كتب/أيمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي أردوجان يخترق قواعد القانون الدولى ويؤجج البحر المتوسط بصراعات سياسية تارةً واخرى مسلحة لخلافات أيديولوجية وجيو إستراتيجية. تركيا والإمارات ـ خلافات ايديولوجية أم تصادم مصالح؟. تصاعدت لهجة تركيا تجاه الإمارات عقب بيان أدانت فيه أبوظبى ودول متوسطية دور أنقرة فى ليبيا وتحركاتها فى منطقة المتوسط. الخلاف التركى الإماراتى هو جزء من خلاف أيديولوجى وجيوستراتيجى بين أنقره ودول الخليج العربية.
وزير الخارجية التركى إختار كلمات نارية توضح إتجاه إستعمارى إذا كنت تسأل من يزعزع إستقرار المنطقة ومن يبث الفوضى فإننا سنقول بدون تردد أبو ظبى كما أعلن مولود جاويش أوغلو الثلاثاء (12 مايو). وأضاف الواقع هو أنها القوة التى زعزعت إستقرار ليبيا ودمرت اليمن وبهذا الحكم يكون جاويش أوغلو قد رد على تنديد عدة دول ومن ضمنها الإمارات، فى اليوم السابق بسياسة تركيا فى منطقة البحر المتوسط وفى وليبيا. ففى بيان مشترك إنتقد وزراء خارجية قبرص ومصر وفرنسا واليونان والامارات حكومة أنقرة بخرق المياه الاقليمية لقبرص والمجال الجوى لليونان. وفى بيانهم المشترك تحدث الوزراء عن تحركات تركية غير قانونية جارية فى المنطقة الإقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص ومياهها الاقليمية إضافة الى تصعيد فى خرقات تركيا للمجال الجوى لليونان وطالب الوزراء تركيا بالإحترام الكامل لسيادة كافة الدول وحقوقها السيادية فى نطاقاتها البحرية فى شرق المتوسط بيان وزراء الخارجية يستند الى الخصومة التى خلقتها تركيا حول تشغيل حقول الغاز المكتشفة قبل سنوات فى شرق البحر المتوسط. وقد تكتلت اليونان وقبرص واسرائيل لتشغيل هذه الحقول. وزعمت بالباطل الحكومة فى أنقرة على إثرها بأن تلك البلدان تحاول محاصرة تركيا وأوضحت أنها لن تقبل بأى مشروع يتم دون مشاركة تركيا وموافقتها. متحدية بذلك الحدود الإقليمية المعترف بها دولياً.
والعلاقات بين تركيا والامارات العربية المتحدة وكذلك العربية السعودية متوترة منذ سنوات. وبداية هذه الخصومة كانت فى صيف 2017 عندما جمدت عدة دول مع العربية السعودية علاقاتها مع قطر. السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر تتهم قطر بدعم الإرهاب. والإنتقاد يستند الى العلاقات الجيدة التى تربط الدوحة بحركة الإخوان المسلمين التى تُعتبر فى الدول الاربع منظمة إرهابية. وتخشى العربية السعودية وحلفاؤها من تأثير الإخوان المسلمين.
الدول الخليجية الثلاث تراهن على تفسير للإسلام السنى لا يعرض نظام الحكم القائم فيها للخطر. والعربية السعودية على وجه الخصوص وجدت بنظامها الدينى، الوهابية توجهاً دينياً يضفى الشرعية الدينية على النظام السياسى ويدعمه بالتالى سياسيا. والى حد الآن نجحت الدول الخليجية الثلاث (السعودية والبحرين والامارات) فى محاصرة حركة الإحتجاج الناشئة منذ 2011. ويساهم فى رجال الدين ذلك. وأخذت هذه الدول الدرس من التطورات السياسية التى حدثت فى مصر، حيث أدى سقوط الرئيس حسنى مبارك 2012 الى بروز دور الإخوان المسلمين، وتولى محمد مرسي السلطة قبل أن يطيح به الشعب وإحاز اليه الجيش بعد عام واحد.وبخلاف الدول الخليجية الثلاث ومصر لا تخشى قطر وتركيا تقاربها من الإخوان المسلمين. فحزب أردوغان حزب العدالة والتنمية قريب أديولوجياً من الإخوان المسلمين. وقطر تحاول من خلال علاقاتها مع الإخوان المسلمين ـ وفرعها فى قطاع غزة، حركة حماس ـ بسط وجودها كقوة إقليمية ووسيط فى الصراعات. وبرزت الخلافات هذه الأيام حول تعيين الناشطة فى حقوق الانسان اليمنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام فى عام 2011 توكل كرمان، فى مجلس الإشراف على محتوى فيسبوك. وتتهم وسائل إعلام إماراتية وسعودية كرمان بقربها الكبير من الإخوان المسلمين. وقد أعلنت كرمان، التى تحمل أيضاً الجنسية التركية عن خشيتها على حياتها بسبب حملة التحريض عليها من قبل الإعلام السعودى والإماراتى .
وبين تركيا والامارات العربية المتحدة نزاع جيو سياسى آخر يتمثل فى ليبيا حيث تدعم تركيا فى الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات بالإشتراك مع قطر، الحكومة المنتهية ولايتها الليبية ولا يقرها البرلمان الليبى بقيادة رئيس الوزراء فايزالسراج.
وفى يناير الماضى أعلن أردوغان عن إرسال جنود أتراك الى ليبيا. لكن تركيا لا تتحرك بدون مقابل: فمن خلال تقديم الدعم يأمل الرئيس التركى رجب طيب اردوغان فى الدعم الدبلوماسى للسراج فى صراعه من أجل موارد الغاز فى البحر المتوسط، لأن جزءاً من هذه الحقول يقع فى المياه الاقليمية الليبية التى تقع الآن تحت السيادة التركية بفضل إتفاقية أبرمتها تركيا مع ليبيا. وبهذه الإتفاقية وكذلك الدعم العسكرى لحكومة السراج، أثارت تركيا غضب بعض دول الجوار. ففى بيانهم شجب وزراء خارجية دول البحر المتوسط كذلك التدخل العسكرى لتركيا فى ليبيا". كما أنهم حثوا تركيا على إحترام حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة بدون قيود فى ليبيا ووقف دخول مقاتلين أجانب الى ليبيا؛ هذه التطورات تمثل تهديداً لإستقرار جيران ليبيا في افريقيا وأوروبا كما قال وزراء خارجية تلك الدول.ضغط الأسبوع الماضى قد لا يبقى بدون أثر على تركيا كما جاء فى تحليل لمجلة المونيتور وحقيقة أن تهاجم الحكومة فى أنقرة بوجه خاص الإمارات العربية المتحدة فهذا قد ينبئ بأن أنقرة لا تريد إفساد العلاقة نهائياً مع السعودية. لكن ظهرت مؤخراً فى السعودية مقالات منتقدة جداً لأردوغان وعائلته فالعداوة ليست مقتصرة على الإماراتيين بل شملت جميع الدول المتوسطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق