كتب /أيمن بحر
يقول اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب في حديث إنه (عوفاديا يوسف (بالعبرية: (הרב עובדיה יוסף) (عبد الله یوسف 24 سبتمبر1920 - أكتوبر 7 أكتوبر 2013) حاخام مزراحى حريدى باحث فى التلمود. كان الحاخام الأكبر السابق لليهود السفارديم فى إسرائيل على الرغم من أنه كان من العراق، أى مزراحى وليس سفاردى. كان أيضاً الزعيم الروحى لحزب شاس السياسى الممثل فى الكنيست الإسرائيلى.
كان يحظى بالتبجيل، وخاصة فى مجتمعات السفارديم والمزراحيين. يعتبره الكثيرون أهم شخصية دينية فى الجيل الحالى، وهو مصدر الفتاوى الدينية. سعى عوفاديا يوسف لتحسين أوضاع اليهود السفارديم والمزراحيين فى دولة إسرائيل. وهو يؤمن بأن التصويت فى الإنتخابات البرلمانية، والمشاركة فى الحياة السياسية هو المفتاح لتحسين تلك الأوضاع. من خلال زعامته الدينية لحزب شاس، كانت له العديد من المواقف المثيرة للجدل فى السياسة الإسرائيلية.
فى عام 1924م، إنتقل عوفاديا يوسف مع عائلته من البصرة حيث إنتقل الى القدس المحتلة. وهناك تلقّى تعليمه الدينى على يد الحاخام عزرا عطية. وهناك قصة مشهورة تروى عن كيفية إستطاعة الحاخام عطية جعل عوفاديا يستكمل تعليمه الدينى بعدما إنقطع عن الدروس نظراً لفقر أبيه وحاجته لإبنه كى يساعده فى العمل. تبدأ القصة بعد إنقطاع الشاب عن الدرس حيث قرر الحاخام عطية زيارة منزل والد عوفاديا، ولكنه شعر بالصدمة من الفقر الذى شاهده هناك. وأوضح له والد عوفاديا أنه يدير محل بقالة صغيراً ويحتاج لولده للعمل لديه. حاول الحاخام عطية إقناع الوالد بأهمية تعلم التوراة ولكن دون جدوى. فى صباح اليوم التالى، عندما دخل الأب متجره وجد الحاخام عطية يقف هناك وهو يرتدى مئزر العمل. قائلاً له "لقد قلت أنك بحاجة لشخص لمساعدة ولا أنت لا تقدر على الدفع. أنا هذا الشخص الذى سيعمل دون مقابل. فتعليم إبنك أكثر أهمية من وقتى!. وهنا سمح الأب أخيراً لإبنه بمواصلة التعليم فى المدارس الدينية اليهودية.
فى عام 1947 دعى يوسف الى القاهرة من قبل الحاخام إهارون شويخا، للتدريس فى المدرسة الدينية اليهودية. ثم تولّى رئاسة (محكمة الحاخامية) فى القاهرة. وجد يوسف أن الإلتزام الدينى بين المجتمع اليهودى بأسره وقيادته، بما فى ذلك الحاخامات المحليين، ضعيف. من أكثر الأمثلة على ذلك عدم وجود أى نظام للكشروت، الأمر الذى أدى به الى الصراع بينه وبين أعضاء آخرين فى المجتمع. فى أعقاب هذه الأحداث إستقال يوسف من منصبه، بعد عامين من وصوله فى القاهرة. بعد ذلك بسنة واحدة تقريباً، وعاد الى إسرائيل.
بعد عودته الى إسرائيل، وخدم فى المحكمة الحاخامية فى بتاح تكفا. وفى 1951-1952، نشر كتابه عن قوانين عيد الفصح اليهودى بعنوان عوفاديا تشازون'. لاقى الكتاب ثناءً كبيراً وحصل على موافقة من كبار الحاخامات فى تلك الفترة. فى عام 1970، حصل عوفاديا يوسف على جائزة إسرائيل لأدب التوراة.
عين عوفاديا في محكمة الإستئناف اليهودية العليا فى القدس، ثم أصبح كبير حاخامات السفارديم فى تل أبيب فى عام 1968، ثم تم إنتخابه كبيراً لحاخامات السفارديم فى إسرائيل فى عام 1973.
فى احدى مقالات صحيفة معاريف عام 2004، صُنّف الحاخام يوسف بإعتباره واحد من أكثر الحاخامات تأثيراً فى الرأى العام فى إسرائيل.
لاقى ترشيحه إنتقادات واسعة من البعض، حيث كان يتنافس ضد الحاخام الحالى إسحاق نسيم. تميزت العملية الإنتخابية بالتوتر والخلاف السياسى. هذا التوتر بين الحاخامين يرجع الى الأربعينيات عندما كان أحدث الحاخام يوسف ثورة ضد بعض التعاليم الدينية. وفى نفس الإنتخابات، أختير الحاخام شلومو غورين حاخام أكبر للاشكناز فى إسرائيل. كانت العلاقة بين الإثنين صعبة. مجلس الحاخامية الكبرى كان يسيطر عليه الحاخام غورين، مما جعل الحاخام يوسف يقاطع جلساته فى بعض الأوقات. خلال السنوات التى قضاها رئيساً للحاخامية، تعامل يوسف مع مجموعة متنوعة من القضايا الإجتماعية الهامة. من أشهر فتاويه فى تلك الفترة:
• أنه يجوز أن يعطى إقليم من أرض إسرائيل من أجل تحقيق سلام حقيقى. وبعد إتفاقية أوسلو التى أعقبها الإنتفاضة الفلسطينية الثانية تراجع عن هذا الرأى.
• أنه يجوز لليهودى أن يتزوج من قرائية.
• السماح لزوجات جنود الجيش الإسرائيلى الذين فُقدوا فى المعارك من فترة طويلة بالزواج مرة أخرى.
• أنه لا ينبغى للمرأة إرتداء شعر مستعار كشكل من أشكال تغطية الرأس، ولكن ينبغى أن إرتداء الحجاب بدلاً من ذلك. (وفقاً للشريعة اليهودية يجب على النساء اليهوديات المتزوجات تغطية شعورهن فى الأماكن العامة لإظهار التواضع).
• قال إن الجنود الإسرائيليين يسقطون فى المعارك لأنهم لا يراعون تعاليم اليهودية.
• فى عام 1990 إستخدم الحاخام يوسف منصبه كزعيم شاس الروحى للضغط على رئيس الوزراء إسحاق شامير للموافقة على اجراء مفاوضات مع الدول العربية من أجل التوصل الى تسوية سلمية للصراع العربى الإسرائيلى.إلا أن شامير رفض التعهد بأى التزامات. مما جعل شاس تنسحب من الإئتلاف مع الليكود، وحاول تشكيل شراكة مع حزب العمل لكنه فشل.
• منذ الثمانينيات، وافق الحاخام يوسف على مشاركة شاس فى معظم الحكومات الإسرائيلية، ما عدا الحكومتين الأخيرتين لأرئيل شارون منذ يناير 2003. فى الكنيست السابق كان شاس واحد من الأحزاب القليلة التى كانت فى المعارضة جنباً الى جنب مع حزب ميريتس اليسارى و(القائمة العربية الموحدة). يرجع هذا الى حد كبير بسبب حصول شينوى على ثالث أكثر عدد من المقاعد فى تلك الإنتخابات ومطالبة حزب شينوى لتشكيل حكومة من دون شاس.
• فى عام 2005 أثار يوسف عاصفة من الإنتقادات فى إسرائيل عندما دعا الله فى خطبة دينية أن يقضى على رئيس الوزراء السابق أرييل شارون بسبب خطته للإنسحاب من قطاع غزة. وقالت تقارير إن عوفاديا قال فليقض الله عليه.. إنه يعذب شعب إسرائيل.
• في حادثة أخرى نقلت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فى 7 سبتمبر 2005 أن الكارثة التى سببها الإعصار كاترينا فى الولايات المتحدة هى عقاب للرئيس الأميركى السابق جورج بوش بسبب دعمه لخطة الإنسحاب الإسرائيلى من غزة كما إعتبر حجم الدمار الذى خلفه الإعصار فى مدينة نيو أورليانز سببه أن أغلب سكانها سود لا يتلون التوراة.
• فى إنتخابات الكنيست عام 2009 وعد الحاخام الشرقى الناخبين الإسرائيليين بدخول الجنة بمجرد تصويتهم لصالح حركته. فى إنتخابات الرئاسة الإسرائيلية عام 2007، أيد الحاخام يوسف صديقه شمعون بيريز، الذى فاز فى الإنتخابات بعد دعم شاس له بأعضائه الاثنا عشر فى الكنيست.
فى أحد دروسه الدينية فى مايو 2000 قال إن العرب صراصير يجب قتلهم وإبادتهم جميعا"، ووصفهم بأنهم أسوأ من الأفاعى السامة.
فى أغسطس/آب 2004 قال عوفاديا يوسف فى خطبة بثتها الفضائيات الإسرائيلية إن "اليهودى عندما يقتل مسلماً فكأنما قتل ثعباناً أو دودة ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلاّ من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعى أن يحدث.
ظهر بعدها على القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى وأعاد كلامه مع تأصيله من وجهة النظر اليهودية، زاعما أن الدين اليهودى يحث على التخلص من كل من يسكن فلسطين وأنه جاء فى التلمود إذا دخلت المدينة وملكتها فاحرص على أن تجعل نساءها سبايا لك ورجالها عبيداً لك أو قتلى مع أطفالهم.
فى إطار محاولته لإعطاء صبغة دينية على الأحداث التى يشترك فيها الإسرائيليون زعم فى تقارير أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فى الحرب الأخيرة على غزة أن إمرأة حسناء قال إنها راحيل والدة النبى يوسف (عليه السلام) كانت تساعد الجنود الإسرائيليين فى حربهم وإرشادهم الى مكان مقاتلى حركة حماس.
نفق عوفاديا يوسف فى 7 أكتوبر2013 عن عمر يناهز 93. وورثه الحاخام شالوم كوهين.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق