الخميس، 17 ديسمبر 2020

نحن الأنانيون بقلم : نهلة الهبيان



 بقلم : نهلة الهبيان

 نحن الأنانيون الّذين انسلخوا من جلود غيرهم حين أحسّوا أنها ليست بالتي تقربهم من حقيقة فطرتهم، وأبوا إلا أن يكونوا أنفسهم بكل ما أوتوا على سبيل النسبة والاختصاص.

نحن الأنانيون الّذين طالبنا بخلوة كي تهتدى فيها ذواتنا التائهة سبل سلام، فتسبلها والشوق يحيطها ثم تقف عند نهايتها وقد سكنت واطمأنت واهتدت.
نحن الأنانيون الّذين رفعوا سبابتهم مطالبين بحق الإبداء لرأي يمثل أفكارهم أمام كل من ادعوا حرية التعبير فما وجدوه.
نحن الأنانيون الّذين أعيتهم "حاضر" وضاقت عليهم أنفسهم بما كظمت؛ فعلت أصواتهم بعد طول صمت معافر.
نحن الأنانيون الّذين يتغافلون تارة، ويتغابون تارات حتى لا يعكر الجدال صفو الجماعة ولا يتوقف الركب عن سيره.
نحن الأنانيون الّذين يبحثون عن أقل درجة من درجات الإنسانية في المعاملات كي لا تفسد بعظيم توقع من أنفسٍ ليست بفقيهة صلة.
نحن الأنانيون الّذين ما إن امتلؤوا حزنًا، ابتعدوا حتى لا يعكروا صفو مجالس الصحب والولد وذوي الصلات؛ فظنوا بهم الظنون.
نحن الأنانيون الّذين لا مطلب لهم إلا أن يتنفسوا من رئتيهم لا من رئتي غيرهم، أن ينبضوا بقلبهم لا بقلوب غيرهم، وأن يعاتبوا بضميرهم اليقظ لا بضمائر غيرهم ذات الهوى والهوية خاصتها.
نحن الأنانيون الّذين نطالب بترك أرواحنا المقاسية رهبات الاغتراب تحلق في فضاءها الرحب ، لعلها تتزود بمسحات سماوية تربت على أوجاعها؛ فتعود إلى الأرض وقد جُبرت وكرّمت فتواصل الحياة على وجه يرضي الكل من حولها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق