ عَن ثلاثِ ذكورٍ!!
لماذا؟!
- أَوَّلاً: لأَنَّ الأُنثى تُقارَنُ بالْسَيَّارَةِ!
- ثانياً: لأَنَّ لفظَ الْـ (سَيَّارَةِ) مؤنَّثٌ، وَ لفظ الْـ (أُنثى) مؤنَّثٌ هُوَ الآخَر!
فَبربِّك أَنت أُريدُ جواباً منك:
- أَيرضى ضميرُك أَنت بهذا؟!
- أَن تتزوَّجَ الْمرأَة ثلاثَ رجالٍ في وقتٍ واحدٍ كحدٍّ أَدنى؛ تأَسّياً بالْسيَّارَةِ الَّتي لا تتحرَّكُ إِلَّا بعَجَلاتٍ ثلاثٍ كحدٍّ أَدنى؟!
ثمَّ:
- هَلْ يا تُرى إِن تزوَّجَتِ الْمرأَةُ ثلاثَ رجالٍ في وقتٍ واحدٍ كحدٍّ أَدنى؛ حِفاظاً على ديمومة حركتها؛ أُسوةً بالْسَيَّارةِ، أَلَن يُخدَشَ عِرضُ صاحبها آنذاكَ؟!
إِنَّ انحطاطَ الْمُقارَنَةِ على الْفكرةِ الَّتي أَتى بها صاحِبُ الْسردِ المزبورِ، لَهوَ دَليلٌ مَنطقيٌّ على بُطلانِ الْفكرةِ مِن أَساسها، أَيّ: بطلان وجوب الْحجابِ على الإِناثِ بالشكلِ الْمُتعارَفِ عليهِ في يومنا هذا، ناهيك عَن أَنَّ مَن يَجبُ علينا إِتِّباعَهُ هُوَ رَبُّ العالمين تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَتْ صِفاتُهُ، فهُوَ الّذي يأَمُرنا وَ عَلينا نحنُ الْسَمع وَ الطاعة، طوعاً لا كَرهاً، فلنبحث في الْقُرآنِ الْكريمِ جيِّداً وَ ننظر نظرةَ الْمُتدبِّرِ الأَمينِ الْبعيدِ عَنِ الْتعَصُّباتِ الْفكريِّةِ الطائفيَّةِ الَّتي ما أَنزلَ اللهُ تعالى بها مِن سُلطانٍ، لنتبيَّنَ الحقيقةَ بعينها، وَ لنأتمرَ بما يأَمُرَنا اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ بهِ، أَمَّا أَن نأخذَ أَحكامَنا مِن جاهِلٍ أَو مُخادِعٍ، فهذا ليسَ جَهلاً مُركَّباً فَقَط، بَل هُوَ أَيضاً شِركٌ واضحٌ بالله!!
لماذا؟
لأَنَّهُ خروجٌ صريحٌ عَنِ الأَوامرِ الإِلهيَّةِ بالانتقالِ مِن حَلالٍ إِلى حَرَامٍ أَو العَكس!
وَ كلمةٌ منِّي أَنا قائلُها لجميعِ الإِناثِ دونَ استثناءٍ:
- يا بناتي، يا أَخواتي، مِنَ الْعَيبِ عليكُنَّ كُلَّ الْعَيبِ أَن تقبَلَنَّ الْمُقارنةَ بينكُنَّ وَ بَينَ شيءٍ لا يَمُتُّ إِليكُنَّ بصِلَةٍ قَطّ، فأَنتُنَّ كالذكورِ تماماً، أَكرمَكُنَّ عندَ اللهِ أَتقاكُنَّ للهِ، وَ أَنتُنَّ (رحمَةٌ) وَ الذكورُ (نعمَةٌ)؛ كما قالَ نبيُّنا الأَكرم محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (صلّى اللهُ عليهِ وَ آلهِ وَ سَلّم وَ روحي لَهُ الفِداء)، فأَنتُنَّ (نعمةٌ) وَ الذكورٌ (رحمةٌ)؛ لأَنَّ (الرَّحمةَ) نِعمَةٌ، وَ الْـ (نِعمَةُ) رحمَةٌ، وَ كلاهُما هديِّتانِ عَظيمَتانِ مِنَ الله، فإِيَّاكُنَّ التأثــُّرَ بكلامِ هذا وَ ذاكَ وَ أَخذ الكلامِ على عِوارِهِ؛ فإِنَّ عاقبَتُهُ عليكُنَّ ستكونُ وخيمةً للغاية، وَ هذا ما لا أَرضاهُ لكُنَّ أَبداً.
وَ في مقالاتي القادمة إِليك إِن شاءَ اللهُ تعالى، سأَوضِّحُ لك المزيد مِمَّا أُرجِّحُ أَنَّهُ قَد غابَ عنك، إِن كتبَ اللهُ لي عُمراً في هذهِ الحياةِ الفانية، وَ هَيَّأَ ليَ الأَسبابَ لأَجلِ ذلك، وَ ليكُن لي عندك دعوة صالحة بظهرِ الغَيب، يدعو لسانك وَ قلبك لي اللهَ فيها بالتوفيق لِمَا يُحبُّهُ وَ يرضاه؛ فإِنِّي وَ اللهُ على ما أَقولُ شَهيدٌ: قَد أَحببتُك في اللهِ حُبَّاً أَخويَّاً أَبويَّاً إِيمانيَّاً خالِصاً قُربَةً لله.
سُبحانكَ اللهُمَّ وَ بحمدِكَ، أَشهُدُ أَن لا إِلهَ إِلَّا أَنت، وَ أَنَّ مُحمَّداً عبدُكَ وَ رسولك، وَ الْحمدُ للهِ ربَّ العالمينَ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ، على كُلِّ حالٍ مِنَ الأَحوال، وَ صلّى اللهُ على سيِّد الأَنبياءِ وَ الأَبرار، وَ آلهِ الطيِّبينَ الأَطهار، وَ صحبهِ الْمُنتَجَبينَ الأَخيار، وَ سَلَّمَ تسليماً كثيراً.
أَقولُ قوليَ هذا وَ أَستَغِفُرُ اللهَ لي وَ لَك، وَ عليك سلامٌ مِنَ اللهِ وَ رحمةٌ منهُ وَ بركات.

كورونا كيفَ ينتقل عبرَ مجموعات الواتساب؟

رافع آدم الهاشميّ

كورونا، هُوَ اِسمٌ باتَ يُرعِبُ الكثيرينَ وَ الكثيراتِ، إِلى درجةِ أَنَّك أَينما سِرت في الأَسواقِ هُنا وَ هُناك في عددٍ مِن تلك البلُدان الّتي دخلها كورونا في غفلةٍ مِن قاطنيها، ترى عيناك الغالبيَّةَ وَ هُم (وَ هُنَّ أَيضاً) يرتدونَ الكَمَّاماتَ ذاتِ الاستخدامِ الواحدِ الّتي لا فائدة طبيَّة لها في مُقاومةِ فيروسِ كورونا، وَ تقتصرُ فائدةُ هذهِ الكمّاماتِ على أَنَّها تُعطي مَن يرتديها إِحساساً نفسيَّاً بالحمايةِ (الوهميَّةِ) لا أَكثر وَ لا أَقلّ، وَ عُنوةً على ذلك، فَهُم أَيضاً يمتنعونَ عنِ الْمُصافحةِ معَ غيرهِم نهائيَّاً، و كأَنَّ القيامةَ سوفَ تقومُ إِن هُم صافحوا أَحداً ما!
معَ هذا الرُعبِ الّذي أَحدثهُ كورونا لدى هؤلاءِ المرعوبينَ وَ المرعوباتِ، أَصبحَت جموعُ الخائفينَ وَ الخائفاتِ تتزاحَمُ عندَ الصيدليِّاتِ؛ لشراءِ الْمُطهِّراتِ وَ الْمُعَقِّماتِ، بما فيها الكحولُ الطبيُّ؛ لغرضِ استخدامها في تطهيرِ وَ تعقيمِ أَيديهم كُلّما لامسوا شيئاً، سواءٌ لامسوا مِقبضَ البابِ عندَ فتحهِ أَو إِغلاقهِ، أَو حتَّى لامسوا أَحذيتهم عند ارتدائهم وَ خلعهم لها.
خوفُ النَّاسِ مِن كورونا أَضحى خوفاً غيرَ طبيعيٍّ بالمرَّةِ؛ إِذ باتَ يُعطِّلُ عجلةَ الحياةِ؛ خاصَّةً وَ أَنَّ خوفَهُم هذا ليسَ لَهُ أَيُّ أَساسٍ علميٍّ مُطلقاً؛ فأَنت إِذا سأَلت أَحَدُهُم ما الفرقُ بينَ الجراثيمِ وَ الفيروساتِ؟ أَجابك فوراً: الفيروساتُ هيَ الجراثيم، وَ الجراثيمُ هيَ الفيروسات!
قبلَ أَن يرتعِبَ قلبُك عندَ سماعك اسم كورونا، دعني أُخبرُك أَوَّلاً المعنى الحقيقيَّ للجراثيمِ وَ الفيروساتِ، وَ شيئاً عنِ الفارقِ بينَ الاثنينِ.
الجراثيمُ: هيَ كائناتٌ حيَّةٌ دقيقةٌ وحيدةُ الخليَّةِ، تتجمَّعُ معَ بعضِها البعضَ فتأَخذُ أَشكالاً مُتعدِّدةً، مِثلَ: عِقدٍ أَو مِسبَحةٍ، فتُسمَّى مُكوَّرات عِقديَّة، أَو تأَخذُ شكلَ عُنقودٍ، فتُسمَّى مكوّرات عنقوديَّة، وَ هيَ أَنواعٌ كثيرةٌ، يندرجُ تحتها البكتريا وَ الفِطريِّات، وَ فيهما ما هُوَ نافِعٌ للإِنسانِ، وَ فيهما أَيضاً ما هُوَ ضارٌّ بهِ يُسبِّبُ لَهُ الأَمراضَ، إِلَّا أَنَّ هذهِ الجراثيمَ الضارَّةَ يُمكِنُ القضاءُ عليها بالمضادَّاتِ البكتيريَّةِ أَو بمضادَّاتِ الفِطريِّاتِ، وَ بالتالي: فإِنَّ شِفاءَ المريضِ مِنها وَ مِن آثارِها باتَ اليومَ بمشيئةِ اللهِ أَمراً ميسوراً جدَّاً جدَّاً جدَّاً.
أَمَّا الفيروساتُ، وَ تُسمَّى أَيضاً بالـ (حُمَيَّات)، وَ واحدُها فيروس أَو حُمَة: فهيَ كائناتٌ حيَّةٌ دقيقةٌ جدَّاً، تصغرُ عنِ الجراثيمِ بمستوياتٍ كبيرةٍ جدَّاً، وَ تختلِفُ خواصُّها عنِ خواصِّ الجراثيمِ جُملةً وَ تفصيلاً، وَ أَهمُّ اختلافٍ فيها هُوَ أَنَّ التداعياتَ الّتي تُسبِّبُها الجراثيمُ يُمكِنُ القضاءُ عليها بسهولةٍ مِن خلالِ القضاءِ على الجراثيمِ نفسِها، أَيّ: القضاءُ على الْمُسبِّبِ (الظاهريِّ) للنتائجِ الّتي هيَ الأَمراض، فتزولُ الْمُسبِّباتُ هذهِ، وَ بزوالِها تزولُ الأَمراضُ الناتجةُ عنها، بينما الفيروساتُ لا يُمكِنُ القضاءُ عليها مُطلَقاً، حتَّى الآنَ، إِذ أَنَّ الفيروساتَ تُسبِّبُ أَمراضاً معيَّنةً عبرَ دخولها الحاضِنَ لها، سواءٌ كانَ الحاضِنُ هذا هُوَ جسمُ الإِنسانِ، أَو كانَ هُوَ جسمُ الحيوان، وَ هيَ تأَخذُ دورتَها الطبيعيَّةَ في الحاضنِ ثــُمَّ تخرجُ منهُ تلقائيَّاً، وَ خطورتُها لا تكمُنُ فيها هيَ، إِنَّما الخطورةُ تكمُنُ في التداعياتِ الّتي تتركُها على الحاضنِ أَيَّاً كانَ، حيثُ يتوجَّبُ مُعالَجةُ التداعيات (النتائج/ الأَمراض) دُونَ القُدرةِ على إِزالةِ الْمُسبِّبِ الظاهريِّ لها، الّذي هُوَ الفيروسات؛ لأَنَّ القضاءَ على الفيروساتِ يتطلُّبُ تعريضها إِلى آلافِ الدرجاتِ الحراريَّةِ حتَّى يتمّ القضاء عليها قضاءً مُبرَماً، وَ كُلُّنا نعلمُ جيِّداً أَنَّ جسمَ الإِنسانِ (وَ جسمَ الحيوانِ كذلكَ) لا يستطيعُ أَن يتحمَّلَ درجةَ حرارةِ غليانِ الماءِ الّتي هيَ (100) مائة درجةٍ مئويَّةٍ (بشكلٍ دَقيقٍ درجةُ غليانِ الماءِ هيَ: 99.97 درجة مئويَّة عند ضغط جوِّي مِقدارُهُ 101.325 باسكال)، لذا: فمِنَ الْمُحالِ قطعاً أَن يتحمَّلَ آلافَ الدرجاتِ الحراريَّةِ الّتي يمكِنها القضاءُ على الفيروساتِ.
هذا يعني: أَنَّهُم إِذا أَرادوا أَن يتخلَّصوا مِنَ الفيروساتِ في جسمِ الْمُصابِ يتوجَّبُ عليهِم آنذاكَ أَن يُحرِقوا المريضَ حرقاً في حرارةٍ مئويَّةٍ تزيدُ عن الأَلفيّ (2000) درجةٍ بتمامها وَ كمالها، مِمَّا يؤدِّي (لا محالة) إِلى تحوُّلِ المريضِ إِلى حفنةٍ مِنَ الرماد!
وَ هذا الشيءُ كانَ يحدثُ أَماميَ واقعيَّاً، حينَ كُنتُ أُمارِسُ الطبَّ البشريَّ في مُستشفى النجف العامّ في العراق، وَ كانَ ذلكَ في سنةِ (1994م)، أَيّ: قبلَ سنتنا الميلاديَّةِ هذه (2020) بما يزيدُ عن الـ (25) خمسٍ وَ عشرينَ عاماً؛ إِذ كانوا يُحرِقونَ المرضى الّذينَ يموتونَ في قِسمِ الْحُمَيِّاتِ، خاصَّةً أُولئكَ المصابون بمرضِ الإِيدز، أَو المصابونَ بمرضِ التهاب الكبدِ الفيروسيّ، سواءٌ كانَ المريضُ رَجُلاً أَو امرأَةً، فإِنَّ الّذي يموتُ منهُم يضعونهُ (وَ يضعونها) في محرقةٍ خاصَّةٍ تمَّ إِعدادُها خصيصاً لهذا الغرضِ، موجودةٌ في الفناءِ الخارجيِّ البعيدِ مِنَ الحديقةِ الخلفيَّةِ للمستشفى المذكور، فكانَ المريضُ الْمَيِّتُ الّذي يضعونهُ في تلكَ المحرَقةِ، لا يخرجُ مِنها سوى حفنةٍ مِن الرمادِ، وَ هذهِ الحفنةُ هيَ الّتي يتمُّ تسليمُها (في النادرِ جدَّاً) إِلى ذويهِ لغرضِ دفنهِ (أَو دفنها) سِرَّاً، وَ غالباً كانت الحفنةُ هذهِ لا يتمُّ تسليمها إِلى ذوي الميِّتِ مُطلقاً؛ إِنَّما تتكفّلُ الْمُستشفى هيَ بدفنها، وَ تكتفي بإِعطاءِ ذويهِ شهادةً رسميَّةً بالوفاةِ، عِلماً: أَنَّ عمليَّاتَ الحرقِ كانت تتمُّ بسريَّةٍ تامَّةٍ جدَّاً.
وَ رغمَ اعتراضاتيَ الْمُتكرِّرة على هذهِ الطريقةِ البشعةِ في التخلُّصِ مِنَ الْمُصابينَ وَ الْمُصاباتِ بالفيروساتِ، إِلَّا أَنَّ لا أَحداً مِنَ المسؤولينَ آنذاكَ كانَ يُصغي إِليَّ، فكانت جميعُ اعتراضاتيَ تذهبُ أَدراجَ الرياحِ؛ وَ كان عُذرُهُم في ذلكَ أَنَّهُم يُريدونَ التيقُنَ مِنَ القضاءِ قضاءً تامَّاً على الْمُسبِّبِ (الظاهريِّ) لتلكَ الأَمراضِ، وَ هيَ الفيروساتِ؛ لمنعِ انتقالِها إِلى الآخَرينَ الأَحياءِ الّذينَ سيقومونَ بعمليَّةِ تغسيلِ وَ دفنِ أُولئك الموتى الْمُصابين في حالِ أَبقوا جثثهم على ما هيَ عليهِ دونَ حرقها.
وَ رُبَّما لا تزالُ هذهِ الطريقةُ إِلى يومنا هذا، مُتَّبَعَةٌ في قسمِ الْحُمَيِّاتِ في العراق، أَو حتَّى في دُولٍ أُخرى غيرَهُ، وَ لَعلَّها باتت شيئاً مُنقرِضاً وَ لَم يبقَ منها سِوى الذكرى لوقائعِ ماضٍ غير بعيد!
وَ لأَنَّهُ لا يمكِنُ القضاءُ على الفيروساتِ بالْمُضادَّاتِ الحيويَّةِ (مُضادَّاتُ البكتريا أَو حتَّى مُضادَّاتُ الفطريِّات)، لذا: فإِنَّ الحلَّ الأَمثلَ الّذي توصَّلَ إِليهِ الأَطبَّاءُ الْمُتخصِّصونَ، هُوَ: اللُقاحُ، وَ اللُقاحُ عبارةٌ عن فيروساتٍ مُضَعَّفةٍ (أَيّ: تمَّ إِضعافُها مُختبريَّاً)، وَ يتمُّ حقنُ النَّاسِ غيرِ الْمُصابينَ بهذهِ الفيروساتِ الضعيفةِ؛ لأَجلِ أَن تعتادَ أَجسامُهُم على تداعياتها مُسبقاً بصورتها الأَوليَّةِ الضعيفةِ، مِمَّا يعني زيادةَ قدرتهِم على مُقاومتها لاحقاً في حالِ دخولها إِلى أَجسامهِم بصورتها الطبيعيَّةِ القويَّةِ، وَ بالتالي: يكونُ تأَثيرُها ضعيفاً، وَ تكونُ تداعياتُها طفيفةً، حتَّى تُنهي دورتها داخلَ الجسمِ الْمُضيفِ فتنتقلَ إِلى جسمٍ مُضيفٍ آخَرٍ، وَ هكذا دواليك تستمرُّ حياتُها إِلى ما لا نهايةَ لهُ مدى الحياة.
بالنسبةِ لي، حينَ كُنتُ أَدرسُ الِطبَّ البشريَّ، رأَيتُ بأُمِّ عينيَّ العديدَ مِنَ الجراثيمِ (البكتريا وَ الفِطريِّات أَيضاً)، عبرَ استخدامِ جهازِ الميكروسكوب (المجهر الطبيّ الدقيق)، وَ رأَيتُ كذلكَ كيفيَّةَ تكوينها ما ينجمُ عنها مِن تداعيات، إِضافةً إِلى رؤيتي كيفَ يقومونَ بحرقِ الْمُصابينَ بتلكَ الفيروساتِ حتَّى يتحوَّلوا إِلى حفنةٍ مِنَ الرمادِ، رُغمَ كُلِّ ما رأَيتُهُ أَنا (وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا) مِن هذهِ الوقائعِ الحقيقيَّة، إِلَّا أَنَّني لَم أَرَ وَ لَم أَسمَع وَ لَم أَقرء يوماً عن أَنَّهُم حرقوا مُصاباً بفيروس الأَنفلونزا.
- هل سمعت أَنت يوماً أَنَّ المريضَ بالأَنفلونزا إِن ماتَ أَحرقوه؟!!
حتماً سيكونُ جوابُك: لا.
أَنا كذلكَ مثلُك تماماً، لم أَسمع بهذا الشيءِ أَبداً، وَ لا أَظنُّني سأَسمعُ بهِ يوماً ما..
- أَتدري (ين) لماذا لن أَسمعَ به؟
لأَنَّ فيروسَ الأَنفلونزا ذو تداعياتٍ طفيفةٍ، لا تستوجِبُ أَن يُحرَقَ المريضُ بها إِن ماتَ وَ هيَ لا تزالُ تُكمِلُ دورتها في جسمهِ آنذاك.
فيروسُ كورونا، هُوَ مثل فيروس الأَنفلونزا، إِلَّا أَنَّهُ بدرجةٍ أَعلى قليلاً على قدرتهِ في إِحداثِ التداعياتِ، وَ رُغمَ قدرتهِ الأَعلى هذهِ، إِلَّا أَنَّ تداعياتُهُ ليسَت خطيرةً بالصورةِ الّتي يرتعِبُ مِنها الكثيرونَ وَ الكثيراتُ، الّتي تجعلُني أَحياناً أَتخيَّلُهُم وَ هُم قَد وصولوا بدرجةِ رُعبهم هذهِ إِلى أَن يسأَلوني يوماً أَو حتَّى يسأَلوا بعضَهُم البعضَ، قائلينَ بجديَّةٍ كبيرةٍ حمقاءٍ إِلى أَقصى درجاتِ الْحُمقِ الجالبِ للضَحكِ بأَعلى الأَصواتِ:
- كورونا كيفَ ينتقِلُ عبرَ مجموعات الواتساب؟
أَنا وَ أَنت موحِّدونَ باللهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قائدُنا الّذي لنا فيهِ أُسوةٌ حسنةٌ هُوَ الصادقُ الأَمينُ رسولُ اللهِ مُحمَّد بن عبد اللهِ الهاشميّ (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ قَد أَوصانا صلَّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيارِ قائلاً:
- "اِعقِلها وَ تَوَكَّل".
[حديثُ صحيح مرويٌّ في عددٍ مِن أُمّهاتِ المصادرِ منها: الجامع الصغير للسيوطيّ: الرقم (1186)، وَ صحيح الجامع للأَلبانيّ: الرقم (1068)، وَ سُنن الترمذيّ: الرقم (2517)، وَ أَمثال الحديث لأَبي الشيخ: الرقم (42)، وَ حلية الأَولياء لأَبي نعيم: (8/390)]
هذا يعني: أَنَّ كُلَّ ما علينا فِعلُهُ هُوَ إِتِّباعُ الإِرشاداتِ الطبيَّةِ (العلميَّةِ) الّتي يُرشِدُنا إِليها الْمُتخصِّصونَ، وَ باقي الأُمور كُلُّها نتركُها إِلى اللهِ عزَّ وَ جَلَّ الّذي هُوَ الْمُسبِّبُ الحَقيقيُّ لجميعِ الأَسباب؛ لأَنَّ اللهَ تعالى إِذا أَرادَ أَن يُميتَ أَحداً، فعلَ ذلكَ ببساطةٍ شديدةٍ، وَ بشتَّى الأَسبابِ، سواءٌ كانَ سببُ الوفاةِ هُوَ التزحلُقُ بقطعةِ صابونٍ في الْحَمَّامِ أَثناءَ الاستحمامِ، أَو بالاختناقِ بحبَّةِ رُزٍّ أَثناءَ تناولها في الطعام، أَو بحصولِ تداعياتٍ بعدَ الإِصابةِ بفيروسِ كورونا؛ لأَنَّ الموتَ إِذا جاءَ لَن يمنعُهُ مانعٌ أَبداً، لا كَمَّامَةٌ طبيَّةٌ، وَ لا تنفيذُ إِرشاداتِ الأَطبّاءِ، وَ لا حتَّى الاختباءُ في قِلاعٍ حصينةٍ جدَّاً:
- {أَينَمَا تَكُونُوا يُدرِكُكُمُ الْمَوتُ وَ لَو كُنتُم فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}..
[القُرآن الكريم: سورة النّساء/ أَوَّل الآَية (78)]
- {قُل إِنَّ الْمَوتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُم ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيبِ وَ الشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ}..
[القُرآن الكريم: سورة الجمعة/ الآَية (8)]
لذا: استمرّ (ي) في تحريكِ عجلَةِ حياتك؛ لتستمرَّ عجلَةُ حياةِ الآخَرين، بما يجلبُ إِليك وَ إِلى الآخَرينَ النفعَ، وَ يدفعُ عنك وَ عنهُم الضررَ، وَ ليكُن قلبُك مُطمئنَّاً، وَ لا تَفرّ (ين) مِن شيءٍ أَبداً إِلَّا فِرارك مِن الابتعادِ عنِ الله، وَ أَفضلُ طريقٍ يُقرِّبُك إِلى اللهِ هُوَ تراحُمك معَ أَخيك الإِنسان، عبرَ تقديمك المساعدة إِليهِ وَ معاضدتك إِيَّاهُ، بغضِّ النظرِ عن عِرقهِ أَو انتمائهِ أَو عقيدتهِ؛ لأَنَّ اللهَ رَبُّنا القُدُّوسُ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ، وَ هُوَ الْحُبُّ وَ الخيرُ وَ السَّلامُ، فليكُن منك إِلى النَّاسِ كُلُّ الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ، وَ لَك منِّي في اللهِ كُلُّ الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ، وَ بالْحُبِّ يحيا الإِنسان.
أَسأَلُ اللهَ تعالى أَن يَمُنَّ عليك وَ عَليَّ وَ على الجميعِ بعافيةِ الدِّينِ وَ الدُّنيا وَ الآخِرَة، بحقِّ جَدِّيَ الْمُصطفى الهاشميّ وَ عِترتهِ الطاهرة، وَ صحبهِ الأَخيارِ ذوي المآثرِ الفاخرة، إِنَّهُ سميعٌ مُجيبُ الدُّعاء، آمين، آمين، آمين.

هاوية الحياة

رافع آدم الهاشميّ

كانَ يُعاني سكرات الموت، سمعه يقول باِرتعاشٍ:
- يَدُ الموت تدبُّ فِيَّ مخالبها.
انتابته رعشةٌ قويَّةٌ، نظرَ إِليه فوجدَهُ لا يقوى على الحراك، حرَّكَ شفتيه فأَصغى إِليهِ السمع:
- لقَد وصلتُ نهايةَ المطاف.
أَجابَهُ:
- لا تقل ذلكَ، فمَا زالت الشمسُ مشرقة.
قالَ بيأَسٍ:
- لقَد اِنتهى كلّ شيءٍ، لَم يعد لي هنا مَا يستحق لأَجلِهِ البقاء.
إِنــَّه الآن يموت لكي يعيش..!!، فساعة رحيله يبدأ حياته من جديد؛ فقَد تهاوت أَمام ناظريه كلُّ الآمال، وَ تلاشت جميع أَحلامه الجميلة، وَ لَم يعد هناكَ مَا يطمح إِليه بالوصول..!!؛ فهُوَ الآن بلا هدف..
بدأَت قطرات العرق تتجمّع فوق جبينه، مرَّر لسانه على شفتيه ثمَّ قالَ ببطءٍ شديدٍ وَ الدموع تترقرق في عينيه:
- كانت هِيَ كلّ سعادتي، فبدونها لَن أَشمَّ الهواء، لَن أَشربَ الماء، لَن أَمشي على الأَرض..
- لَن أَمشي على الأَرض..
- لَن أَمشي على الأَرض.
اِهتزَّ جسدُهُ بعنفٍ وَ كأَنــّه قَد صُعِقَ بتيارٍ كهربائيّ، أَغمضَ عينيه للحظاتٍ ثمَّ فتحهما ببطءٍ شديدٍ، نظرَ إِلى صاحبه الجالس جواره على فراشه المتهرِّئ نظرةً ملؤها الحزن وَ القنوط..
قالَ متلفّظاً كلماته بصعوبةٍ بالغةٍ:
- لقَد.. ضاعَ منّي.. كلّ شيء.. تحطّمت،، سفينتي.. في بحرٍ هائج.. وَ تكسَّرت.. أَشرعتُهَا.. في ريحٍ عاصفة..
- لقَد.. اِنتهيتُ يَا صاح.. فبدونها.. لَن أَمشي.. على الأَرض.. ثانيةً..
- إِنِّي الآن أَهوي.. فالوداع.
وَ بدأَ يهوي لاحقاً شريكة حياته لخمسةٍ وَ ثلاثين عاماً..
لقَد أَحبَّها بصدقٍ مثلما أَحبّته..
لَم تُنجب لَهُ طوال تلك السنين غير حبّها لَهُ، وَ لَم يُعطها شيئاً سوى دفء أَحضانه، فقَد كانت عاقراً، وَ كان هُوَ فقيراً لا يملك غيرها.. حتّى ثيابه كان المحسنون يتصدّقونَ بهَا عليه..
لقَد هوى إِلى أَبعدِ أَعماق الأَرض؛ ليضعَ رأَسَهُ جوارَهَا هناكَ، فيغمض عينيه بهدوء، ليتلاشى جسدُهُ بعدَ حين، بعدما تلاشى جسدها قبلَه منذ أَيَّامٍ قليلةٍ.

مِن كواليسِ عملي معَ الصُحُفِ وَ المجلّات

رافع آدم الهاشميّ

أَعمالٌ أَصيلَةٌ غيرُ مسبوقةٍ مُطلقاً، ليسَ لها مثيلٌ في الوجودِ كُلِّه، أَبتكِرُها شخصيَّاً، وَ أَقومُ بتأَليفها بعدَ مخاضٍ عسيرٍ، وَ جميعُها خُلاصَةُ تجاربي الشخصيَّة وَ نِتاجُ تحقيقاتيَ الخاصَّة، فمحتواها قاطبةً غنيٌّ ثريٌّ بما وراء الوراء، سواءٌ كانَ المحتوى على شكلِ قصَّةٍ أَو شعرٍ أَو مقالٍ أَو أَيِّ شكلٍ آخَرٍ غيرها، وَ حتَّى الصُّورُ المرفقةُ بأَعماليَ هذهِ هيَ الأُخرى أَصيلَةٌ أَيضاً، أَقومُ بالعملِ جاهداً على تجهيزِها وَ تنفيذها بنفسيَ لغرضِ إِضفاءِ طابعٍ أَصيلٍ لأَيِّ مكانٍ تكونُ هيَ وَ المحتوى المتعلِّقِ بها فيه.
كُلُّ هذهِ الأَعمالُ تتطلّبُ منِّي بذلَ جهوديَ وَ وقتي (الّذي هُوَ عُمُري) وَ ماليَ أَيضاً حتَّى تصبحَ جاهزةً للنشر، فأَضعُها مجّاناً دُونَ أَدنى مُقابلٍ في الصُحفِ وَ المجلّات وَ غيرهما؛ لم أَتقاضَ وَ لا أَتقاضى أَيَّ راتبٍ منهُم جميعُهم، قانعٌ بالعَيشِ على أَقلِّ مِنَ الكَفافِ؛ راضياً مُحتسِباً أَجريَ عندَ اللهِ يومَ الحسابِ، {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَ لاَ بَنُونَ، إِلاَ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، دُونَ أَن أَلهثَ كالكلابِ المسعورةِ وراءَ ملذَّاتِ الدُّنيا الفانيةِ كما يفعلِ الكثيرونَ وَ الكثيراتُ؛ إِنَّما غرضي هُوَ خدمةُ النَّاسِ بجلبِ الفائدةِ وَ المتعة لَهُم وَ دفع الضرر عنهُم؛ قُربةً منِّي إِلى اللهِ ربِّيَ القُدُّوس الّذي أَطلبُ بذلكَ منهُ زيادةَ القُربِ إِليهِ وَ نيلَ المزيدِ مِن رِضاه، وَ ليسَ لغرضِ الشُهرةِ أَو كسبَ المال!
فللهِ الحمدُ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ، أَنا لا حاجةَ لي بالشهُرةِ؛ إِذ أَنَّ مؤلّفاتيَ المطبوعة ورقيَّاً معروفةٌ في الآفاقِ، وَ اسميَ موجودٌ بأَحرفٍ مِن نورٍ في العالَمِ كُلِّهِ، علانيتهِ وَ سِرِّهِ، وَ فيها ما تمَّ اعتمادُهُ رسميَّاً ضمنَ مصادرِ معلوماتِ العديدِ مِنَ الجهاتِ العالميَّةِ الرَّسميَّة، بما فيها مكتبة الكونجرس الأَمريكيَّة وَ جامعة فيلادلفيا الأَمريكيَّة وَ غيرها الكثير، ناهيك عن أَنَّني منذُ نعومة أَظفاري، في سنة (1996)، أَيّ: قبلَ سنتنا الميلاديَّةِ هذهِ (2020) بـ (23) ثلاثٍ وَ عشرينَ عاماً، وَ أَنا آنذاكَ أُناهِزُ مِنَ العُمُر (20) عشرينَ عاماً، قد دخلتُ التَّاريخَ من أَوسعِ أَبوابهِ؛ حينَ أَصدرَ رئيسُ العراقِ في ذلكَ الوقتِ أَمراً رئاسيَّاً يأَمرُ فيهِ وزارةَ التربيةِ بتعميمِ إِحدى أُنشوداتيَ الخاصَّةِ بالأَطفالِ، لتكونَ ضمنَ منهجِ كتاب القراءةِ للصفِّ الثالث الابتدائيّ، وَ تُحَفَّظَ لتلاميذِ وَ تلميذاتِ المرحلةِ تلكَ في جميعِ مدارسِ العراق، فتمَّ تعميمُ أُنشودتي على جميعِ مدارسِ العراقِ، منهجاً دراسيَّاً ضمن مُقرَّراتِ وزارة التربيَّةِ العراقيَّةِ، وَ على مدى سبعِ سنواتٍ متواصلةٍ، حتَّى الاحتلالِ الأَمريكيِّ للعراق في سنة (2003م)..
دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، لَم يكُن فقط لِمُجرَّدِ أَنَّ اسميَ وَ أُنشودتي أَصبحا طيَّ الكتبِ التعليميَّةِ في جميعِ مدارس العراق، وَ لَم يكُن فقط لِمُجرَّدِ أَنَّ محطّةَ الإِذاعةِ الرَّسميَّةِ في العاصمةِ العراقيَّةِ بغدادَ وَ التلفزيون العراقِيِّ الرَّسميّ قَد أَذاعا اسميَ وَ أُنشودتي في بثِّهما المباشرَ بأَصواتِ التلاميذِ وَ التلميذاتِ بعدَ أَصواتِ الْمُذيعينَ وَ المذيعاتِ، وَ لَم يكُن فقَط لِمُجرَّدِ أَنَّني أَينما كُنتُ أَسيرُ في العاصمةِ بغدادَ صباحاً وقتَ ذهابِ الأَطفالِ إِلى مدارسِهم، أَسمَعُ التلاميذَ وَ هُم يُردِّدونَ وَ التلميذاتِ وَ هُنَّ يُردِّدنَ أُنشودَتي بأَصواتهم وَ أَصواتهنَّ عالياً وَ المرَحُ وَ السَّعادَةُ تغمرُهُم وَ تغمرهُنَّ لِشدَّةِ الأَثرِ الإِيجابيِّ الّذي تتركُهُ في نفوسِهم البريئةِ أُنشودتي الأَصيلة ذات الإِيقاعِ الموسيقيِّ الجميلِ الرنَّان، لتغمُرني السَّعادَةُ أَيضاً وَ أَنا أَراهُم وَ أَسمَعُهُم وَ أَسيرُ على مقربةٍ منهُم وَ منهنَّ وَ هُم لا يعلمونَ (وَ لا يَعلَمنَ) أَنَّ الّذي يسيرُ قريباً منهُم (وَ منهنَّ) هُوَ ذاتُهُ مؤلِّفُ الأُنشودةِ الّتي يتغنَّونَ (وَ يتغنينَ) بها في مرحٍ كبيرٍ!
دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، كانَ لأَجلِ ذلكَ كُلِّهِ، وَ لأَكثرِ مِن هذا أَيضاً، دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، كانَ لأَنَّ شاعرَ العرب الأَوحدِ في زمانهِ عبد الرزَّاق عبد الواحد (رحمةُ اللهِ تعالى عليه)، الّذي هكذا كانَ يُلقِّبوهُ، كانت أُنشودتُهُ الخاصَّةُ بالأَطفالِ، قَد تمَّ تعميمُها في الكتابِ ذاتهِ، إِلَّا أَنَّ اسمَهُ وَ عنوانَ أُنشودتهِ كانا مكتوبينَ بخطٍّ صغيرٍ غيرَ غامقٍ، أُسوةً بجميعِ مَن كانوا في جميعِ الكُتب التعليميَّةِ في كافَّةِ المراحلِ الدِّراسيِّة، إِلَّا أَنا، وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا، كان اسميَ وَ عنوانَ أُنشودتي مكتوبانِ بخطٍّ عريضٍ بارزٍ جدَّاً وَ بالنمطِ الغامقِ الواضح، وَ كانت عبارة (للشَّاعر) وَ هي مكتوبةٌ بخطٍّ مُميَّزٍ عريضٍ غامقٍ تسبقُ اسميَ الْمُميَّز أَيضاً، وَ متنُ أُنشودَتي (كلماتها) كُتِبَتْ هيَ الأُخرى بخطٍّ مُميَّزٍ بارزٍ للعَيانِ، بينما كانَ جميعُ المؤلِّفينَ الآخَرونَ، بمَن فيِهم عبد الرزَّاق عبد الواحد، قَد كُتِبَتْ أَسماؤهُم مجرَّدَةً دُونَ أَيِّ وصفٍ يسبقُها مُطلقاً، وَ متنُ كلماتهم متشابهٌ معَ الجميعِ على شاكلةِ متنِ جميعِ الكتُبِ المنهجيَّةِ الأُخرى، ما دفعَ صديقيَ المرحوم الشَّاعر عبد الرزَّاق عبد الواحد (أَبو خالد) إِلى أَن يغبطَني كثيراً، وَ يُفاجَئُ حينَ التقى بي لأَوَّلِ مرَّةٍ، عندما التقينا سويَّةً وَ نحنُ مُشارِكانِ رسميَّاً معَ (18) ثمانية عشرَ شاعرٍ آخَرين؛ بدعوةٍ خاصَّةٍ من وزارة الثقافةِ العراقيِّةِ للمشاركةِ في مهرجانِ شُعراءِ الطفولةِ الأَوَّلِ، الّذي أُقيمَ على قاعةِ الرباط في العاصمةِ العراقيَّةِ بغداد، بتاريخ يوم السبت المصادف (8/ محرَّم/ 1429هـ) الموافق (24/4/1999م)، لأَحمِلَ مُنذُ ذلكَ التَّاريخِ معَ جميعِ زُملائيَ الشُّعراءُ المشاركينَ رسميَّاً في ذلكَ المهرجان، لقباً رسميَّاً هُوَ: (شاعِرُ الطفولة)..
في ذلكَ المهرجانِ، عندما التقينا سويَّةً لأَوَّلِ مرَّةٍ، أَنا وَ عبد الرزَّاق عبد الواحد، تفاجئَ أَبو خالدٍ (رحمهُ الله) حينَ سِمعَ اسميَ، وَ نظرَ إِليَّ باستغرابٍ شَديدٍ قائلاً لي:
- أَنَّهُ توقّعني شيخاً كبيرَ السنِّ أَتجاوزُ التسعينَ عاماً، وَ لأَجلِ هذا العُمُرِ الكبيرِ الّذي توقّعَهُ هُوَ لديَّ، فخبرتي بفنونِ الأَدبِ تفوقُ كُلَّ مستويات الإِبداع، مِمَّا جعلَ الرئيسَ العراقِيَّ يُصدِرُ أَمراً ليسَ بتعميمِ أُنشودتي فقط، وَ إِنَّما أَيضاً بكتابةِ اسميَ وَ عنوانَ أُنشودَتي وَ متنها بالخطِّ الْمُميَّزِ الغامقِ، وَ كذلكَ أَن يسبقَ اسميَ بلقبِ وَ وصفِ (للشَّاعرِ) دُونَ أَن يفعلَ هذا الشيءَ مسبقاً على مدى التَّاريخِ كُلِّهِ معَ جميع المؤلّفينَ بمَن فيهم شخصهُ هُوَ عبد الرزَّاق عبد الواحدِ بشحمهِ وَ لحمهِ وَ دمهِ وَ عظمهِ، وَ لَم يتوقّع يوماً أَن أَكونَ أَنا شابَّاً في مُقتبَلِ العُمُرِ.
ما جعلَ المغفور لَهُ، عبد الرزَّاق عبد الواحدِ، تغمَّدَهُ اللهُ برحمتهُ الّتي وسعت كُلَّ شيءٍ وَ أَسكنهُ فسيحَ جنَّاتهِ، يَشدُّ على يدي بحرارةٍ كبيرةٍ جدَّاً، وَ يُبارِكُ لي هذا الإِنجاز العظيمِ غير المسبوقِ في تاريخِ العراقِ كُلِّهِ قاطبةً دونَ استثناءٍ.
و هكذا فعلَ جميعُ الشُّعراءِ معي في ذلكَ المهرجانِ، شدَّوا على يدي بحرارةٍ كبيرةٍ، وَ باركوا لي هذا الإِنجازِ العظيمِ، بمَن فيِهم أَخي الكبير الشَّاعر رعد بندر (حفظهُ اللهُ تعالى مِن كُلِّ سوءٍ وَ مكروه).
اليومَ، بعدَ كُلِّ هذهِ السنواتِ الّتي تزيدُ عن العَقدينِ بتمامهما، أَخذتُ أَستذكِرُ ما مضى وَ ما وصلتُ إِليهِ:
ماديَّاً: من سيِّئٍ إِلى أَسوءٍ، إِلى درجةِ أَنَّ التزاميَ بتقوى اللهِ يُزيدُني عَوَزاً وَ حِرماناً يوماً بعدَ يومٍ، وَ يُضَيِّقُ عَليَّ قبرَ السجنِ الّذي أَنا مجبورٌ على الرضوخِ فيهِ، بينَ سجَّانينَ يُتاجرونَ بالدِّينِ وَ الدِّينُ مِنهُم بريءٌ جُملةً وَ تفصيلاً، فبتُّ أَفتقِدُ لأَبسطِ مُقوِّماتِ البقاء.
وَ معنويَّاً: مِن حَسنٍ إِلى أَحسنٍ، إِلى درجةِ أَنَّ رسوخَ إِيماني وَ ثقتي باللهِ، جعلانيَ أَكثرَ صلابةً في مواجهةِ أَعداءِ الإِنسانيَّةِ أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا وَ كيفما كانوا، خاصَّةً أُولئك ذوي العمائمِ وَ اللحى كهنةُ المعابدِ سُفهاءُ الدِّينِ الْمُتأَسلمينَ لا الْمُسلمين، دُونَ أَن تأَخذني في اللهِ لَومَةُ لائمٍ أَبداً، حتَّى و إِن كانَ اللائمُ هذا أَحَدُ والديَّ أَو كِلاهُما معاً، فأَصبحتُ أَحفِرُ الصخورَ بأَظافري المتهرِّئةِ قسراً لأَصلَ إِلى أَفضلِ المستوياتِ إِبداعيِّاً رُغمَ فُقدانيَ مقوِّمات الارتقاء الماديَّةِ معَ امتلاكيَ الكاملِ لمقوِّماتِ الارتقاءِ الروحيَّةِ كُلِّها.
لأَجلِ أَن أُسابقَ الزَّمنَ، فأُقدِّمُ للنَّاسِ أَكثرَ ما أَستطيعُ تقديميَ لَهُم، قبلَ أَن تحينَ ساعةَ رحيلي إِلى الدارِ الآخِرةِ، فينتفعوا بذلكَ أَكثرَ فأَكثر، لذا فأَنَّا غزيرُ الإِنتاجِ، لا أَدَعُ يوميَ يمضي دُونَ أَن أُنجزَ أَكثرَ مِن عملٍ أَو عدَّة أَعمالٍ أُخرى، أُقَدِّرُ الوقتَ إِلى أَقصى الحدودِ، وَ لهذا فأَنا طوالَ حياتيَ وَ حتَّى يومِنا هذا، غالباً، أَسهرُ الليلَ وَ أُواصِلُ العملَ لساعاتٍ متواصلةٍ تزيدُ عن الـ (72) اثنينِ وَ سبعينَ بتمامها وَ كمالها، فلا أَنامُ طيلةَ أَيَّامٍ ثلاثٍ بلياليها، حتَّى أَجِدُني مُتعباً نائِماً في مكانيَ المتواضع الّذي أُحقِّقُ وَ أُؤلِّفُ فيهِ؛ بعدَ أَن أَصِلَ إِلى درجةِ الإِرهاقِ وَ الإِعياءِ الشَّديدينِ، لأَصحو بعدَ ساعاتٍ قليلةٍ لا تزيدُ عَنِ الخمسِ أَبداً، وَ أُعيدُ الكَرَّةَ مرَّةً أَخرى في العملِ الجادِّ الدؤوبِ، لأَحصلَ في يومنا هذا، بعدَ هذا كُلِّهِ، على الجحودِ في أَقصى درجاتهِ مِن الغالبيَّةِ العُظمى بمَن فيِهم أُولئكَ الّذينَ ظننتُ فيهِم أَنَّهُم ذو نظرةٍ ثاقبةٍ واسعةٍ ترى الأُمورَ بمنظارِها الصحيح، حتَّى كلمةُ (شكراً) لَم أَسمعها منهُم، وَ لَم أَرها مكتوبةً منهُم في تعليقٍ أَسفلَ عملٍ مِن أَعماليَ أَيَّاً كانت، رُغم أَنَّني لا أَبحثُ عن كلمة (شُكراً)، إِلَّا أَنَّ مَن لا يُشكرَ النَّاسَ لا يُشكرَ الله، وَ "المرءُ مَخبوءٌ تحتَ طَيِّ لسانهِ لا طَيلسانهِ" كما علَّمني أَبي أَميرُ المؤمنين الإِمامُ عليّ بن أَبي طالبٍ الهاشميّ (كرَّمَ اللهُ تعالى وجهَهُ الشَّريفَ وَ عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ) الّذي هُوَ بابُ مدينةِ العلِم، الّتي هيَ جَدِّيَ الْمُصطفى الصادق الأَمين رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (صلّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيار وَ عليهِ وَ عليهم السَّلامُ وَ روحي لَهُ وَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، فأَجدُني أَنا الوحيدُ الّذي أُواصِلُ الشُكرَ وَ التقديرَ وَ الاحترامَ للآخرينَ لأَقَلِّ مجهودٍ يبذلوهُ، رغمَ أَنَّ مجهودَهُم ذاكَ يأَخذونَ عليهِ المالَ أَو يحقِّقونَ مِن خلالهِ مكسباً ماديَّاً وَ معنويَّاً لأَنفُسهِم عاجلاً أَو آجِلاً، وَ (شُكراً) في يومِنا هذا، لَم تصلُني إِلَّا مِن قلَّةٍ قليلةٍ جدَّاً لا يتجاوزُ عددُها أَصابعَ اليدِ الواحدة فقَط، وَ رُبَّما قَد يصلُ العَددُ إِلى أَقلِّ مِن أَصابعِ اليدينِ سويَّةً!
- يا للهول!
لستُ أَدري:
- هل أَنا أَحمقٌ إِلى هذهِ الدرجةِ لكي يكونَ الآخرونَ بمَن فيهِم القُرّاءُ هُم المستفيدونَ دائماً وَ أَنا صاحِبُ العطاءِ بدونِ مُقابلٍ لا أَجني سوى الجحود؟!
بل: لا أَجني أَيضاً سوى أَحقادَهُم وَ حَسدَهُم مُنقطِعَيّ النضير!
- أَمْ أَنَّ جُلَّ النَّاسِ في مُجتمعاتِنا الشرخ أَوسطيَّة لا الشرق أَوسطيَّة قد اعتادوا على احترامِ مَن يحتقِرُهُم حتَّى وَ إِن كانَ مُحتقِرُهُم مُنافِقاً وَ تمرَّسوا على احتقارِ مَن يحترِمُهُم حتَّى وَ إِن كانَ مُحترِمُهُم عالِماً ربَّانيَّاً تقيَّاً عابداً الله؟!!
- أَمْ في أَغلَبِ الشرقِ الأَوسطِ وَ الأَدنى، كُلُّ شيءٍ يؤدِّي إِلى لا شيء، وَ في جُلِّ الغربِ وَ أُوربّا، شيءٌ واحِدٌ يؤدِّي إِلى كُلِّ شيءٍ؟!!!
إِذاً:
- هَل مِن عاقِلٍ بعدَ هذا يفتخِرُ بشيءٍ لا يستحقُّ الافتخارَ أَو يموتُ مِن أَجلِ شيءٍ لا يستحقُّ حتَّى الحياة؟!
آلَمَني كثيراً ردُّ أَحَدُ المسؤولينَ في إِحدى الصُحفِ الّتي أَعمَلُ معها (مجَّاناً أُسوةً بعملي مع غيرِها) بأَنَّهُ يُعلِّقُ على عملٍ لي رفعُتُه لمجموعةِ التحريرِ الخاصَّةِ بالنشرِ، لغرضِ أَن يقومَ أَحدُ المحرِّرين أَو إِحدى الْمُحرِّرات بنشرهِ على موقع الجريدةِ، قائلاً:
- أَنَّ عمليَ ذاكَ مُكرَّرٌ لأَنَّهُ منشورٌ قبلَ ساعاتٍ ثلاثٍ في جريدةِ أُخرى..
لذا: فَهُوَ قَد امتنعَ عن نشرِ العملِ في موقعِ جريدتهِ تلك؛ بذريعةِ وجوب أَن يكونَ العملُ حصريَّاً بجريدتهِ فقط وَ أَن لا يكونَ منشوراً في جريدةٍ أُخرى مُطلقاً.
و بعدَ أَن أَلقيتُ عليهِ الْحُجَّةَ علميَّاً وَ منطقيَّاً في لا منطقيَّةِ وَ لا عدالةِ سلوكِهِ ذاكَ، وجَّهَ التُّهمةَ إِلى المحرِّرينَ وَ المحرِّراتِ بتأَخُّرِهم وَ تأَخرهنَّ في نشرِ عمليَ قبلَ أَن يُسارِعَ مُحرِّرو وَ مُحرِّراتُ الصُحفِ الأُخرى إِلى نشرِ العملِ ذاتهِ، فيحصلونَ هُم على سَبقِ النشرِ التنافسيِّ (مِن وجهةِ نظرهِ القاصرةٍ جدَّاً)..
وَ لستُ أَدري:
- هلِ نجاحُ الصحيفةِ مرهونٌ بتسابقها بنشرِ العملِ قبلَ الصُحُفِ الأُخرى؟!
- أَمْ أَنَّهُ مرهونٌ بجديَّةِ محتوى منشوراتها وَ جودَةِ المادَّةِ الّتي يُقدِّمُها المؤلِّفونَ وَ المؤلِّفاتُ بما يضمنُ ديمومة مُتابعةِ القُرّاء لها وَ بالتالي يضمِنُ ديمومة وصولِ الإِعلاناتِ إِليها عبرَ الْمُعلنينَ وَ بالتالي يضمِنُ ديمومة الحصولِ على الأَموالِ الّتي يضمِنُ بها أَصحابُ الصُحُفِ قدرتُهم هُم وَ قدرة مَن معَهُم في الصحيفةِ ذاتها مِنَ المؤلّفينَ وَ المؤلّفاتِ وَ الْمُحرِّرينَ وَ الْمُحرِّرات على مواصلةِ المسيرةِ في الحياةِ؛ باعتبارِ المالِ وسيلةً وَ ليسَ غاية، مِن خلالِ إِعطاءِ كُلِّ ذي حقٍّ فيها حقَّهُ منها؟!
بعدَ ذلكَ، طلبَ منِّي أَن أُجريَ تغييراتٍ متباينةٍ في أَعماليَ وَ عناوينها، عَلِمتُ من طلبهِ هذا أَنَّ الغرضَ منها هُوَ أَن توحي للقُرَّاءِ على أَنَّ العملَ حصريُّ بجريدتهِ هُوَ فقط دُونَ غيرها، فعلمتُ من طلبهِ نرجسيَّةً لا تستوجِبُ منِّي الردَّ مُطلقاً؛ إِذ:
- أَيُّ عاقلٍ يطلبُ مِن مؤلِّفٍ إِجراءَ تغييراتٍ مُتباينةٍ في مقالاتهِ وَ قصَصهِ وَ أَشعارهِ؟!
- وَ هلِ العَملُ الإِبداعيُّ لا يكونُ مُتكامِلاً إِلَّا بصيغتهِ الإِبداعيَّةِ الّتي يراها المؤلِّفُ بحذافيرِها دونَ زيادةٍ أَو تغييرٍ أَو نقصانٍ؟!
- لم يبقَ لَهُ سوى أَن يطلبَ منِّي أَيضاً أَن أَضعَ اسماً جديداً لي مُختلِفاً معَ كُلِّ تغييرٍ أُجريهِ في كُلِّ عملٍ لي حسبَ رغبتهِ النرجسيَّةِ تلك؛ ليظهرَ لقُرَّاءِ جريدتهِ أَنَّ مَن يكتبونَ في جريدتهِ هُم مؤلِّفونَ كثيرونَ لا تنتهي أَسماؤهم أَبداً!!!
وَ حتَّى لو فعلتُ الإِجراءَ الأَحمقَ هذا بتغييرِ اسميَ معَ كُلِّ عملٍ لي في كُلِّ جريدةٍ وَ مجلّةٍ:
- أَلا يوجَدُ شيءٌ اسمُهُ النَّفَسُ الأَدبيُّ الّذي مِن خلالهِ يمكِنُ للقارئ الحصيفِ أَن يكتشِفَ مؤلِّفَ العملِ حتَّى وَ إِن لَم يكُن اسمُ المؤلِّفِ موجودٌ عليهِ؟!!
وَ أَحزنني كثيراً الأَمرُ ذاتُهُ حينَ حصلَ بحذافيرهِ على يدِ مسؤولٍ آخَرٍ في جريدةٍ ثانيةٍ، وَ على يدِ مُحرِّرٍ في جريدةٍ ثالثةٍ، وَ على يدِ مُحرِّرةٍ في جريدةٍ رابعةٍ، وَ القائمةُ تطولُ بعشراتِ الصحفِ بمَن فيها مِن ذوي النرجسيَّةِ الّتي تُطالِبُ أَصحابُها (النرجسيِّونَ وَ النرجسيِّاتُ) بحصريَّةِ العملِ لها فقط؛ لتكونَ هيَ سيِّدَ سوقِ الإِعلامِ وَ الصحافةِ في الوسطِ كُلِّهِ على حسابِ أَصحابِ الجرائدِ وَ المجلّاتِ الأُخرى.
لستُ أَدري:
- كيفَ يُطالبُني شخصٌ بأَن يكونَ عمليَ حصريَّاً بجريدتهِ وَ هُوَ في الوقتِ ذاتهِ يعملُ في صُحفٍ عديدةٍ بمُسمِّياتٍ أُخرى، بينَ مُحرِّرٍ وَ رئيسِ تحريرٍ وَ نائب رئيسِ تحريرٍ وَ غيرها مِنَ الْمُسمِّيات؟!!
- أَليسَ الْمُفتَرضُ بمَن يطالبُني بالحصريَّةِ أَن يكونَ هُوَ أَيضاً مُلتزِماً بالحصريَّةِ هذهِ فيُقصِرُ عملَهُ على جريدتهِ فقط وَ لا يسمَحُ لنفسهِ العملَ معَ صُحفٍ أُخرى؟!
- أَمْ أَنَّ الْحَلالَ لديهِ حَرامٌ عَليَّ لا يجوزُ لي فِعلُ ما يُجيزُهُ هُوَ لنفسهِ؟!
بالتأَكيدِ، إِنَّ ذوي الفِكر النرجسيِّ القميءِ هذا موجودونُ في تلك الصُحُفِ الّتي كُنتُ أَعملُ معها سابقاً، بمَن فيِهِم الصحفُ الّتي كنتُ أَعمَلُ معَها حتَّى السَّاعاتِ الأُولى مِن صباحِ هذا اليوم، وَ بعدَما بدَرَ مِنهُم جُحودُهم تجاهيَ، تركتُ العملَ معَهُم بشكلٍ فوريٍّ إِلى الأَبدِ، فقَد طلّقتُهُم ثلاثاً لا رجعةِ لي فيها مُطلقاً، وَ طالما أَنت (قارئي العَزيز وَ قارئتي العزيزة) قَد وجدت مقاليَ هذا منشوراً في موقع الجريدةِ (أَو المجلّة) هذهِ، وَ طالما ستجِدُ أَنت (وَ تجدينَ أَنتِ) استمراريَّةَ أَعمالي الأُخرى منشورةً لاحقاً بالتتابعِ في موقع الجريدةِ (أَو المجلّة) هذهِ أَيضاً، فاعلَم (ي) أَنَّ الكلامَ السابقَ منِّي يتعلَّقُ بجريدةٍ (أَو مجلّةٍ) أُخرى لا عَلاقةَ لهُ بهذهِ الجريدةِ (أَو المجلّة) الّتي هيَ بينَ يديك الآن، وَ الّتي هيَ (هذه الجريدة أَو المجلّة) منبرٌ إِعلاميٌّ حُرٌّ نزيهٌ أَتشرَّفُ بالعملِ معَ مَن فيهِ مِن زُملائيَ وَ زميلاتي، على رَغمِ قلَّةِ الصُحفِ وَ المجلّاتِ الْحُرَّةِ النزيهةِ في يومنا هذا، بينَ هذا الكَمِّ الهائلِ مِنَ الصُحفِ وَ المجلّاتِ الزائفةِ في أَغراضِها، الّتي أَبسطُ ما يُمكِنُنُي وصفيَ عنها: أَنَّها تجاريَّةٌ بامتيازٍ ما هَمُّ أَصحابها إِلا الحصولُ على الأَموالِ دُونَ مُراعاةٍ لحقوقِ الآخَرين وَ دُونَ احترامٍ لأَيِّ حرفٍ من حروفِ الـ (عدالة)، لتكونَ هذهِ الصحيفةُ وَ جميعُ الصُحُفِ الّتي أَعملُ معها باستمرارٍ هي بقعةُ ضوءٍ تُضيءُ ظُلمةَ الجهلِ وَ النِّفاق الْمُتشفيِّينِ (معَ بالغِ الأَسفِ الشَّديد) في عُقولِ وَ قلوبِ الكثيرينَ وَ الكثيراتِ مِن أَبناءِ وَ بناتِ مُجتمعاتنا الشرخ أَوسطيَّة الغافلةِ وَ الْمُتغافلةِ معاً عن الحَقِّ وَ عنِ الحَقيقة؛ بعدَ أَن ملأَتِ الأَطماعُ نفوسَهُم (وَ نفوسهنَّ) وَ عاثتِ الأَحقادُ فساداً بأَرواحِهم (وَ أَرواحِهنَّ).
لستُ أَدري:
- كيفَ يُطالِبُني أَحدُهُم بحصريَّةِ عمليَ بجريدتهم، وَ أَنا أَعمَلُ مجَّاناً دُونَ مقابلٍ؟!!!
يا هؤلاءِ الْمُطالبونَ وَ الْمُطالباتُ بالحصريَّةِ، اشتروا منِّي أَوَّلاً حقوق حصريَّةَ العملِ وَ بعدَ ذلكَ اطلبوا منِّي ما تطلبوه، أَمَّا وَ أَنتُم حتَّى لا تدفعونَ لي راتباً وَ لا أَيَّ مبلغٍ مِنَ المالِ..
- فكيفَ تعطونَ الحقَّ لأَنفُسِكُم بالمطالبةِ بحصريَّةِ أَعماليَ لكَمُ وَ تريدونَ منعيَ عَن إِيصالها إِلى مَن يستحقّونها مِنَ ذوي الفِكر الإِنسانيِّ النبيلِ في الصُحفِ الأُخرى؟!!
- أَمْ أَنَّكُم لا تدرونَ شيئاً عن قوانينِ حُقوقِ مِلكيَّةِ المؤلِّف الّتي تؤكِّدُ عليها بشكلٍ حازمٍ المنظّمةُ العالميّةُ للمِلكيَّةِ الفِكريَّة الـ (ويبو) التابعةُ لمنظّمةِ الأُممِ المتحدةِ العالميَّةِ وَ تعاقِبُ الْمتجاوزينَ وَ الْمُخالفينَ عقوباتٍ عادلةٍ بامتياز؟!!
- أَمْ أَنَّكم تتغافلونَ عنها؟!
- أَمْ أَنَّكُم حقَّاً مُغفَّلون؟!
يا هؤلاءِ الْمُطالبونَ وَ الْمُطالباتُ بالحصريَّةِ، مُجرَّدُ وجود أَعمالي في جرائدكم وَ مجلّاتكُم هُوَ دفعٌ بعجلةِ تقدُّمها إِلى الأَمامِ؛ إِذ أَنَّ جودَةَ أَعماليَ الأَصيلةِ غير المسبوقةِ على مَرِّ التَّاريخِ كُلِّهِ، وَ الحصريَّةُ بي أَنا فقط دونَ أَحدٍ سوايَ في العالَمِ كُلَّهِ قاطبةً، وَ تنوِّعِ أَشكالها الأَدبيَّةِ وَ العلميَّةِ، معَ تعدُّدِ فحوى محتوياتها بمعالجتي مِن خِلالها شتَّى مجالاتِ الحياةِ، بما يجلبُ النفعَ لقارئيها وَ يدفعُ عنهُم الضررَ، أَضيفوا إِلى هذا كُلِّهِ: أَنَّني أَقومُ بتوثيقِ روابط أَعماليَ المنشورةِ وَ مشاركتها لاحقاً في قنواتي الرَّسميَّةِ الّتي يُناهِزُ عَددُ مَن يُتابعونني فيها في يومنا هذا عنِ الـ (14000) أَربعةَ عشرَ أَلف شخصٍ من مُختلَفِ دولِ العالمِ، وَ مِن شتَّى الدرجاتِ العلميَّةِ الأَكاديميَّةِ وَ المراتبِ الاجتماعيَّةِ، وَ غالبيِّتُهم من صفوةِ المثقّفينَ وَ المثقّفات، حيثُ أَقومُ لاحقاً بشكلٍ تتابعيٍّ بُمشاركةِ روابط النشر، وِفقَ خطَّةٍ إِستراتيجيَّةٍ أَعتمِدُ فيها أَوقاتً مُحدَّدةً معلومَةً لديَّ؛ بما يجلبُ المزيدُ مِنَ القُرّاءِ وَ القارءاتِ إِلى الصُحفِ وَ المجلّاتِ الّتي أَعملُ معها، وَ بالتالي: فأَنا واقعيَّاً أَصنعُ إِعلاناً لكُلِّ تلكَ الصُحفِ جميعاً، هذا الإِعلانُ الّذي أَعملُهُ وَ أَصنعهُ لَكُم بجهوديَ الذاتيَّةِ هُوَ إِعلانٌ مجّانيٌّ منِّي دونَ مُقابلٍ، لم أُطالبُكم يوماً بدفعِ حقوقهِ لي، في الوقتِ الّذي أَنتُم تأَخذونَ حقوقَ الإِعلاناتِ مِنَ الْمُعلنينَ لديكم على صفحاتِ جرائدكم هذهِ، وَ مِن حقِّكم أَخذ ثمنِ الإِعلاناتِ؛ لتستمرَّ ديمومةُ العملِ معكم، لكن! ليسَ مِن حقِّكم أَن تمنعوني عن إِيصالِ أَعماليَ إِلى مُستحقِّيها في الصُحفِ النزيهةِ جميعاً وَ لقُرَّائيَ الشُّرفاءِ (وَ قارئاتيَ الشَّريفاتِ) فيها أَيضاً، وَ في الوقتِ ذاتهِ لا تدفعونَ لي ثمنَ إِعلانيَ عنكم في قنواتيَ الرَّسميَّةِ، بما فيها صفحاتي الرَّسميَّة على مواقع التواصل الاجتماعيِّ كافَّةً، مثل: (فيسبوك) وَ (تويتر)، وَ كذلكَ موقع الأَعمال العالميِّ (لينكد إِن)، وَ في الوقتِ ذاتهِ أَيضاً لا تدفعونَ لي ثمنَ حصريَّة العملِ بكم، وَ في الوقتِ ذاتهِ كذلكَ لا تدفعونَ لي سِنتاً واحِداً كراتبٍ شهريٍّ أَو كتعويضٍ ماديٍّ لِما أَبذلُهُ مِن جهدٍ وَ وقتٍ وَ مالٍ، وَ فوقَ هذا وَ ذاكَ كُلِّهِ لا تقولونَ لي (شُكراً)، وَ تُطالِبونني بحصريَّةَ العملِ بكم لوحدكم فقط..
- فهل مِنَ العدالةِ أَن تُجحِدوا بيَ أَنتُم في الوقتِ الّذي أُكرِمُكم فيهِ أَنا بكُلِّ مُحتوىً وَ مَرَفَقٍ أَصيلٍ لا مَثيلَ لَهُ في الحياة؟!
أَنَّا إِنسانٌ حُرٌّ، نزيهٌ، تقيٌّ، أَعبدُ اللهَ وَ أَسعى إِلى القُربِ منهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِن خلالِ أَن أُقدِّمَ للنَّاسِ جميعاً ما وهبني رَبِّيَ القُدُّوس مِن عِلمِ (ما وراء الوراء) وَ ما فيهِ من الحقائق وَ الخفايا وَ الأَسرارِ الّتي لا يعلمُها اليومَ أَحَدٌ مِنَ البشرِ سوايَ، وَ تكرُّماً منِّي أَقومُ بإِيصالها شيئاً فشيئاً إِلى الآخرينَ مجَّاناً دونَ مقابل..
- أَوَ تظنُّونَ أَنَّني لا أَعلَمُ أَنَّ بإِمكانيَ أَن أَطبعَ أَعماليَ هذهِ ورقيَّاً لِتُباعَ في المكتباتِ فأَحصُدُ مِن خلالها الكثيرَ مِنَ الأَموالِ؟!!
- فما لَكُم كيفَ تحكمون؟!
- أَمْ على قلوبكُم أَقفالُها؟!
بالسَّلامِ الصادقِ الأَمينِ، يدي ممدودَةٌ دائِماً للجميعِ، فمَن يضعُ يَدَهُ في يدي، نكونُ كِلانا رابحينِ معاً، وَ مَن لا يضعُ يدَهُ في يدي أَكونُ أَنا الرابحُ وَ يكونُ هُوَ الخاسِرُ الأَكيد، لذا أَقولها لكَمُ صراحةً أَيُّها النرجسيِّونَ وَ أَيَّتُها النرجسيِّاتُ: لا شروطَ توضَعُ عليكُم معَ الأَحرارِ الربَّانيِّينَ أَمثاليَ إِلَّا تحقيقَ العدالةِ الّتي هيَ إِعطاءُ كُلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ وَ قبلَ ذلكَ تقوى الله، شروطٌ تضعونها أَنتُم بأَنفُسِكُم على أَنفُسِكُم؛ لتحديدِ سلوكيِّاتكمُ معَ الأَحرارِ، وَ لا شروطَ توضَعُ على الأَحرارِ مُطلقاً؛ لأَنَّنا نحنُ الأَحرارُ صادقونَ حدَّ النخاعِ، وَ لا نرى الحياةَ بتدرُّجٍ لونيٍّ أَبداً، إِنَّما: أَبيضٌ، أَو أَسودٌ، فقط لا غير، وَ نحنُ الأَحرارُ الربَّانيِّونَ معَ الأَبيضِ حتَّى الرمقِ الأَخير.
دائماً أُكرِّرُ معَ نفسيَ قائلاً:
- نحنُ ذوي القُلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ نبقى سالكينَ في مَسلكِ الإِيثارِ بالنَّفسِ مِن أَجلِ الآخَرين وَ نتحمَّلُ مِن أَجلِ جلبِ المنفعةِ إِليهم وَ دفعِ الضررِ عَنهُم حتَّى وَ إِن كانوا هُم لا يعلمونَ، فَطِب نفسَاً يا صاحِبَ القلبِ الطاهرِ النقيِّ؛ فلِكُلِّ مُؤثرٍ بنفسهِ آهاتٌ وَ جروح.
وَ يؤسِفُني أَن أَنعى نفسيَ قائلاً:
- كُلُّ شَيءٍ ترتَفِعُ قيمتُهُ يَومَاً بَعدَ يَومٍ، حتَّى الْمُنافِقونَ وَ الْكِلابُ!!! إِلَّا شيئاً واحِدَاً فقَط باتت قيمتُهُ تنحدِرُ أَدنى مِنَ اللاشيءِ؛ إِنَّهُ: دماؤنا وَ مشاعِرُنا وَ أَحاسيسُنا وَ حياتُنا نحنُ الصادقونَ في أُمَّةِ يكثرُ فيها الْجَرَبُ لا العربُ بينَ المتأَسلمينَ لا الْمُسلمين!
اللهُمَّ احفظ وَ بارِك جميعَ المؤمنين وَ المؤمنات، وَ اهدِ الغافلينَ عنك وَ الغافلاتِ إِلى سبيلِ الرشاد، وَ انتقِم مِنَ المنافقينَ وَ المنافقات، وَ عَجِّل لوليك الفرج، يا قُدُّوس يا ذا الجَلالِ وَ الإِكرام؛ إِنَّكَ حميدٌ مُجيبُ الدُّعاء.