رافع آدم الهاشميّ
.........
قصيدة شعريَّة تتأَلَّف من (43) ثلاثٍ وَ أَربعينَ بيتاً
.........
نُريدُ مِنَ الإِلهِ وَ لا يُريدُ ... فَيحيا الغَمُّ فينا وَ الصَّديدُ
فنَشقى في الْهُمومِ بغَيرِ ذنبٍ ... نـَراهُ وَ لا يَرانا مَنْ يُبيدُ
وَ نَدعو اللهَ صِدقاً في خشوعٍ ... تهاوى تَحتَهُ الْدَمعُ الْعَديدُ
فلا نجِدُ الْجَوابَ وَ نحنُ ندري ... بأَنَّ اللهَ مُقتَدِرٌ مَجيدُ
وَ نبقى في دُعاءٍ مُستفيضٍ ... توارى خَلفَهُ الْحُزنُ الشَّديدُ
نـُمَنِّي النَّفسَ أَنْ نَجِدَ الأَماني ... فَيأَتي نحوَنا ظُلْمٌ عَتيدُ
فتَبتَئِسُ القُلوبُ بنا حَيارى ... وَ فيها قَد ثوى جَمرٌ حَصيدُ
وَ تَنتَفِضُ العُقولُ لَنا بجُرحٍ ... تمادى نازِفاً فيهِ الوَصيدُ
وَ ننظُرُ في الوَرى بَحثاً عَميقاً ... عَنِ الآهاتِ إِنْ فيها وَطيدُ
فهَا ذي تَستَغيثُ بُعَيدَ هَتكٍ ... عَنيفٍ جاءَها وَ هُوَ الْمَديدُ
وَ ها ذي في بُكاءٍ وَ هيَ ثكلى ... لاِبنٍ واحِدٍ وَ هُوَ الشَّهيدُ
وَ ها ذي في عَذابِ الفَقرِ تُكوى ... بجُوعٍ حَثــَّهُ العَوَزُ الْعَقيدُ
وَ ها ذي هَدَّها مَرَضٌ عُضالٌ ... تداعى بَعدَهُ الأَمَلُ الْوَجيدُ
وَ هذا الطِفلُ في يُتمٍ مُميتٍ .... يُحيطُ بهِ الأَنينُ فَذا فَقيدُ
وَ هذا صائِمٌ عَقَّ الْخَطايا ... تَقيٌّ عابـِدٌ وَ هُوَ الشَّريدُ
وَ تِلكَ بكُلِّ عِهرٍ وَ هيَ تُفدى ... بطَاهِرَةٍ لها شَرَفٌ نـَجيدُ
وَ تِلكَ تَحومُ حَولَ النَّاسِ مَكراً ... فَتحصُدُ ما أَرادَ بها الرَّشيدُ
وَ تِلكَ تُخادِعُ الأَبرارَ دَوماً ... فيَصبو نحوَها بَرٌّ مُريدُ
وَ ذاكَ قَضى الْحَياةَ ببَحرِ سُحتٍ ... يَفيضُ عَليهِ أَموالاً تَزيدُ
وَ ذاكَ مَضى بقَهرِ ذَوي عَفافٍ ... بقَلبٍ مَيِّتٍ وَ هُوَ الْحَديدُ
فأَينَ العَدلُ يا ذا العَدلِ إِنَّا ... نُعاني حُرقةً فيها قَديدُ؟
فَهلْ خُدِعَتْ أَكَفٌّ و هيَ تَدعو ... بلَيلٍ يَشتَكي مِنهُ الطَريدُ؟!
أَمِ الدُّنيا اعتِباطٌ في اعتِباطٍ ... غَدا فيها الْظَلومُ هُوَ السَّعيدُ؟!
وَ أَمسى الأَتقياءُ بها ضَحايا ... يُعانونَ اضطِهاداً ذا وَعيدُ!
أَمِ الإِنصافُ أَضحى زَيفَ وَهمٍ ... هَوى في جُبِّهِ الْعَفُّ الْبَليدُ؟!
فَهَلْ نَجِدُ الْجَوابَ بكُلِّ صِدقٍ ... أَمِ الأَقوالُ يَحكُمُها الزَّهيدُ؟!
وَ ذي الْكَلماتُ مِنَّا وَ هيَ حُبلى ... بأَسئلَةٍ لَها دُرٌّ قَصيدُ
عَشِقنا فيكَ عَدلاً ليسَ يَفنى ... بصِدقٍ عِشقُنا فيهِ النَّشيدُ
فجاءَ مِنَ السَّما صَوتٌ حَنينٌ ... يُجيبُ بدونِ هَمسٍ لا يُعيدُ
هيَ الدُّنيا تزولُ وَ ليسَ يَبقى ... سِوى عَمَلٍ بهِ الْثــَّمَرُ الْمُفيدُ
يَكونُ الْكُلُّ فيها بامتِحانٍ ... ليعلَمَ مَنْ يُسيءُ وَ مَنْ يُجيدُ
فأَمَّا الكافِرونَ فَفي جَحيمٍ ... يَدومُ وَ هُمْ لَهُمْ أَلَمٌ مَزيدُ
وَ أَمَّا الْمُؤمِنونَ فَفي نعيمٍ ... جَزاءً دائِماً فيهِ الْجَديدُ
وَ هَلْ مِنْ عاقِلٍ يَبتاعُ شَيئاً ... يَزولُ فَلا بقاءَ بهِ الرَّصيدُ؟!
وَ هَلْ مِنْ دائِمٍ ما كانَ يَفنى ... يُقاسُ بما يَزولُ وَ ذا يُفيدُ؟!
فَصَبراً إِنَّما يَومُ احتِكامٍ ... لِعَدلٍ قادِمٌ حَتماً يُشيدُ
يَموتُ الْخَلْقُ قَسراً كَيفَ كانوا ... وَ إِنَّ القَبرَ يَسكنُهُ الْوَحيدُ
سيأَتي الدَّهرُ سِلْمَاً في رَخاءٍ ... مَدى الأَيَّامِ يَخلُدُ لا يَكيدُ
فإِنَّ الوَعدَ عَهدٌ مُستدامٌ ... يَكونُ لَهُ امتِثالٌ مُستَجيدُ
هُناكَ الفائِزونَ بكُلِّ سَعدٍ ... لَهُمْ في جَنَّةٍ عَيشٌ رَغيدُ
فَيوقِنُ كُلُّ مَخلوقٍ بأَنَّ ... إِلهَ الكَونِ ذو عَدلٍ حَميدُ
وَ ما تأَجيلُ حُكمٍ أَو قَصاصٍ ... مُوافَقَةٌ بَدا فيها عَنيدُ
فكونوا ما تشاؤونَ اختياراً ... وَ لا إِكراهَ ذا عَدلٌ فَريدُ.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق