متابعة إعلامية امل كمال
ظهور الجن في صورة الحيوانات والزواحف
كما أوضحنا سلفا فإنه لم يثبت في السنة الصحيحة أن أحدا رأى الجن بصورته التى خلقه الله بها حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يثبت له وصفا معينا في شكله سوى أن له قرنان وقد يتشكل في صورة آدميين كما أسلفنا القول وقد يختلط الجن بالإنسان في الأسواق والطرقات دون أن يعرف حقيقته أحد ولكنه لا يستمر بل يكون ظهوره بشكل ومضة سريعة يقول الشيخ الشعراوى - رحمه الله - عن حقيقة ظهور الجن للإنسان قائلا: "إذا أراد الجن أن تراه فهو يظهر لك على صورة شيء مادى، لكنه لا يتمثل فى صورة استمرارية، ولكنه يتمثل في صورة ومضة سريعة، ويختفى وهو أمامك، معللا ذلك بأن الجن يعلم أنه لو تشكل للإنسان فى صورة مادية وظهر له بها حكمته الصورة التى انتقل إليها"؛ موضحًا: أى إذا أطلقت عليه الرصاص عند ظهوره لك بصورة إنسان أو حيوان يموت فى الحال.
وأوضح الشعراوى أن الإنسان إذا تأمل الجن المشكل في صورة غير صورته لابد أن ترى فيه شيئًا يخالف الطبيعة، وتابع الشعراوى لذلك الجن أو الشيطان يخاف منا أكثر ما نخاف منه؛ لأنه يعلم أنه إذا ظهر لنا وتجسد فى أى شيء ظهور استمرارى سوف نعرفه ونتغلب عليه . انتهى
ومعنى كلام الشعراوى رحمه الله أن الجن إذا ظهر فى صورة كلب مثلا أو ثعبان حكمته تلك الصورة فتستطيع أن تتغلب عليه وأن تقتله ومما يؤيد هذا ما جاء فى صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ .
وسبب ذكر سيدنا سعيد لهذا الحديث ما رواه مسلم عن أبى السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ، قَالَ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِي صَلاَتَهُ، فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِي عَرَاجِينَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ، فَوَثَبْتُ لأَقْتُلَهَا، فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ - قَالَ - فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْ عَلَيْكَ سِلاَحَكَ؛ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلاَحَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً، فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ، وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ، فَقَالَتْ لَهُ: اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ، وَادْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِى أَخْرَجَنِي. فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ، مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدَّارِ، فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ. فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْحَيَّةُ أَمِ الْفَتَى؟ قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، وَقُلْنَا: ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لَنَا. فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ». ثُمَّ قَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ .
وقد قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم عند قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأْذَنُوهُ ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْد ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان
قد ذكر أهل العلم أن الجن يتشكلون بأشكال مختلفة فيتصورون بصور الكلاب، ففي صحيح مسلم الكلب الأسود شيطان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة .
وفى وقت لاحق – إن شاء الله - سنذكر بعض القصص التى ظهر فيها الجن بصورة حيوانات وزواحف بشيء من التفصيل
والله أعلم