كتب /أيمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني التطورات العسكرية فى ليبيا وتهديدات أنقرة بإستهداف قوات حفتر فى حال تعرضه لمصالحها هناك، تشير الى إمكانية حدوث صراع روسى تركى مباشر على الأرض لن تكون له إنعكاسات فى ليبيا فقط بل قد يمتد الى سوريا أيضاً، بحسب خبراء.
إمكانية حدوث صراع روسى تركى مباشر على الأرض لن تكون لها إنعكاسات فى ليبيا فقط بل قد تمتد إلى سوريا أيضاً. التقدم الذى تحرزه حكومة السراج والمدعومة من تركيا وإقترابها صوب مدينة ترهونة والتى تمثل أهم معاقل قوات الجيش الوطنى الليبى بقيادة حفتر، قرب طرابلس وما تلاه من إنتزاع السيطرة على بلدة الأصابعة ومزدة جنوب العاصمة الليبية دفعت الحكومة التركية الى تحذير خليفة حفتر من شن أية هجمات إنتقامية على مصالحها فى ليبيا بعدما هددت هذه القوات بالرد على الإنتكاسات العسكرية التى منيت بها بضرب مواقع تركية فى البلاد. وتقدّم أنقرة الدعم لفصائل إسلامية ومعارضة موالية لها فى سوريا وكذلك لحكومة فايز السراج فى ليبيا، التى لايقرها البرلمان الليبى.
يشير هذا التهديد الى مخاطر متزايدة من تصعيد أوسع نطاقاً فى ليبيا حيث تدعم تركيا الحكومة المنتهى ولايتها فى الصراع ضد قوات الجيش الوطنى الليبى المدعوم من روسيا . وهو ما يعزز لدى البعض من إمكانية حدوث صراع روسى تركى مباشر على الأرض لن تكون لها إنعكاسات فى ليبيا فقط بل قد تمتد الى سوريا أيضاً. وفى حال توسيع روسيا لدعمها العسكرى لحفتر وقيام الأخير بإستهداف المصالح التركية هناك كما هدد، يتوقع أن تلجأ تركيا الى توسيع تدخلها العسكرى بشكل مباشر، حيث جرت مناورات جوية وبحرية تركية قبل أسابيع فى شرق المتوسط يتوقع أنها كانت بهدف الإستعداد لأى سيناريو يتعلق بالحاجة لتدخل أوسع فى ليبيا جواً وبحراً.
يرى محللون أن ما يجرى على الأرض هى محاولة روسية من أجل توريط تركيا فى فتح جبهتين حربيتين فى نفس الوقت فى كل من ليبيا وسوريا وذلك من أجل إستنزافها عسكرياً. ويرجّح الباحث فى جامعة أوكسفورد صامويل رامانى فى تصريح للوكالة الفرنسية للأنباء أن تكون روسيا خلف التقارب بين حكومة دمشق وحفتر اللذين يتضامنان بمواجهة عدو مشترك هو تركيا. ويقول إن هدف روسيا هو تحذير أنقرة من أنها قادرة على ممارسة عمليات إنتقامية غير متكافئة رداً على الأعمال العسكرية التركية فى سوريا، عبر تصعيد متبادل فى ليبيا. ومن شأن ذلك وفق رامانى، أن "يخلق جبهتين لتركيا ويؤدى الى إستنزاف قدراتها وهو ما سيؤدى بالتالى الى تقليص نفوذها فى سوريا وهوما تطمح له موسكو حليفة الأسد. يعكس التقارب بين سلطة حفتر ودمشق التداخل المتصاعد بين هذين النزاعين رغم تباعدهما جغرافياً.
أستاذ العلوم السياسية فى جامعة ماربورغ رشيد أوعيسى أكد فى حوار مع DW عربية أن الصراع الدائر بين القوات الليبية المدعومة من تركيا والأخرى المدعومة من روسيا مرشح للتفاقم وذلك من أجل محاولة فرض واقع جديد يمكن للأخر فرض شروطه بيد أن الباحث أوعيسى شكك فى حصول صدام مباشر على الأرض الليبية بين تركيا وروسيا إذ أن كلا من أنقرة وموسكو غير راغبتين حالياً فى فتح جبهة جديدة للصراع كما هو حاصل فى سوريا، بحسب الباحث. كما أن الإهتمام الروسى بحفتر ليس إستراتيجيا كما هو الحال فى سوريا من أجل تدخل عسكرى مباشر، لذلك فإن التصرف الروسى سينصب فى دعم حفتر بشكل غير مباشر كما يقول. ولا يتوافق أستاذ العلوم السياسية من أن ارسال روسيا لجنودها الى ليبيا سينهك من قدرة تركيا على المواجهة ويقول: إذا أرسلت روسيا جنودها الى الساحة الليبية فستنهك قواتها أيضاً، فهى ستكون أيضاً على جبهتين وذلك فى إشارة لتواجد القوات الروسية فى سوريا.
وبالرغم من أن روسيا حاولت مرارا النأى عن نفسها بأنها تدعم حفتر بشكل مباشرفورى كما أنها دعت مؤخراً الى أهمية الأمم المتحدة رعاية تحت سلام عملية وإستئناف العسكرية للأعمال وقد إتفق وزير الخارجية الروسى ىسيرجى لافروف ونظيره التركى مولود جاويش أوغلو يوم (الخميس 21 أيار/ مايو 2020) لدعم وقف فورى لإطلاق النار وإستئناف العملية السياسية الا أن شواهد كثيرة تشير الى دعم بوتين لحفتر فى ليبيا. ويعكس التقارب بين سلطة حفتر ودمشق التداخل المتصاعد بين هذين النزاعين. إذ أعادت الحكومة الموازية فى الثالث من آذار/مارس فتح سفارة بلادها فى العاصمة السورية بعد إقفال إستمر منذ العام 2012. وتربط بين دمشق وبنغازى معقل حفتر على بعد الف كيلومتر من طرابلس رحلات جويّة تسيّرها شركة الطيران السورية الخاصة أجنحة الشام بالإضافة الى الأسلحة الروسية الموجودة لدى قوات الجيش الوطنى الليبى.
ويرى محللون أن الصراع الدائر فى ليبيا سيكون له تأثيرات على الساحة السورية بيد أن هذا التأثير منوط بالتغييرات التي ستشهدها الساحة الليبية، وقدرة كل طرف على بسط الأمور هناك. وكان تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية قد سلط الضوء على تجنيد الأطراف المتصارعة لمرتزقة سوريين وهو ما قد يؤدى الى نقل الصراع الى الأراضى السورية، الا أن الباحث أوعيسى لم يتفق مع هذه التحليلات والتى تربط بين ما يجرى فى ليبيا وإمكانية نقلها الى سوريا عسكريا فالصراع هناك دائر بالفعل بحسب أوعيسى وبشكل مباشر أكثر من الوضع فى ليبيا، فهناك مناطق نفوذ واضحة لروسيا وتركيا والإقتراب منها يعنى المواجهة كما حدث مراراً أثناء تقدم القوات التركية بالقرب من ادلب. ويعتقد أستاذ العلوم السياسة أنّ تأثير الصراع سينتقل بالتأكيد الى الساحة السورية ولكن عن طريق المصالح وليس المواجهة كما يتوقع البعض، فتركيا وروسيا أعلنتا عن تدخلهما المباشر وغير المباشر فى كل من ليبيا وسوريا وذلك من أجل مصالهما السياسية والإقتصادية وكل طرف يعلم قدرة الآخر وماذا يريد، لذلك فإن ما يحدث فى ليبيا قد يكون مقدمة للوصول الى إتفاقات ثنائية بين البلدين تضمن غض الطرف عن التوسع فى مناطق معينة مقابل إستفادة الآخر فى مناطق أخرى.
ويرى الباحث أوعيسى أن ليبيا حالياً لا تمثل أولوية كبيرة لروسيا مثلما الحال هو سوريا فبوتين لا يثق بحفتر ويراه إمتداد للمشروع الأمريكى فى المنطقة لا سيما أنه يوجد لاعبون أخرون فى الساحة الليبية. ويعتقد الباحث أن كل من أنقرة وموسكو ستقدم تنازلات "مؤلمة" من أجل الحفاظ على مكتسبات سياسية واضحة خاصة أن الوضع الإقتصادى بعد جائحة كورونا وما خلفته من خسائر لا يسمح حالياً لأى عاقل فى فتح جبهات حرب جديدة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق