جنوب سيناء امل كمال
أيها الأخوة الكرام، الدنيا التي نحن فيها لها حقيقة ولها صورة، حقيقتها أنها دار ابتلاء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ـ لأنه مؤقت ـ ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
حينما ندرك يقيناً أن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، دار امتحان، دار ابتلاء، الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ حينما سُئل: "ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين؟ فقال: لن تمكن قبل أن تُبتلى".
أقدم لكم اجتهاداً شخصياً مني، المؤمن يمر بأطوار ثلاث، إذا كان هناك تقصير، تقصير فيما ينبغي أن يفعله، تأتي بعض المصائب من أجل أن تدفعه إلى الله، وإن كان هناك استقامة تأتي بعض المصائب لتمتحنه، وبعدئذ تستقر حياته على الإكرام، فأنت بين التأديب وبين الامتحان وبين التكريم، هذه المراحل قد تتداخل وقد تتمايز، بين التأديب مرحلة، وبين الابتلاء الثانية، وبين التكريم الثالثة، هذه المراحل الثلاثة قد تتمايز وقد تتداخل، ولكن على كل مؤمن أن يوطن نفسه أنه لابدّ من أن يمتحن، لابدّ من أن يبتلى، وبطولته أن ينجح في الابتلاء، الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين، إذا أحبّ الله عبده ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن شكر اقتناه.
حينما ندرك يقيناً أن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، دار امتحان، دار ابتلاء، الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ حينما سُئل: "ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين؟ فقال: لن تمكن قبل أن تُبتلى".
أقدم لكم اجتهاداً شخصياً مني، المؤمن يمر بأطوار ثلاث، إذا كان هناك تقصير، تقصير فيما ينبغي أن يفعله، تأتي بعض المصائب من أجل أن تدفعه إلى الله، وإن كان هناك استقامة تأتي بعض المصائب لتمتحنه، وبعدئذ تستقر حياته على الإكرام، فأنت بين التأديب وبين الامتحان وبين التكريم، هذه المراحل قد تتداخل وقد تتمايز، بين التأديب مرحلة، وبين الابتلاء الثانية، وبين التكريم الثالثة، هذه المراحل الثلاثة قد تتمايز وقد تتداخل، ولكن على كل مؤمن أن يوطن نفسه أنه لابدّ من أن يمتحن، لابدّ من أن يبتلى، وبطولته أن ينجح في الابتلاء، الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين، إذا أحبّ الله عبده ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن شكر اقتناه.
الدنيا محدودة بزمن معين أما الآخرة فليس لها زمن معين :
أيها الأخوة الكرام، هذا الذي لا يبتلى لعله شرد عن الله شرود البعير، والدليل القرآني:
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [ سورة الأنعام: 44]
لذلك الابتلاء في الدنيا، فالدنيا دار الابتلاء، والزمن: العمر الذي تعيشه في الدنيا، والمكان: مكان إقامتك، هناك حقيقة وهناك مكان وهناك زمان، الحقيقة أننا جميعاً في دار ابتلاء، لكن لو قلنا: العمر الذي يعيشه الإنسان في الأرض مهما طال، سمعت عن شيخ الأزهر مخلوف عاش مئة وثلاثين عاماً، العمر مهما طال أمام الأبد صفر، أي ضع واحداً في الأرض وأصفاراً للشمس، وكل ميليمتر صفر، أي: مئة وستة وخمسون مليون كم كلها أصفار، وكل ميليمتر صفر، هذا الرقم إذا نسب إلى اللانهاية فهو صفر، أي رقم ولو كان فلكياً، ولو كان غير متخيل، إذا نسب إلى اللانهاية فهو صفر، فالدنيا محدودة بزمن معين، أما الآخرة فليس لها زمن معين:
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾
[سورة الطلاق: 11]
توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء :
أيها الأخوة، أولاً نمتحن بالثروات، بالمنتجات، بزينة الحياة الدنيا، بالعمران، كل شيء آتاك الله إياه أنت ممتحن به، مادة الامتحان مادتان، مادة ما أعطاك الله، ومادة ما زوي عنك، لن تنجب أولاً ذكوراً ابتلاء، لم تنجب أولاداً أصلاً ابتلاء، أنجبت أولاداً ذكوراً وإناثاً ابتلاء، كنت غنياً ابتلاء، كنت فقيراً ابتلاء، كنت في مكانة رفيعة ابتلاء، كنت في مكانة في الظل ابتلاء، كل شيء أعطاك الله إياه وكل شيء زوي عنك هو مادة الامتحان، من أروع الأدعية التي نقلت عن النبي عليه الصلاة والسلام:
((اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب))
[ الترمذي عن عبد الله بن يزيد الخطميّ الأنصاري]
[ الترمذي عن عبد الله بن يزيد الخطميّ الأنصاري]
رابح في الحالتين، الذي آتاك الله إياه ينبغي أن توظفه للآخرة، والدليل:
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾ [سورة القصص: 77 ]
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾ [سورة القصص: 77 ]
ابتغ؛ آتاك علماً، آتاك طلاقة لسان، آتاك مالاً، آتاك صحة، آتاك جاهاً، آتاك مكانة:
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾ [سورة القصص: 77 ]
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾ [سورة القصص: 77 ]
الآن سلب عنك الذرية ابتلاء، لم تكن غنياً دخلك محدود ابتلاء، لم تكن في مكانة علية ابتلاء، العبرة بالنجاح، العبرة في الدار الآخرة، العبرة من يضحك آخراً، ليست البطولة أن تضحك أولاً لكن البطولة أن تضحك آخراً.
امتحان الإنسان بزينة الحياة الدنيا :
امتحان الإنسان بزينة الحياة الدنيا :
أيها الأخوة، في القرآن الكريم آية هي:
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا } [سورة الكهف: 7]
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا } [سورة الكهف: 7]
الدنيا خضرة نضرة، فيها نساء، فيها بيوت، فيها أموال، فيها مركبات، فيها سفر، فيها رفاه، فيها طعام نفيس، ولائم، مكانة، مناصب، نساء جميلات، الدنيا دار ابتلاء:
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [سورة الكهف: 7]
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [سورة الكهف: 7]
جعلك الله غنياً والغنى يتوافق مع الإيمان، لكن هل يعقل أن يقول من كان حولك من الفقراء: يا رب قد أغنيته بيننا فقصر في حقنا، جعلك قوياً بجرة قلم تحق حقاً وتبطل باطلاً، هل استخدمت هذه القوة لإحقاق الحق وإبطال الباطل؟ جعلك طليق اللسان هل استخدمت طلاقة اللسان لترويج الحق أم لترويج الباطل؟ جعلك ذا مكانة علية هل استخدمت هذه المكانة لنصرة المظلوم أم للتملق للظالم؟ نحن في دار ابتلاء، والله قد لا تمر ساعة على أي منا إلا ويمتحن، نحن في دار ابتلاء، دار امتحان.
أيها الأخوة، نمتحن بالثروات، بالمنتجات، بزينة الحياة الدنيا، ونمتحن بالأنفس، من حيث الصحة والسقم، والقوة والضعف، والسعادة والشقاء، قد تكون صحيحاً أنت مبتلى بهذه الصحة، هل أعانتك على طاعة الله أم لا سمح الله ولا قدر استخدمتها في المعاصي والآثام؟ امتحنك الله بالقوة هل كانت قوتك للحق أم للباطل؟ امتحنك بالضعف هل يئست وتطامنت أم وثقت بنصر الله عز وجل؟ امتحنك بأسباب السعادة هل شكرت الله عليها؟ كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "الحمد لله الذي ردّ إليّ روحي وعافاني في بدني وأذن لي بذكره".
أيها الأخوة، إذاً تمتحن في زينة الحياة الدنيا، وتمتحن في نفسك، وتمتحن في المال الذي آتاك الله إياه، فقد تكون فقيراً أو غنياً، لذلك قال تعالى:
﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
أيها الأخوة، نمتحن بالثروات، بالمنتجات، بزينة الحياة الدنيا، ونمتحن بالأنفس، من حيث الصحة والسقم، والقوة والضعف، والسعادة والشقاء، قد تكون صحيحاً أنت مبتلى بهذه الصحة، هل أعانتك على طاعة الله أم لا سمح الله ولا قدر استخدمتها في المعاصي والآثام؟ امتحنك الله بالقوة هل كانت قوتك للحق أم للباطل؟ امتحنك بالضعف هل يئست وتطامنت أم وثقت بنصر الله عز وجل؟ امتحنك بأسباب السعادة هل شكرت الله عليها؟ كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "الحمد لله الذي ردّ إليّ روحي وعافاني في بدني وأذن لي بذكره".
أيها الأخوة، إذاً تمتحن في زينة الحياة الدنيا، وتمتحن في نفسك، وتمتحن في المال الذي آتاك الله إياه، فقد تكون فقيراً أو غنياً، لذلك قال تعالى:
﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
[ سورة آل عمران: 186 ]
الحكمة من وجود أهل الحق مع أهل الباطل :
شاءت حكمة الله أن نعيش مع الطرف الآخر، بل كان من الممكن ـ والله في ذاته العلية واجب الوجود، لكن ما سواه ممكن الوجود ـ أن يجعل كفار أهل الأرض من آدم إلى يوم القيامة على كوكب آخر، الأرض للمؤمنين والمريخ للكفار، لا يوجد حروب، ولا فتن، ولا بدر ولا أحد ولا الخندق، لا يوجد شيء أبداً، لكن شاءت حكمة الله أن نعيش معاً، قال بعضهم: لأن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، ولأن أهل الحق لا يستحقون جنة الله إلا بالبذل، والتضحية، والصبر على المكاره، لذلك قال تعالى، دقق قرآن كلام خالق الأكوان:
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ﴾ [سورة البقرة: 155]
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ﴾ [سورة البقرة: 155]
الخوف ابتلاء:
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ ﴾ [سورة البقرة: 155]
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ ﴾ [سورة البقرة: 155]
قد يموت الصغير:
﴿ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
[سورة البقرة: 155-157]
﴿ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
[سورة البقرة: 155-157]









