حين تصمت ...
حين تغلق فمك و بداخلك تثور الأفكار
تتدافع متزاحمة و آلاف الكلمات تسمعها علي صمتك بهدير يؤرق الأجفان
أنت هالك في داء اسمه التفكير .
نعم كبرنا و صار التفكير مرضا يسقمنا
و الأدهي أن تسمع وحدك أفكارك دون قدرة علي الافصاح أو التعبير
أن تختنق بلا هواء أو تغرق بلا ماء .
أن تزفر لهبا دون نار . أن تقف حروفك عاجزة عن إكمال سطر .
فجوة عالقة في منتصف الكلام محشور فيها ما لم ينطق من كلمات .
ووراء ما لم ينطق تتواري الحقائق عارية عاجزة عن إخفاء سوءتها تتراقص بصخب مدو وسط متاهة الأفكار .
نعم كبرنا و أدركنا أن جل ما حلمنا به يوما يتصاغر مقابل ما حملنا من مسئوليات .
كبرنا و أدركنا أن كل عثرة ظنناها النهاية كانت بداية لمزيد من العثرات .كالعبرة عندما تزحف جارة ورائها المزيد من العبرات .
نعم أدركنا الكبر حين تعلمنا أننا وحدنا من نطيب خواطرنا و نمحو الدمعات أو معنا قلة صامدة لا تغيرها الصدمات .
كبرنا لندرك أننا مهما كبرنا فالقلب لا يقيم بذات معيار العمر . و أن الصمت رغم الصخب ارتياح . و الابتسامة ليست بالضرورة مرآة تعكس الأهواء .
يمنى عزت
"مرارة البوح"
ليس كلّ ما في داخلنا مباح أن يخرج إلى العالم الخارجي.
فهناك دائمًا بداخل كلّ شخص منا جزء بسيط خاص به لا يطّلِع عليه أحد، وكلّما هَممت لتقوله، أو لتشير إليه أوقفتك كلّ جوارحك قائلة لك: أصمت هذا ليس الشخص المناسب؛ لتبوح له، وهذا ليس المكان المناسب، فتكون النتيجة أنك تصمت، وتحتفظ بما في داخلك لنفسك.
وتبقى هكذا لأنّ مرارة الكتمان أفضل من مرارة البوح، فلا يوجد شخص ندم على الصمت، وإنّما الندم والخذلان يأتي من الكلام!
فتظل في قوقعة الصمت، فيبدوا على ظاهرك الهدوء والقوة، ولكن في داخلك بركان من الألم، ولكن لا أحد يشعر به، ولكنك تتماسك وتتماسك وتتماسك؛ حتّى لا تسقط مع كلّ طعنة تجرحك، وحتّى تظهر بالقوة التي يراك بها الناس، مع أنك تُريد أن تنهار، وتصرخ بأعلى صوتك بما يكمن في داخلك .... ولكن مع الأسف: "أنت لا تملك رفاهية الانهيار".
إنّها حقا مرارة الصمت والبوح في آن واحد، ولكن عزائنا في ذلك هو: "أن ما يؤلم قلبك، إذا بوحت به أرهقك".
وبناء عليه: عليك أن تتعود على الكتمان، وأن تحب مساحتك الخاصة بك، وأن تكون حريص على ألّا يطلع عليها أحد؛ لأنّ ما يخصك ليس مشاع لكلّ عابر سبيل، فلا تبوح لمن حولك إلّا بما أنت تريد أن يعرفوه عنك؛ فللبوح مرارة أنت في غنى عنها...~
آية يحيى


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق