الجمعة، 7 يناير 2022

لهيب حرب اليمن يمتد لتهديد الملاحة الدولية فى البحر الأحمر.

 متابعة /أيمن بحر

يعتبر إحتجاز الحوثيين لسفينة إماراتية تحولاً نوعياً غير مسبوق بتداعيات إقليمية غير محسوبة العواقب، خصوصاً وأنه كان هناك دائماً توجس من أن يمتد لهيب الحرب فى اليمن ليهدد ممرات الملاحة الدولية فى البحر الأحمر.
فى تطور ملفت إستولى الحوثيون(الإثنين الثالث من يناير/ كانون الثانى 2022) على سفينة ترفع العلم الإماراتى فى جنوب البحر الأحمر قبالة مدينة الحديدة اليمنية، سفينة أكد التحالف الذى تقوده الرياض أنها كانت تنقل معدات طبية، فيما أصر الحوثيون بأن حمولتها هى عبارة عن معدات عسكرية.
ومساء نفس اليوم بث الحوثيون عبر قناة المسيرة التابعة لهم مشاهد قالوا إنه تم تصويرها من على متن السفينة وفى بعض مشاهد الفيديو ظهرت سيارات عسكرية وقطع أسلحة رشاشة وذخيرة.
ويرى مراقبون أن هذا التطور يشكل تحولاً نوعياً فى الحرب المدمرة التى تدور رحاها منذ سبع سنوات التى مزقت اليمن بين مناطق نفوذ الحوثيين الذين يسيطرون على معظم مناطق شمال البلاد خصوصاً صنعاء ومناطق نفوذ حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادى المعترف بها دولياً، والمدعومة عسكرياً من قبل التحالف.
وبهذا الشأن كتبت صحيفة "آوغسبورغه الغماينه" الألمانية (السادس من يناير)، معلقة على الوضع المأساوى فى اليمن وغياب أى أفق للحل: إذا كان هناك ترتيب عالمى ما للأزمات الإنسانية، سيكون اليمن بلا شك في الصدارة (..)، وبالكاد إنتبه العالم للكارثة الإنسانية هناك والتى يصفها الخبراء بأنها الأسوأ فى العالم. ويذكر أنه منذ عام 2015، قدمت برلين أكثر من 123 مليون دولار أمريكى لدعم اليمن لمنظمة يونيسف وحدها لتمكينها من تلبية الإحتياجات الإنسانية العاجلة. غير أن حادثة البحر الأحمر تحمل معها بوادر كارثة أوسع، قد تتمدد معها الحرب بالوكالة فى المنطقة والتى تخوضها إيران عبر الحوثيين ضد غريمها الإقليمى: السعودية وهذه المرة عبر تهديد مباشر للملاحة البحرية. ولطالما كيلت الإتهامات للحوثيين بإستخدام زوارق مفخخة لمهاجمة سفن ومرافئ ومنشآت نفطية سعودية على البحر الأحمر.
شبكة الإعلام الألمانية إير.إن.دي (الرابع من يناير/ كانون الثانى 2021) كتبت معلقة "كل شهر إضافى من الحرب هو شهر غير مرغوب فيه بالنسبة للرياض. فالحوثيون يهاجمون المملكة الآن من جارتها الجنوبية تقريباً أسبوعياً بالصواريخ وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار ويبدو أن ذخيرة المملكة الدفاعية بدأت تنفذ. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً ، نقلاً عن مصادر حكومية، أنها طلبت من حلفائها فى الولايات المتحدة والخليج وأوروبا بإمدادات جديدة. وإستندت الشبكة الى رأى الخبير الألمانى غيدو شتاينبرغ من مؤسسة العلوم والسياسة فى برلين الذى قال إن "تكاليف (الحرب) باتت باهظة ومخاطرها أيضاً مع عدم وجود أمل فى النصر.
سارعت واشنطن لإدانة الحادث وقال المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس فى بيان إن هذا العمل ينتهك حرية الملاحة فى البحر الأحمر ويمثل تهديداً للتجارة والأمن فى المنطقة. وإستطرد موضحاً هذه الأعمال من جانب الحوثيين تأتى فى وقت يتعين فيه على كل الأطراف أن تخفض التصعيد وتعود الى محادثات سياسية شاملة. وتابع نناشد الحوثيين بالإفراج فوراً عن السفينة وطاقمها بدون أن يصيبهم آذى ووقف كل أعمال العنف التى تتسبب فى إنتكاسة العملية السياسية الرامية لإنهاء الحرب فى اليمن.
من جهتها أدانت السفارة الفرنسية فى اليمن إحتجاز السفينة الإماراتية وقالت فى تغريدة على تويتر إن فرنسا تدعو جميع الأطراف المعنية الى التوصل الى حل يسمح بالإفراج عن السفينة وعن طاقمها، وشددت على أنها تذكر بالتزامها بحرية الملاحة وبأمن المنطقة وإستقرارها. أما بعثة الإتحاد الأوروبى فى اليمن، فقالت إن إحتجاز السفينة الإماراتية روابى أمر يبعث على القلق البالغ. وأفادت، بأن ذلك يزيد من مخاطر التصعيد بشكل أكبر ويقوض الجهود الجارية لإنهاء الإقتتال والحل السياسى للأزمة. وطالبت البعثة الأوروبية بضبط النفس لتلافى المزيد من التوترات. أما قوات التحالف فأكدت أن "إنطلاق عمليات القرصنة والإختطاف من أى ميناء فى اليمن سيجعله هدفاً عسكرياً مشروعاً معتبرة أن إختطاف ميليشيات الحوثى السفينة (روابى) إنتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولى.
أكد الحوثيون أن السفينة المعتدية التى تم إحتجازها تحمل معدات عسكرية من آليات وأجهزة وغير ذلك من المعدات التى تستخدم فى العدوان ضد الشعب اليمنى. وأضافوا أنه منذ أسابيع وهذه السفينة الإماراتية خاضعة للرقابة من قبل قواتنا وقد نفذت أعمالًا عدائية عدة ومارست أنشطة معادية فى المياه الإقليمية اليمنية (..). خلال الأسابيع الماضية كانت قواتنا تراقب السفينة وهى تتولى نقل كميات من الأسلحة التى تستخدم فى إستهداف الشعب اليمنى. وتابعوا بالقول على لسان الناطق العسكرى بإسمهم العميد يحيى سريع (الثالث من يناير) بعد عملية الرصد لنشاط السفينة صدرت التوجيهات بالإستيلاء عليها ضمن الدفاع المشروع عن بلدنا ونقلها الى ميناء الصليف (غربى البلاد)، وهذه أول عملية تنفذها قواتنا فى عرض البحر لأول مرة. وأكد مراقبون أن عمليات القرصنة لها طابع نفسى وإستعراضى فى ظل الحرب النفسية أيضاً التى يخوضها أطراف الحرب فى اليمن.
وهذا النوع من العمليات يثير أيضاً إهتمام الرأى العام العالمى لحرب تكاد تصبح منسية. صحيفة غارديان البريطانية (31 ديسمبر/ كانون الأول 2021) أثارت ما أسمته بـ الحرب المنسية" فى اليمن وكتبت معلقة أن " الأمم المتحدة حذرت مؤخراً، بنهاية العام المنصرم سيكون 377.000 يمنى قد لقوا حتفهم بعد سبع سنوات مدمرة من الحرب وفى كثير من الحالات بسبب التداعيات غير المباشرة لهذه الحرب مثل الجوع (..) ما يفاقم الكارثة الإنسانية التى وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ فى العالم. وقبل عيد الميلاد بقليل، أعلن برنامج الغذاء العالمى أنه إضطر الى قطع المساعدات بسبب عدم كفاية الأموال، بعد ثلاثة أشهر من تحذيره من أن 16 مليون يمنى يتضورون جوعاً حتى الموت (...) بعد إغلاق الحدود والمجال الجوى (..). يجب عدم السماح لهذا الصراع بالإختفاء من جدول الأعمال.
أعلن تحالف دعم الشرعية فى اليمن الذي تقوده السعودية أن ميناء الحديدة يشكل مركزاً رئيسياً لإستقبال وتجميع الصواريخ الباليستية الإيرانية (..)، الحديدة والصليف مركزان رئيسيان للأعمال العدائية وتهديد الأمن البحرى". وهدد التحالف الحوثيين بإنتقام عقابى فى حال لم يخلو سبيل السفينة الإماراتية والا "فإن موانئ إنطلاق وإيواء عمليات القرصنة والإختطاف والسطو المسلّح وعناصر القرصنة البحرية التى حدثت، سيجعلها أهدافاً عسكرية مشروعة وفق نصوص وأحكام القانون الدولى الإنسانى وقوانين البحار ذات الصلة. وتتهم السعودية عدوها الأول إيران، بتقديم دعم عسكرى للحوثيين، خصوصاً على مستوى الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة التى تستخدم الأراضى السعودية. ويذكر أن البحرية الأمريكية ضبطت أكثر من مرة شحنات أسلحة فى مياه المنطقة قالت إنها موجهة من إيران الى الحوثيين. غير أن طهران تنفى هذه الإتهامات وتؤكد أن دعمها للحوثيين لا يتجاوز المستوى السياسى. وتعتبر إيران الدولة الوحيدة التى تقيم علاقات دبلوماسية مع الحوثيين.
ويشكل البرنامج الصاروخى الإيرانى مصدر قلق لدول المنطقة والقوى الغربية. وتملك طهران واحدا من أكبر برامج الصواريخ فى الشرق الأوسط،. برنامج تعتبره درعاً ضد إسرائيل وخصومها الإقليميين فى حال إندلاع الحرب. ويذكر أن الدولة العبرية تهدد بعمل عسكرى ضد برنامج إيران النووى فى حال فشلت المفاوضات لإحياء إتفاق عام 2015. وبهذا الصدد أورد موقع مينا ووتش (22 ديسمبر) نقلاً عن تقرير لـمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ورد فيه تحذير من تنامى الترسانة الصاروخية لإيران سواء من حيث الحجم أو على مستوى المدى والدقة. وأضاف التقرير أن "طهران ضاعفت الأهمية الإستراتيجية لأنظمة صواريخها التى يمكن أن تهدد القوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة. وأضاف التقرير أنه تم اكتشاف عدد من مجمعات الصواريخ تحت أرضية أو ما يسمى بـ مدن الصواريخ" منذ عام 2015. ويُعتقد حالياً أن هناك موقعاً واحداً على الأقل لتخزين الصواريخ الباليستية وإطلاقها، مدفوناً بعمق فى كل مقاطعات البلاد تقريباً، كما تبين ذلك من خلال صور الأقمار الصناعية ".
قد تكون صورة لـ ‏محيط‏

٠ تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق