الاثنين، 4 يناير 2021

التصعيد الأمريكي في منطقة الخليج .. هل سيوجه ترامب ضربة عسكرية لإيران قبل مغادرة البيت الأبيض ؟!




كتبت : جيهان الجارحي
يتساءل الكثيرون مع نهاية فترة ولاية ترامب : هل سيُوجه ترامب ضربة عسكرية لإيران مع قرب مغادرته للبيت الأبيض ، وخاصةً بعد الهجوم على سفارة بلاده في بغداد ؟!
إن الفترة القادمة مشوبة بالحذر جرّاء الاستفزازات الأمريكية في منطقة الخليج ، وهو ما دعا بعض المحللين السياسيين إلى الحديث عن قرع طبول الحرب بين إيران من جهة وبين الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل من جهةٍ أخرى !
ربما لن يترك ترامب البيت الأبيض إلا بعد توجيه ضربة عسكرية لإيران ، وذلك بعد إعلان طهران عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمائة ، وعدم التزامها أو خرقها لبعض بنود الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 ؛ اعتراضا منها على عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على تعويضها عن العقوبات الأمريكية التي فُرضت عليها جرّاء تدخلها السافر في شئون دول الجوار ، وعن برنامج الصواريخ الباليستية ودورها البارز في دعم الميليشيات وزعزعة أمن واستقرار المنطقة .. ذلك الاتفاق النووي الذي تنصَّلت منه الولايات المتحدة في مايو 2018 ، بعد أن أعلن دونالد ترامب أنه أسوأ اتفاق في التاريخ !
يرى بعض المراقبين أن توجيه ترامب ضربة عسكرية لإيران ، سيُمكِّنه من رفع شعبيته للعودة إلى البيت الأبيض بعد أربع سنوات ، من خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة ؛ لذلك فهو يتخذ كل التدابير الممكنة لعرقلة الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن من الانفتاح مع إيران ، أو التفكير في العودة إلى الاتفاق النووي معها تارةً أخرى ، من خلال التفكير في فرض عقوبات جديدة على إيران قبل 20 من يناير الجاري ، ومن خلال مناقشة إمكانية توجيه ضربة عسكرية إلى موقع نووي رئيسي في إيران .
إن بوادر التصعيد في منطقة الخليج جاءت بعد تهديد قائد فيلق القدس الحالي ، العميد إسماعيل قاآني ، للولايات المتحدة بأن إيران سترد ردًا قاسيًا على اغتيال القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني ، اللواء قاسم سليماني ، الذي اغتالته أمريكا مع مطلع العام المنصرم 2020 .
من ناحيةٍ أخرى ، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتهام لإيران بأنها تقف وراء الهجوم الصاروخي الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في بغداد ، في العشرين من ديسمبر الماضي ، والذي خلَّف أضرارا مادية فقط ، ولكن ترامب تحدث بلهجة الوعيد بأنه سيُحمِّل إيران المسئولية إذا قُتل أمريكي واحد .
من جانبه ، نفى وزير الخارجية الإيراني ، محمد جواد ظريف ، أي تورط لإيران في الهجوم الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في بغداد ، معربا عن تحمُّل الولايات المتحدة أية عواقب وخيمة ستنجم عن مغامرة غير محسوبة ضد إيران ، وعلى الرغم من ذلك ، فقد شرعت الولايات المتحدة في الحشد العسكري في مياه الخليج ، وهو ما يصب في المصلحة الاستراتيجية لحليفتها إسرائيل لضمان الحفاظ على أمنها القومي ، والتي لم تتوانَ هي الأخرى في السعي لإضعاف إيران ، العدو الأول لها في منطقة الخليج ، فما كان من إسرائيل إلا أن عملت على الاقتراب من الحدود الإيرانية عبر اتفاقيات التطبيع مع عدة دول عربية معادية لإيران ، فضلا عن تعزيز إسرائيل لأسطولها البحري بأكثر السفن الحربية تطورا ، وهي سفينة "شيلد" ألمانية الصنع ، والمزودة بقدرات إلكترونية لاعتراض صواريخ كروز ، وكذلك نسخة بحرية من منظومة القبة الحديدية لإسقاط الصواريخ ، والتي وصفتها إسرائيل بأنها حصن أمان لمنصات الغاز في البحر المتوسط ، في وقت يتصاعد فيه التوتر مع طهران بسبب اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة .
قال الرئيس الإسرائيلي "رئيوفين ريفلين": "إن الاكتشاف السار لحقول الغاز قبالة ساحل إسرائيل جعل من الضروري وضع خطة توفر غطاء حماية".
وترغب إسرائيل في حماية حقول الغاز الطبيعي البحرية القريبة من لبنان ، الذي تجري معه محادثات حدود بحرية بوساطة أمريكية ، حيث ترى البحرية الإسرائيلية في جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران خطرا على حقول الغاز ، خاصةً بعد أن توعدت طهران بالرد على مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة ، في حادثة اتهمت فيها إيران جهاز المخابرات الإسرائيلية بالوقوف على واقعة اغتياله .
إن واشنطن تستعد لتقديم أضخم مساعدات عسكرية لإسرائيل ، وهناك اتفاق جديد للمساعدات العسكرية بعد
السفينة "ساعر-6" التي رست في ميناء حيفا ، فمن المُقرر وصول ثلاث سفن من نفس الطراز مع نهاية هذا العام الجديد 2021 ، ليرتفع بذلك عدد سفن الصواريخ التي تنشرها البحرية الإسرائيلية إلى 15 سفينة ، والتي بمقدورها تنفيذ مهام في مناطق بعيدة يصل مداها إلى البحر الأحمر والخليج .
إن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ، إلى عام 2015 حينما أُبرم الاتفاق النووي الإيراني ، ولكن من الممكن للرئيس الديمقراطي المنتخب "جو بايدن" أن يقوم بإحياء هذا الاتفاق ، وكذلك رفع العقوبات الأمريكية عن إيران ؛ لأنه إن لم تنجح الطرق الدبلوماسية في احتواء الموقف ، فسوف ينهار الاقتصاد الإيراني وتزداد أعداد الميليشيات الحاملة للسلاح المنفلت ، وستتعرض منطقة الشرق الأوسط إلى عواقب وخيمة أسوأ مما هي عليه الآن ، خاصةً بعد التوترات الأخيرة في منطقة الخليج ومحاولة بعض الجهات عرقلة اجتماع المصالحة الخليجية المُزمع عقده في الخامس من يناير الجاري .
إن تفكير ترامب في توجيه ضربة عسكرية لإيران يُذكِّرني بالهجوم المتهور للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن على العراق عام 2003 ، والذي تلقى بسببه رشق بالحذاء من قِبَل المراسل الصحفي العراقي منتظر الزيدي ، أثناء انعقاد مؤتمر صحفي في بغداد في ديسمبر 2008 .. فماذا سيكون مصير ترامب يا تُرى ، إن هو أقبل على مثل هذا التصرف الأحمق وأشعل منطقة الخليج بحرب ضروس لا يعلم مداها إلا الله سبحانه ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق