السبت، 13 فبراير 2021

هل سينجح المجلس الرئاسي الليبي في تحقيق السلام المنشود للدولة ؟!

 كتبت : جيهان الجارحي

انزلقت ليبيا إلى صراع مُسلَح منذ عام 2011 ، الذي شهد سقوط نظام مُعمَّر القذافي ، إثر احتجاجات شعبية على نطاق واسع ، اجتاحت المنطقة العربية فيما عُرفت بثورات الربيع العربي .
ومنذ عام 2014 ، شهد المجتمع الليبي صراعا مُتأججا بين قوتين تحاولان تقاسم النفوذ والسلطة في ليبيا ، إحداهما في العاصمة طرابلس غربي البلاد ، والمتمثلة في حكومة الوفاق المُعترف بها دوليا بقيادة فايز السرّاج ، بينما تتمركز القوة الثانية في بنغازي شرقي البلاد ، والمتمثلة في الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر .
خاضت القوتان اشتباكات عنيفة مع فصائل عسكرية داخلية ، في الوقت الذي سيطرت فيه جماعات مسلحة على مؤسسات هامة تابعة للدولة .
وفي خِضَم تلك الصراعات ، تدخلت أطراف خارجية لها دوافع وأطماع في الثروات الليبية ، وبالتحديد النفط الليبي .
ساندت قوى أجنبية المعسكريْن المتنافسيْن ؛ فساندت تركيا حكومة الوفاق الوطني في طرابلس غرب ليبيا ، بينما ساندت كلٌ من مصر والإمارات وروسيا قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر شرق ليبيا .
ومع اجتياح المشير خليفة حفتر ، بقواته الموالية له ، العاصمة الليبية طرابلس في أبريل 2019 ، وارتكابه جرائم وحشية ، دعت على إثرها منظمة "هيومان رايتس ووتش" إلى إجراء تحقيق عاجل في جرائم حرب وإعدامات تعسفية ، وسط فشل زريع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك في إصدار قرار يجمع عليه كل الأعضاء حول عملية حفتر للسيطرة على طرابلس ، بدأت الأصوات تتعالى على المستوى الدولي تناشد القوى المتصارعة الوقف الفوري لإطلاق النار ، والعودة إلى طاولة الحوار السياسي من أجل تحقيق السلام المنشود وإنهاء الصراع الليبي والفوضى العارمة التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام القذافي عام 2011 .
ثم دعا مؤتمر جنيف إلى تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة اعضاء وحكومة مُوحَّدة ؛ لإنهاء وجود مؤسسات منفصلة تابعة لكل طرف ، وإفساح المجال أمام انتخابات رئاسية وتشريعية .
وظل مصير السلام في ليبيا يشوبه الغموض منذ إقرار الاتفاق الدولي بشأن ليبيا في برلين 19 يناير 2020 ، الذي كان يهدف إلى التوفيق بين أهل الغرب وليس بين الأطراف الليبية المتصارعة ؛ وذلك بسبب عدم الجدِّية في وقف إطلاق النار بين قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا ، وبين قوات الجيش الوطني الليبي بزعامة المشير خليفة حفتر ، بالإضافة إلى الانقسامات الحادة التي تشهدها البلاد ، والتي تضعف وتقوِّض الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في ليبيا .
واتفق المشاركون في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة على صيغة للتصويت عليها في انتخاب المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي ، ومع الأسف فشل أعضاء مُلتقى الحوار الليبي - بعد اجتماع دام يومين في سويسرا - في التوصل إلى إجماع على اختيار أعضاء المجلس الرئاسي الليبي المؤقت .
وبدأت جولة جديدة للحوار الليبي ، وكانت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة "ستيفاني ويليامز" قد أعلنت أن أعضاء اللجنة الاستشارية المنبثقة عن الحوار الليبي ، توصلوا إلى توافق نهائي حول آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة ، وهو ما يمهِّد الطريق للحل السياسي للأزمة الليبية.
ومن المُتوقَع أن تشرف هذه الحكومة الانتقالية على إجراء انتخابات وطنية في ديسمبر 2021 ؛ لتضع نهاية للفوضى والصراع والانقسام الذي تشهده البلاد قرابة عقد من الزمان .
تم عقد مؤتمر صحفي بمناسبة اختتام اجتماعات اللجنة الاستشارية لملتقى الحوار الليبي ، التي امتدت على مدار ثلاثة أيام في مدينة جنيف السويسرية ، وتم اختيار اللجنة التنفيذية التي لاقت تأييدا دوليا ، حيث وضعت اللجنة مصلحة الشعب والوطن في المقدمة ، وارتقت بحق لمستوى الحدث ، ثم جرى التصويت بعد ذلك على آلية اختيار السلطة التنفيذية ، التي تم التوافق بشأنها من قِبَل أعضاء مُلتقى الحوار السياسي عبر الهاتف بطريقة سرية ، تمهيدا لاستقبال الترشيحات للمناصب التنفيذية .
لقد أشادت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا "ستيفاني وليامز" باختيار سلطة تنفيذية جديدة لليبيا ، واصفةً التصويت الذي جرى في مدينة جنيف السويسرية باللحظة التاريخية ، وبذلت جهودًا مُضنية ؛ لذلك نعتقد أنها سوف تستمر في منصبها إلى أن يتفق المجتمع الدولي على مبعوث جديد يكمل المسيرة لتحقيق السلام المنشود ، وإنهاء حقبة من الصراع والفوضى استمرت قرابة عقد من الزمان ، ألقت بظلالها على أمن واستقرار المنطقة العربية ، وخاصةً استقرار وأمن الدولة المصرية الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الليبي .
الجدير بالذكر ، أن "عقيلة صالح" رئيس مجلس النواب الليبي قد دعا إلى المصالحة الوطنية ونبذ الماضي ، وخوض مرحلة جديدة من الشفافية لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام للدولة الليبية ، متجاهلا تماما الجرائم الوحشية التي ارتُكبت من قِبَل المشير خليفة حفتر والقوات الموالية له ، في حق المدنيين في طرابلس وترهونة وغيرها ، والتي ترقى إلى مستوى "جرائم حرب" ، وربما يجلس ضمن أعضاء الترشُح للمجلس الرئاسي مَن تلوثت أيديهم بالدماء ، وبدلا من المُحاسبة خلف القضبان ، إذا بهم يتسللون داخل المشهد السياسي للترشُح للمناصب التنفيذية ! .. فهل يحقق مثل هؤلاء السلام المنشود للدولة الليبية ؟!

التعليقات


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق